نشرت صحيفة ناشيونال انترست الأمريكية، تقريراً عن المخاطر التي تهدد الملاحة الدولية في مضيق باب المندب، وتأثير ذلك على أمريكا.
وتقول الصحيفة في تقريرها الذي ترجمه "يمن شباب نت" إن عدد قليل نسبيا من الأمريكيين من يدرك أن هناك حرب أهلية مستعرة في اليمن وعدد أقل من ذلك بكثير بإمكانه أن يخبرك أين يقع مضيق باب المندب - أو لماذا يؤثر مصيره عليهم .
وأضاف التقرير أن" الحرب الأهلية في اليمن والنزاع الحدودي بين إريتريا وجيبوتي، يعني أن هنالك صراعاً مستمراً يحيط بالمضيق، في حين أنه وفي السنوات الأخيرة نفذ كلٌ من الولايات المتحدة ومنظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) والاتحاد الأوروبي، عمليات لمكافحة الإرهاب ومكافحة القرصنة في المنطقة.
وأشار التقرير إلى أن تدخل إيران في اليمن جعل من الوضع الخطير أساساً، أكثر سوءًا حيث سمحت الفوضى للقاعدة في شبه الجزيرة العربية بالازدهار والتطور لتصبح واحدة من أكثر التهديدات الإرهابية قوة بالنسبة للولايات المتحدة.
نص التقرير"
عدد قليل نسبيا ًمن الأمريكيين من يدرك أن هناك حرب أهلية مستعرة في اليمن وعدد أقل من ذلك بكثير بإمكانه أن يخبرك أين يقع مضيق باب المندب - أو لماذا يؤثر مصيره عليهم .
مضيق باب المندب يعد ممراً مائياً استراتيجياً يقع بين جيبوتي واليمن ويربط البحر الأحمر بالمحيط الهندي ويمتد أضيق جزء منه فقط لمسافة ثمانية عشر ميل إذ يتوجب على الصادرات من الخليج (الفارسي) وآسيا والمتجهة إلى الأسواق الغربية أن تمر عبر المضيق قبل مرورها عبر قناة السويس ولعل باب المندب يعد أكثر مضيق في العالم خطورة و تعرضاً للتنافس من حيث الجغرافيا السياسية.
الحرب الأهلية في اليمن والنزاع الحدودي بين إريتريا وجيبوتي يعني أن هنالك صراعاً مستمراً يحيط بالمضيق في حين أنه وفي السنوات الأخيرة نفذ كلٌ من الولايات المتحدة ومنظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) والاتحاد الأوروبي ،عمليات لمكافحة الإرهاب ومكافحة القرصنة في المنطقة. وعلاوة على ذلك لدى كل من الأمريكيين والصينيين والألمان والفرنسيين والقطريين والإماراتيين والسعوديين واليابانيين والإيطاليين، شكلاً من أشكال الوجود العسكري بالقرب من باب المندب
أما الدولتان الواقعتان على جانبي باب المندب وهما جيبوتي واليمن فبالكاد تشهد حالة من الاستقرار حيث تعاني جمهورية جيبوتي الأفريقية الصغيرة من الفساد السياسي والعجز الاقتصادي والمكائد الدولية فعلى سبيل المثال مهد رئيس جيبوتي إسماعيل عمر جيلة لنفسه تولي فترة رابعة مدتها خمس سنوات في عام 2016 بعد أن قام البرلمان بطريقة مثيرة للريبة بإلغاء مادة دستورية كانت تقيد ذلك بفترتين رئاسيتين فقط في عام 2010.
ووفقا لمؤشر الحرية الاقتصادية في مؤسسة التراث فإن جيبوتي تحتل المرتبة 171 من بين 180 دولة مسجلة من حيث الحرية الاقتصادية كما تتركز السلطة بشكل كبير في يد الرئيس حيث في السنوات الأخيرة لم يحدث هناك أي تقدم ملحوظ في الحد من الفساد الحكومي.
وحتى مع كل المشاكل الاقتصادية والسياسية التي تواجه جيبوتي فإنه يجري مغازلتها والتملق لها من قبل العديد من القوى الخارجية بسبب موقعها الاستراتيجي على باب المندب فهي موطن للقاعدة العسكرية الدائمة الوحيدة في أمريكا في كامب ليمونير، إضافة إلى أن كلاً من فرنسا وإيطاليا وألمانيا واليابان لديها بالفعل وجود عسكري بقوات تختلف مستوياتها هناك.
وفي العام الماضي افتتحت الصين أول قاعدة عسكرية دائمة بالخارج في جيبوتي على الرغم من أن القاعدة قد تم وصفها في البداية بأنها "منشأة لتقديم الإمدادات اللوجستية" إلا أنها قادرة على استيعاب ما يصل إلى عشرة آلاف جندي وقد استخدمها المارينز الصينيون بالفعل في تمارين إطلاق نار مباشر تشمل مدرعات ومدفعية.
وكما هو الحال مع معظم الأماكن الواقعة ضمن خطة (الحزام والطريق) الصينية فقد استثمرت بكين بشكل كبير في البنية التحتية لجيبوتي عن طريق خفض كلفة الصفقات الصديقة التي تعزز المصالح الجيوسياسية للصين على حساب سيادة الدولة المستفيدة. فعلى سبيل المثال تقترض جيبوتي الأموال من الصين بمعدل ينذر بالخطر وتبلغ حصة بكين من الديون الجيبوتية 91 في المائة.
بالإضافة إلى ذلك فإن وجود الصين في جيبوتي له تأثير مباشر على العمليات العسكرية الأمريكية في المنطقة إذ يتم اتهام الصينين "بالتشويش " بالليزر على الطائرات الأمريكية التي تعمل بمحاذاتها.
وفي وقت سابق من هذا العام، ألغى الرئيس "جيله" بطريقة متحدية عقداً مع "موانئ دبي العالمية" وهي واحدة من أكبر شركات تشغيل الموانئ في العالم وقام بتأميم محطة الحاويات "دورليه " وخلال جلسة استماع للكونغرس في الآونة الأخيرة، أعرب مشرعون عن مخاوفهم من أن جيبوتي قد قامت بتأميم الميناء لإعطائه للصين كهدية وقال قائد القوات الأمريكية في أفريقيا الجنرال توماس والدهاوزر، إنه إذا فرضت الصين قيودًا على استخدام الميناء فقد يؤثر ذلك سلبًا على إعادة تزويد قاعدة ليمونير وقدرة سفن البحرية على إعادة التزود بالوقود في جيبوتي.
وفي حال بدت الأمور سيئة على الشاطئ الجنوبي لباب المندب (جيبوتي ) فبالكاد ستكون أفضل على شواطئه الشمالية في اليمن.
ولطالما كان اليمن باعتباره الموطن السابق لأسامة بن لادن، معقلا للتطرف الإسلامي، كما أنها تعتبر دولة فاشلة وواقعة في في ورطة حرب أهلية مريرة نتجت عن الفوضى المتوقعة الناجمة عن الربيع العربي حيث يمتلئ البلد بالمجموعات الإرهابية وحركات التمرد المتداخلة والمتعددة.
وعلاوة على ذلك جعل تدخل إيران في اليمن من الوضع الخطير أساساً، أكثر سوءًا حيث سمحت الفوضى للقاعدة في شبه الجزيرة العربية بالازدهار والتطور لتصبح واحدة من أكثر التهديدات الإرهابية ،قوة ً بالنسبة للولايات المتحدة.
أما التهديد الذي تتعرض له الملاحة عبر باب المندب من اليمن فهو تهديد حقيقي إذ أنه و في عام 2016 أطلق المتمردون الحوثيون المدعومون من إيران صواريخ على سفينة حربية تابعة للبحرية الأمريكية بالقرب من باب المندب، كما قامت قوات الحوثيين بنشر الألغام على طول الساحل اليمني واستخدمت زورق متحكماً فيه عن بعد ومعبأ بالمتفجرات، في هجوم فاشل على ميناء المخا في اليمن وذلك في يوليو / تموز 2017.
وكان آخر ذلك هو شن الحوثيين عدة هجمات بحرية غير ناجحة ضد السفن في البحر الأحمربما في ذلك الزوارق الحربية التي ألحقت ضرراً بناقلة نفط سعودية بالقرب من ميناء الحديدة في أبريل الماضي.
وعندما تجمع بين المشاكل السياسية والاقتصادية لجيبوتي مع التحديات الأمنية التي يواجهها اليمن ، تحصل على مزيج جيوسياسي قاتل يهدد بشكل مباشر الملاحة الدولية والمصالح الأمريكية.
وبالنظر إلى أن ناقلات النفط تنقل حوالي 4.7 مليون برميل من النفط يومياً عبر باب المندب فإن المخاطر تصبح أكبر. ومع تزايد الانخراط الصيني، تدور حرب أهلية لا تنتهي في اليمن الذي أصبح أرضاً خصبة للإرهاب. وبالنظر إلى كل ذلك مضافاً اليه الدور الإيراني المتزايد في المنطقة ،فإنه لا يمكن للولايات المتحدة تجاهل باب المندب.