يودع سكان مدينة تعز (جنوبي غرب اليمن) أخر أيام شهر رمضان، في حين تتواصل استعداداتهم وتحضيراتهم للاحتفال بعيد الفطر المبارك، في ظل تفاقم المعاناة وتدهور الاقتصاد، وارتفاع الأسعار التي أدت إلى استنفاد الإمكانات المادية لدى شريحة واسعة من الأهالي نتيجة الحرب الدائرة في المدينة منذ ثلاثة أعوام.
ورغم ذلك، لا تخلو شوارع المدينة من مظاهر الاستقبال بقدوم عيد الفطر وإقبال السكان على شراء الحاجيات وممارسة طقوسهم المعتادة وفقاً للإمكانيات المتوفرة لديهم.
وترى الكثير من العائلات في تعز أن العيد ليس مهماً في أن تقتصر طقوسه على شراء الملابس وغيرها من المستلزمات بقدر الشعور بالبهجة والفرحة في نفوسهم التي تدهورت مشاعرها بسبب انعكاسات الحرب.
حركة شرائية
شهدت الأسواق والمحلات التجارية نشاطا في الحركة الشرائية، واكتظت بالمتسوقين المقبلين على شراء الملابس وحلويات العيد، في مشهد يوحي بأن الأمور طبيعية والناس تعيش لحظات الفرح باستقبالهم العيد، رغم تجدد المعارك التي تشهدها العديد من الجبهات المحيطة بالمدينة والقصف الذي تتعرض له الأحياء السكنية بين الحين والأخر من قبل مليشيا الحوثي الانقلابية؛ فضلاً عن الانفلات الأمني التي تشهده المدينة.
ورغم تراجع أعداد "البسطات" على ما كانت عليه الأعوام السابقة قبل الحرب إلا أنها شهدت إقبال شرائي كبير خصوصاً وأنها تتميز بانخفاض الأسعار وتُلبي متطلبات شرائح كثيرة من المواطنين. وتقدم "البسطات" كل ما هو شعبي؛ من ملابس وحلويات و ألعاب للأطفال.
محمد الزريقي (مالك محل لبيع الملابس)، يقول: "شهدت الأيام الأخيرة من رمضان إقبال كبير على شراء الملابس المختلفة خصوصاً مع صرف رواتب بعض الموظفين وهذا يعكس رغبة أهالي مدينة تعز المحاصرة في عودة الحياة رغم الحرب و الحصار".
وعن أسعار السلع هذا العام يضيف "الزريقي" في حديثه لـ"يمن شباب نت: "موسم العيد هذا العام ارتفعت أسعار العديد من الأصناف بسبب تدهور العملة المحلية و ارتفاع صرف الدولار بالإضافة إلى تكاليف النقل الباهظة" مُضيفاً وهو يمسك بأحد أصناف البنطلونات بالقول: تصور هذا البنطال ارتفع سعره إلى من 4000 ريال يمني على الرغم من أنه صناعة صينية".
من جهتها تقول "أم هدى" وهي تمسك بطفليها: "أنا وأطفالي خرجنا معاً اليوم إلى سوق المركزي (سوق شعبي يقع وسط مدينة تعز) لشراء ملابس الأطفال وألعابهم، لاسيما بعض المستلزمات العيدية الضرورية". مشيرة إلى أن "الأسعار تشهد ارتفاعاً كبيراً وهي ترهق كاهل المواطنين في ظل انقطاع الرواتب وتوقف المساعدات".
وتضيف في حديثها لـ"يمن شباب نت"، :"رغم الحرب والحصار إلا أننا قمنا بشراء حاجيات العيد و نرسم الفرحة والبسمة على وجوه الصغار ونعيش أجواء العيد بكل أيامه فهو يحتل أهمية كبيرة في نفوسنا".
تحضيرات وطقوس
للعيد مكانة دينية قبل أن يكون له مكانة خاصة في نفوس، أبناء تعز، كما أن له طقوس خاصة توارثنها عن الأجداد ولم تتغير بشكل جذري، رغم السنوات وظروف الحرب التي تعيشها البلاد" وفقا لـ التربوي عبد الرحمن سيف.
وقال سيف لـ يمن شباب نت" إن عيد الفطر هو من أهم الأعياد الدينية بما يرافقه من طقوس عديدة وتحضيرات"، مشيراً إلى أن "ملامح العيد تبدأ من العشر الأواخر من رمضان حيث تكون زاخرةً بالعديد من الطقوس الإيمانية والروحانية ناهيك عن تحضيرات العيد المتنوعة والمختلفة استقبالاً بالقادم الجديد الذي طال انتظاره ".
من جهته شهاب محمد (جامعي) يقول: إن "عادات عيد الفطر وطقوسه في مدينة تعز واليمن بشكل عام شأنها شأن طقوس العيد في جميع البلاد الإسلامية؛ فهي تستمر ثلاثة أيام، ويبادر الناس في اليوم الأول إلى أداء صلاة العيد في المساجد، يعقبها تبادل التهاني و زيارة المقابر لقراءة الفاتحة على أرواح الموتى من الأقارب والأهل".
وأضاف شهاب لـ"يمن شباب نت": بعد الانتهاء من زيارة المقابر يذهب الناس لتناول وجبة الإفطار والتي غالباً ما تكون وجبة شعبية بالإضافة إلى تناول الحلويات وتوزيع عيديات العيد – مبالغ نقديه- على الصغار؛ لإدخال الفرحة إلى نفوسهم في هذه المناسبة العظيمة".
ذكريات الطفولة
أما المهندس عبدالحكيم قاسم فيقول أن "العيد كلمة تهيج القلب وتشعره بالفرح خصوصا عندما ترى الناس يستعدون لاستقبال العيد بكافة متطلباته من ملابس وحلويات ومأكولات على الرغم من حزننا على فراق رمضان ،ورغم الحرب التي تشهدها تعز وتدهور الأوضاع".
وأضاف في حديثه لـ"يمن شباب نت" أنه عندما يرى الشوارع مكتظة بالناس من الباعة والمتجولين ينتابه الشوق ليوم العيد ويجعله يتذكر أيام طفولته في ليلة العيد. مبيناً بالقول "كنت أعد ساعات الليل متى تنقضي ليبزغ فجر العيد لأرتدي ملابس العيد و أحتفل من بعد صلاة الفجر بحيث أكون قد اشتريت الألعاب النارية" الطماش" وأذهب لزيارة الأهل والأصدقاء وأظل أمرح وأفرح طيلة اليوم".