تزايد الحديث عن نية السودان سحب قواته من التحالف العربي الذي تقوده السعودية في اليمن، بعد الخسائر الذي تكبدها الجيش السوداني مؤخرا، عززه دعوات من الاوساط السياسية الحاكمة والمعارضة بضرورة إعادة تقييم المشاركة السودانية في اليمن.
غير أن قرارا سعوديا لاحقا بدعم السودان بكميات من النفط لمدة خمس سنوات، أثار تكهنات عن وجود محاولات من الرياض لاسترضاء الخرطوم ومنع أي خطوة من جهته لإضعاف التحالف العربي، لا سيما بعد خروج قطر منه في وقت سابق على خلفية الأزمة الخليجية.
كما أثارت زيارة محمد شرف مساعد وزير الخارجية الإماراتي للشؤون الاقتصادية والتجاري إلى السودان ذات التكهنات المتعلقة بموقف السعودية، لا سيما وأن الزيارة جائت تحت عنوان “حل الأزمة المالية التي تمر بها السودان”.
“وسيلة وليست مبدأ”
وكان لافتا تصريحات وزير الدولة السابق في الخارجية السودانية، كمال اسماعيل، في لقاء له على قناة الشروق السودانية، التي قال فيها إن القوات المسلحة السودانية لم يكن هدفها استعادة الشرعية في اليمن، بل لدوافع مادية بحتة.
وتعليقا على هذه المواقف،وطبيعة المشاركة السودانية في التحالف أوضح عضو مركز العلاقات الدولية في الخرطوم الرشيد محمد إبراهيم أن مشاركة السودان في التحالف “وسيلة أكثر من أنها مبدأ”، معتبرا أن “المشاركة في التحالف ليسن هدفا مقدسا بل هي عرضة للتقييم”.
وأشار الأكاديمي السوداني في حديثه لـ”عربي21″، أن “الظروف التي نشأ فيها التحالف ومشاركة السودان فيها، كانت ظروف موضوعية، إلا أنها بحاجة الآن ولإعادة التقييم”.
وتابع بأن الحرب في اليمن “ليست حرب دينية، أو حرب تحرير، بل هي الآن حرب أهلية تغيرت مساراتها، والتوجه السوداني الجاد الآن هو اعادة تقييم مشاركتها بالتحالف، بالرغم من عدم صدور أي قرار رسمي لحتى هذه اللحظة”.
وحول دور القوات السودانية بالتحالف، قال إبراهيم إن “القوات السودانية بالتحالف تمثل رقم 1 من حيث كثافة العدد، وحضور القوات السودانية برا هي الأبرز في تشكيل القوات المسلحة السودانية، وتمثل عصب التحالف، بالرغم من وجود القوات الجوية والبحرية في التحالف من الدول الأخرى، وانسحاب القوات البرية السودانية يمثل اشكالية لدى التحالف”.
“النفط والاستمرار بالتحالف”
ولم يستبعد ابراهيم وجود رابط بين المساعدة السعودية النفطية للسودان باتفاق بالتلويح السوداني بالانسحاب من التحالف العربي.
وعلل ذلك بالقول إن “الأمن السعودي مرتبط إلى حد كبير باستمرار السودان في اليمن وباعتقادي فإن التفكير السعودي ذهب في هذا الاتجاه خاصة في ظل المطالبات التي بدأت في أوساط البرلمان السوداني ورجال الحزب الحاكم بسحب القوات السودانية من اليمن”.
وأشار إلى بقاء القوات السودانية في التحالف “لن يحقق للخرطوم أي عائد لا على الصعيد العسكري، ولا على صعيد الأمن القومي السوداني”، مضيفا: “التقييم الآن لدى السودان بأنه لا يوجد أي جدوى من المشاركة والاستمرارية، بل يوجد تخوفات من تورط السودان بجرائم حرب قد توجه إليها في المحافل الدولية بسبب مشاركتها بحرب اليمن”.
من جانبه اتفق الخبير العسكري اللواء محمد العباسي بما ذهب إليه الدكتور إبراهيم، بأن مشاركة السودان في قوات التحالف “تساهم بشكل كبير في تسوية الأوضاع في اليمن لكفة التحالف”، مضيفا بأن “انسحاب السودان من التحالف سيؤثر سلبا بشكل كبير على البيئة العسكرية والأمنية للتحالف وخاصة السعودية”.
وشدد العباسي في حديثه لـ”عربي21″، على أن “من حق السودان في إعادة تقييم وجودها ضمن التحالف، وتقييم ما حققته على صعيد أمنها القومي”.
ونوه العباسي إلى أنه “لكي تلعب السودان دورها العسكري بصورة فعالة، يجب على دول التحالف دعمها بشكل مباشر بسبب الأزمة الاقتصادية التي تمر بها السودان، وعلى هذا الأساس يفسر الحراك الإماراتي والسعودي الأخير”.
وعن مستقبل الوجود السوادني في التحالف العربي، يتوقع ابراهيم أن يتجه السودان لـ”الانسحاب التدريجي وليس الفجائي”، مؤكدا أن ذلك “قد ينعكس على أي اتفاقيات مساعدة سعودية للسودان”، فيما يرى اللواء العباسي،أن “أي انسحاب سوداني من التحالف سيؤثر بشكل واضح في العلاقات السودانية مع دول التحالف، خاصة أن السودان تغطي مساحات واسعة داخل التحالف في اليمن”.