قال باحث دولي، إن إقدام مليشيات الحوثي الانقلابية على ترجمة تهديداتها بإغلاق مضيق باب المندب سيكون بمثابة أمرا طائشا من الناحية الاستراتيجية بالنسبة للمليشيات المدعومة من إيران وسيعزز الدعم الغربي للتحالف العربي في عملياته العسكرية في اليمن.
وقال بيتر-جان دوك، وهو كاتب وباحث في مركز الأمن الداخلي والإقليمي ، معهد السلام ودراسات الصراع في الهند، في مقال بموقع "ميدل ايست مونيتور" وترجمه للعربية موقع "يمن شباب نت" إنه بغض النظر عن مدى قدرة الحوثيين على تحقيق ذلك عمليا، فإن التفكير بهذه الخطوة لا يخدمهم كما يتصورون وعلى العكس سيجلب لهم ما لم يتمنونه وهو وقف الضغوط الغربية على السعودية لإيقاف الحرب.
وكان آخر التهديدات صدرت في يناير الماضي، من قبل القيادي الحوثي صالح الصماد الذي لقي مصرعه بضربة جوية للتحالف أواخر أبريل الماضي في الحديث لكن الحوثيين لم ينفذوا ما وعدوا حتى الآن، غير أنهم استهدفوا سفنا تابعة للتحالف وأخرى لأمريكا في البحر الأحمر.
ويعتبر باب المندب الذي يطلق عليه البعض "مفتاح" الملاحة الرئيسي في البحر الأحمر، والبعض الآخر يصفه بمثابة "الرئة" وأنبوب يتدفق من خلاله نفط الخليج العربي وبضائع شرق آسيا إلى العالم، من أهم الممرات الملاحية في العالم.
ولا تنبع أهميته الاقتصادية من الفراغ بل يكتسب هذا "الثقل" الاستراتيجي، لجهة التحكم بعبور 12% من حركة التجارة العالمية إن كان على مستوى النفط أو على مستوى البضائع من شرق آسيا إلى قناة السويس، ومنها إلى العالم.
الاتفاقيات الدولية التي تتحكم بعملية عبور السفن والناقلات عبر هذا المضيق، تأتي تحت مسمى "قيد المرور البريء"، حيث يسمح لكافة السفن الأجنبية حق المرور البريء ما يعني المرور السريع دون توقف أو رسو إلا في حالة القوة القاهرة.
بحسب أرقام إدارة معلومات الطاقة الأميركية، والمنشورة في صحيفة "business insider " يمرّ حوالي 3.8 مليون برميل من النفط و"المنتجات النفطية المكررة" عبر باب المندب كل يوم في طريقها إلى أوروبا وآسيا والولايات المتحدة، ويستحوذ على نحو 6.1% من إجمالي تجارة البترول العالمية. كما تعبره سنويا 21 ألف سفينة.
يقول خبراء في النقل البحري، إن حجم التجارة العالمية المارة بقناة السويس عبر مضيق باب المندب، سواء القادمة من دول الشمال للجنوب أو من دول الجنوب للشمال، تمثل تقريبا ما بين 96 إلى 98% من حجم التجارة المارة بالقناة. أي أن أكثر من 98% من السفن التي تدخل قناة السويس المصرية تمر عبر مضيق باب المندب.
وفي استشرافه لتداعيات تهديدات الحوثيين انطلاقا من فرضية قابليتها للتنفيذ، يقول الباحث إن هذا الأمر سيؤدي إلى وقف الضغط على المملكة العربية السعودية وسيتم وضع الصراع في مرتبة عالية في سلم الأجندات الغربية ،وبالتالي يمكن أن يمهد ذلك ،الطريق للمواجهة مع الحوثيين.
ويتابع "كما أن من المحتمل أن يؤدي ذلك إلى قلب ميزان القوى لصالح التحالف العربي الذي تقوده السعودية ومن الممكن أن يؤدي الحصار المحتمل إلى تشويه مصداقية وسمعة الحوثيين ونشطاء حقوق الإنسان، في الخطاب الشعبي الغربي ، مما يضفي الشرعية على الجهود السعودية ضد الجماعة وعلى الخطاب السعودي عن "إرهاب الحوثيين" .
وأكد أن هجوم الحوثيين على السفن الغربية لن يترك للقادة السياسيين أي خيار سوى القيام بعمل عسكري ضد الجماعة و "إرهابها" وقد جاء ذلك في عام 2016 ، عندما ردت الولايات المتحدة عسكريا ضد المتمردين بعد أن استهدف الحوثيين دون نجاح، سفينة أمريكية في المضيق.
وبالمثل ، فإن رد الفعل الغربي لن يكون في مصلحة إيران ، المدافع عن الحوثيين ومزوّدهم بالصواريخ المضادة للسفن والألغام البحرية اللازمة لعرقلة المضيق.
وقال إنه "مع خروج الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الإيراني ، فقد أضحت طهران أكثر اعتمادًا على الدول الأوروبية لإنقاذ (أجزاء) من الصفقة والاحتفاظ (ببعض) الاستثمارات الأجنبية لاقتصادها".
وأضاف "إن الارتباط بمناورة من شأنها الإضرار بالاقتصاد الأوروبي سيعرض هذه العلاقة الحاسمة ،للخطر وحتى لو تم إلغاء الاتفاق نهائياً ، سيكون من غير الحكيم من الناحية الاستراتيجية دفع القادة الأوروبيين للاقتراب نحو الإدارة الأمريكية الاكثر عدوانية . وعلاوة على ذلك ، فإن السياسة الإيرانية تجاه مضيق هرمز الذي يعتبر الأكثر أهمية بالنسبة للاقتصاد العالمي، تعد قوية وحازمة معا".
لقراءة المادة من مصدرها باللغة الانجليزية من هنا.