يأتي رمضان الرابع على التوالي على اليمنيين في ظل أوضاع معيشية صعبة وتدهور في الحالة المادية لغالبية الأسر، حيث اختفت ملامح الاستقبال في الأسواق، في الوقت الذي يعيش الموظفين بلا رواتب للعام الثاني في صنعاء وعدد من المحافظات.
بدت الأسواق في العاصمة صنعاء خالية من المتسوقين فيما البضائع مكدسة في مراكز التسوق الكبيرة، رغم أنه لم يتبقى سوى أيام لدخول شهر رمضان، بعكس ما كان قبل الحرب حيث كانت تزدحم الأسواق منذ الثلث الثاني من شهر شعبان، غير ان ظروف الحرب بدلت حالة الناس.
ترزح البلاد للعام الرابع من الحرب في وضع إنساني يتفاقم بشكل مستمر حيث تتوسع دائرة المأساة والفقر والجوع، في ظل ارتفاع حاد في أسعار المواد الغذائية وانعدام مصادر الدخل حيث ارتفعت خلال عام واحد فقط بنسبة 100% بالتزامن مع انهيار الريال اليمني ووصوله إلى أعتاب الـ 500 ريال يمني مقابل الدولار الواحد.
- مأساة الحرب
"سلمى عبد الإله" (34 عام) معلمة نازحة من مدينة تعز في صنعاء تقول إن رمضان لم يعد كما كان في السابق قبل بدء الحرب كل شيء تغيير في حياتنا حتى منازلنا ولم تعد الأسرة مكتملة بكل أفرادها في بداية الشهر لأننا تشردنا.
وأضافت في حديث لـ"يمن شباب نت" ان النزوح والجوع والدمار وانعدام الخدمات وانقطاع الرواتب يجعل من استقبال شهر رمضان ممزوجا بالمعاناة والمأساة، حيث نتحمل أعباء ثقيلة ومعنا الكثير من الأسر.
ويظل انقطاع الراتب هو العنوان الأبرز الذي وسع دائرة المعاناة للموظفين الذين لم يستطيعوا توفير بدائل يستطيعون من خلالها توفير متطلباتهم المعيشية، وزادت إلى ذلك المعاناة في الحصول على الخدمات وبالأخص "الغاز المنزلي" الذي أصبح الحصول عليه يحتاج إلى أيام ومعاملة لدى عُقال الحارات.
وقالت سلمى "نزحت من أطفالي من مدينة تعز في أواخر العام 2015 مع اشتداد المواجهات بالقرب من منزلنا وتركنا كل شيء انقطع علينا كل مصادر الدخل بدء من راتبي وراتب زوجي وبدأنا نبحث عن بدائل لكنها لا تكفي إلا للحد الأدنى من المعيشية ولله الحمد".
- استنزاف قدرات الأُسر
يستقبل اليمنيون رمضان هذا العام اشد تعقيدا من الأعوام السابقة وبقدرة شرائية ضعيفة، حيث تراجع إقبال الناس على الأسواق بصورة ملحوظة، فمنذ بدء الحرب عملت كثير من الأسر على تغطية احتياجاتها من خلال إخراج ما تم ادخاره بالإضافة إلى بيع المجوهرات الخاصة بالنساء وصولا إلى بيع أثاث المنازل خلال العام الماضي بعد أشهر من انقطاع الرواتب.
وأدى الارتفاع الكبير في الأسعار وخاصة بمتطلبات شهر رمضان إلى تراجع الكثير من الأسر على القدرة الشرائية،واكتفائهم بالمتطلبات الأساسية التي يشترونها طوال العام، وهو ما ذهب إليه "عبد الله منصور" 40عام الذي قال إنه اكتفى بشراء حاجات بسيطة بدون أي مصاريف تخص رمضان لأن حالته المادية لا تسمح بذلك.
وأضاف منصور في حديث لـ "يمن شباب نت" أن المشاكل والأزمات المالية تجعل من الصعوبة علينا استقبال رمضان فالوضع أصبح خانق والناس غير قادرين على تهيئه أنفسهم لطقوس الشهر الكريم".
وغادرت بعض الأسر العاصمة صنعاء إلى القرى لصوم شهر رمضان حيث التكلفة المعيشية الأقل، بالإضافة إلى الأجواء الروحانية والنقية التي تتميز بها القرى، وأيضاً يكون التكافل الاجتماعي أكثر في بساطة المائدة الرمضانية وتنوعها الطبيعي.
- مصاعب أسرية
كنا زمان نستقبل رمضان كما الأعياد بكل احتياجاته وبفرح عارم تقول "حنان حمود" ربة منزل (30عام) وأضافت "ما يحدث الآن هو العكس تماماً بسبب الاوضاع الحالية التي غيرت كل شيء فمصاريف رمضان لا تختلف عن المصروفات الاعتيادية وتوقف الراتب زاد الوضع سوء".
وتابعت "أن حالتنا أفضل من كثير من الناس غير أننا نعيش كل الضغوطات التي تحدث حولنا والتي تجعل من الشهر الفضيل شهر تعب على الجميع بسبب الهموم التي تدور في عاتق الكثير من الناس".
أم وسام تعبر عن خوفها قائله "في كل عام كنا نفرح بحلول الضيف الكريم ونستعد له لكننا اليوم نخشى منه فكل المؤشرات تقول بأنه سيكون صعبا" وتساءلت "كيف سيأكل الناس او يتراحمون فيما بينهم وهم في ظل مجاعة حقيقة".
وأضافت في حديث لـ"يمن شباب نت" أنها غير قادرة على توفير متطلبات الشهر الكريم من طعام وشراب وأن معظم الناس يتشاركون في هذا الوضع السيء، وبحرقة تقول انها مجبرة على الاستغناء عن اطعمه كثيره تعودت عليها أسرتها في شهر رمضان وأحياناً متطلبات أساسية.
- لا أحد يشتري
"عبد الملك الوصابي" يملك بقالة في حي هايل وسط العاصمة يشكو من ركود السوق وضعف إقبال الناس على شراء متطلبات رمضان من الأسرة التي عادة ما تشتري منه في كل عام، بسبب عدم مقدرتهم.
وأضاف في حديث لـ "يمن شباب نت" أن غالبية زبائنه تراكمت ديونهم وتوقفوا عن الشراء بشكل كلي بسبب صعوبة الاستمرار في البيع المؤجل إلى ما لانهاية وبدون موعد للسداد بسبب الحالة المتردية".
واكتفت غالبية الأسر بشراء متطلبات أساسية، وغالبية أصحاب البقالات لم يشتروا بضاعة بكميات كبيرة بسبب معرفتهم المسبقة بحالة الناس وقدرتهم الشرائية التي تراجعت إلى حدود دنيا خلال سنوات الحرب التي لازالت مستمرة دون مؤشرات قريبة بانتهائها.