تساءلت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، عن الأزمة الإنسانية في اليمن، وكيف باتت كابوساً في الحرب المشتعلة في البلد الفقي منذ أكثر من ثلاثة أعوام.
وجاء تساءل الصحيفة، في أعقاب بدء القوات الحكومية اليمنية والتحالف العربيـ أمس الأربعاء عملية عسكرية كبيرة لاستعادة السيطرة على مدينة الحديدة ومينائها غربي البلاد، وطرد مليشيا الحوثي.
"يمن شباب نت" تعيد نشر تقرير الصحيفة مترجماً إلى اللغة العربية:
عندما اندلعت حرب أهلية في اليمن قبل أكثر من ثلاث سنوات، أدى ذلك إلى تفكك ما كان أفقر دولة عربية بالفعل وأغرقها في النهاية في أسوأ كارثة إنسانية على كوكب الأرض.
وفي حين أن العالم قد حرف اهتمامه بهذا الصراع الطويل فقد استمر بالتمدد دون تخفيف لوطئته فيما تزايد تعقيده ايضاً.
وقد بدأ هجوم من قبل التحالف بقيادة السعودية التي تقاتل المتمردين اليمنيين المدعومين من إيران لأكثر من ثلاث سنوات أمس الأربعاء على مدينة الحديدة، التي لديها ميناء يعد بمثابة خط إمداد حيوي للمساعدات الإنسانية وغيرها من الإمدادات الحيوية إلى الجزء الأكبر من سكان اليمن حيث شكل ذلك آخر تحول في وضع يمضي باتجاه كارثة لملايين المدنيين.
لقد قتلت الحرب بالفعل آلاف المدنيين وتركت ثلاثة ملايين شخص نازحين في الداخل.
من هم الأطراف الرئيسية للصراع؟
بدأ الصراع كقتال بين المتمردين الحوثيين المسلحين من شمال البلاد والحكومة بقيادة الرئيس عبد ربه منصور هادي، إذا أن الحوثيون هم جزء من الأقلية الشيعية المسلمة في اليمن.
وتدخلت المملكة العربية السعودية وجارتها وحليفتها الوطيدة الإمارات العربية المتحدة في عام 2015 بسبب دعم إيراني تقدمه للمتمردين في تصورهم (السعودية والإمارات)، حيث أن كلاً من النظام الملكي السني للمملكة العربية السعودية وإيران الشيعية يتنافسون على السلطة والنفوذ في جميع أنحاء الشرق الأوسط ليصبح اليمن ساحة مواجهة لأحد الحروب بالوكالة من تلك الجارية بينهما.
وقد نفت إيران دعمها للحوثيين لكن صواريخها جرى استخدامها من قبل الجماعة خلال الحرب.
ومع ذلك فإن الحرب في اليمن تنبع من نزاع حول النفوذ السياسي القومي أكثر من كونه نزاعاً طائفياً - وذلك وفقاً لما يقوله محللون.
وقد حَوَّل الصراع البلاد إلى مناطق يسيطر عليها الحوثيون في جزء كبير من شمال شرق البلاد بما في ذلك العاصمة صنعاء، وأجزاء كبيرة من الجنوب والغرب تسيطر عليها قوات التحالف التي تقودها الحكومة الموالية للتحالف الذي تقوده السعودية.
كيف وصل صراع اليمن إلى هذه النقطة؟
تعود جذور الصراع إلى انتفاضة الربيع العربي في اليمن التي بدأت في عام 2011 وأجبرت الرئيس علي عبدالله صالح الذي استبد بالحكم طيلة فترة طويلة وكان حليفاً للولايات المتحدة، من السلطة.
وعلى الرغم من أن صالح قاد اليمن الموحد منذ التسعينات إلا أن المصالح المتنافسة أضعفت من قبضته على البلاد، حيث كان تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية وهو أحد أقوى فروع الشبكة الإرهابية العالمية، قد ازدهر في أجزاء كبيرة من البلاد كما حصل المتمردون الحوثيون على سلطة في الشمال.
ثم بعد شهور من بدء الاحتجاجات في الربيع العربي سلم صالح قيادة اليمن إلى نائبه هادي واستقال من منصبه ليكافح هادي للسيطرة على بلد منقسمة بالفعل، واستمر صالح في ممارسة النفوذ والسلطة عبر تحالفه مع الحوثيين.
وبحلول عام 2014، قام الحوثيون وأنصارهم - بما في ذلك وحدات من الجيش اليمني الموالي لصالح - باقتحام العاصمة وأجبروا هادي وحكومته المعترف بها دوليًا على البقاء في المنفى في المملكة العربية السعودية.
لتتدخل بعد ذلك المملكة العربية السعودية والعديد من الدول العربية المتحالفة معها بما فيها الإمارات العربية المتحدة وذلك في عام 2015.
وبدعم من الولايات المتحدة والحلفاء الغربيين شنوا غارات جوية ضد قوات الحوثيين وصعّدوا الصراع بشكل كبير ليَرُد الحوثيون بإطلاق الصواريخ على الأراضي السعودية.
أما المدنيون ومعظمهم في مناطق سيطرة الحوثيين وجدوا أنفسهم عالقين بشكل كبير بين الاشتباكات وإطلاق النار ومن ثم قُتل صالح، الرئيس السابق على أيدي الحوثيين في أواخر العام الماضي بعد أن تخلى فجأة عن التحالف معهم.
ما هي أهمية الحديدة؟
بالنسبة للملايين ممن يرزحون تحت سيطرة الحوثيين، فإن ميناء الحديدة على البحر الأحمر هو طريق الإمداد الوحيد للمساعدات الإنسانية - بما في ذلك الغذاء والدواء - وغيرها من الإمدادات الحيوية إذا أن ما يقدر بثلثي السكان يعتمدون عليه.
أما المدينة فهي موطن لحوالي 400،000 شخص، ومع توفر اثنين فقط من الطرق الرئيسية للدخول والخروج، فإن الحصار المطول قد يترك مئات الآلاف من السكان مقطوعين عن الإمدادات وغير قادر على الفرار حيث قامت العديد من مجموعات الإغاثة بسحب موظفيها إلى خارج المدينة تحسبًا للمعركة.
ويوم الأربعاء نفذت القوات اليمنية هجوماً بتدريب وتمويل من الإمارات العربية المتحدة كما أتهم الإماراتيون والسعوديون الحوثيين باستخدام المدينة لتهريب أسلحة إيرانية إلى اليمن.
ويقول مراقبو الأمم المتحدة إنه من غير المحتمل أن يتم تهريب الأسلحة عبر موانئ البحر الأحمر وعلى الأغلب يجري تهريبها عبر الحدود البرية.
أزمة إنسانية تهدد بالتفاقم.
لقد حذرت الأمم المتحدة ووكالات الإغاثة من أن الهجوم على الحديدة يمكن أن يؤدي إلى تفاقم أزمة إنسانية خارجة عن السيطرة كما دعت إلى وقف إطلاق النار.
وقال ديفيد ميليباند، الرئيس والمدير التنفيذي للجنة الإنقاذ الدولية، في رسالة عبر البريد الإلكتروني: "يجب أن يتحركوا الآن لضمان وقف إطلاق النار قبل أن يعاني سكان مدينة الحديدة من نفس المصير مثل أولئك في حلب أو الموصل أو الرقة"، مشبهاً ا???يجة ا??????? بتلك الناجمة عن الحصار الطويل الأ?? الذي جرى ?? ??ر?? وا???اق.
وقد دمرت الغارات الجوية التي لا هوادة فيها البنية التحتية في العديد من المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون حيث أدت الانفجارات إلى إلحاق الضرر بالمستشفيات ومرافق الصرف الصحي.
لقد تفشت الأمراض التي كان بالإمكان الوقاية منها، إذ شهد وباء الكوليرا عام 2017 في اليمن أكبر وأسرع تفشي للمرض على الإطلاق. كما قالت الأمم المتحدة أن كلاً من التحالف الذي تقوده السعودية والحوثيين، ارتكبوا ممارسات من تلك التي يمكن أن ترقى إلى مستوى جرائم الحرب، واتهمت كلا الجانبين بتعمد استهداف عشرات المستشفيات ومرافق الرعاية الصحية، فضلًا عن المراكز المدنية.
وحتى قبل الهجوم الأخير فقد كانت الملايين من اليمنيين تترنح على حافة المجاعة مع ما يقدر بنحو 60 في المائة من السكان البالغ عددهم 29.3 مليون جرى تصنيفهم على أنهم يعانون من انعدام الأمن الغذائي، وذلك وفقاً لبرنامج الغذاء العالمي.
وقالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر إنها قامت بتخزين المواد الغذائية والأدوية وأنظمة تنقية المياه في المنطقة تحسبًا للمعركة غير أنه لا يمكن توزيع المساعدات في أثناء نشوب القتال.
وقال روبرت مارديني، المدير الإقليمي للجنة الدولية للصليب الأحمر: "إن الناس الحقيقيين والعائلات الحقيقية، سيعانون إذا لم يحصلوا على أي امدادات غذائية ونحن قلقون من استمرار العمليات العسكرية الجارية، في إعاقة وصول السلع الأساسي
لمشاهد التقرير في موقع الصحيفة إضغظ هنا