لم يعد أحمد فرحان(40 عاماً) يهتم بمناسبة "اليوم العالمي للعمال" الذي يصادف اليوم الثلاثاء الأول من مايو من كل عام، منذ ثلاث سنوات أصبح فيها عاطلا عن العمل بعد أن سُرح من عمله في إحدى الشركات الخاصة التي تحولت إلى خط تماس للمواجهات المسلحة بين القوات الشرعية و الحوثيين في محافظة تعز.
ويحتفل العمال في شتى بقاع العالم بهذه المناسبة كيوم للتضامن ورمزٍ للنضال ضد الاستغلال والقهر الاجتماعي الذي بدأه عمال صناعة الملابس وغيرهم، بولاية فيلادلفيا الأمريكية عام 1869.
ومع استمرار الحرب وما خلقته من تداعيات على الوضع الاقتصادي، اتجه فرحان الذي يعول أسرة مكونة من خمسة أشخاص للعمل كبائع خضروات بالكاد يوفر من خلالها احتياجاته الأساسية وسداد سكنه الذي يكلفه 25 ألف ريال يمني.
وردا على سؤال مراسل "يمن شباب نت" عما يعني له اليوم العالمي للعمال، أجاب قائلا :"لا يهمني كثيرا ولا اشعر أنه يمثل العمال، ما أريده واتمناه حاليا هو أن تتوقف الحرب وبعدها سأعود إلى عملي أو سأجد غيره".
ذكرى منسيّة
حال فرحان لا يختلف عن حال المواطن مختار الشرعبي، 38 عاماً، والذي كان يعمل في أحد محلات الهواتف، حيث أشار الى أن إغلاق صاحب المحل و مغادرته مدينة تعز تسبب في فقدان عمله ولم يحصل على عمل يلائم مسؤولياته تجاه أسرته.
وأضاف في تصريحات لـ"يمن شباب نت" مُتحسراً عن وضعه المادي وظروفه المعيشية :"قبل الحرب كنت احصل دخلاً جيداً خلال عملي في هذا المجال سابقاً، و لكن الآن لا استطيع توفير حتى ابسط متطلبات الحياة لأسرتي المكونة من طفلين، و اعيش على بعض المساعدات".
وتابع "الحديث عن عيد العمال أصبح منسيَّا كما أنه ينغص حياتنا في حين نعيش تحت عذاب الحرب وغيرنا في بقية دول العالم يحتفلون بمناسبة هذه اليوم، على عكس عمال اليمن الذين يستقبلون هذا اليوم بجيوب فارغة".
مأساة كارثية
يأتي احتفال العمال بهذا العيد في ظل انقطاع مرتبات الموظفين والعاملين في مختلف المؤسسات الحكومية، لنحو عام ونصف، بعد سيطرة الحوثيين على جميع موارد الدولة في المحافظات الخاضعة لسيطرتها، دون القيام بصرف مرتبات الموظفين، الذين وجدوا أنفسهم بين مطرقة المعاناة، وسندان الحرمان.
الكاتب والناشط الحقوقي مختار المريري، يرى أن عيد العمال العالمي يمر على اليمن كذكرى موت وفناء وكمأساة كارثية مرعبة نتيجة الحرب التي هيأت ذاتها ومقدراتها لعمال الدمار والفناء ووكلاء الموت الأسود في الداخل والخارج، حد تعبيره.
وأضاف في حديثه لـ"يمن شباب نت": العمال هم الأكثر تضرراً عن غيرهم في حالة حدوث أي أزمة سياسية واقتصادية بسيطة بالحرب الممتدة من الداخل الى الخارج والمباركة بالمؤامرات والتدخلات الأجنبية التي تجعلها أكثر غيظاً وفيضاً وجنوناً.
وأكد أن طبقة العمال بحاجة إلى توجه دولي وحكومي وحقوقي لإنقاذها فهي توشك على الانقراض تفادياً لمنع تكاثر حالات الانتحار بسبب ظروف المعيشية لهذه الطبقة.
احصائيات
خلفت الحرب الدائرة في البلاد تدهورا كبيرا في جميع القطاعات العامة والخاصة ما أنعكس سوءا على طبقة العمال فضلاً عن اتساع رقعة البطالة والفقر.
وبحسب تقارير أممية أنه تم تسريح 70% من العمالة لدى شركات القطاع الخاص. وبحسب البنك الدولي فقد بلغت نسبة البطالة العام الماضي نحو 60%.
في حين تقول منظمات رصد محلية أن الآلاف العمال في محافظة تعز فقدوا اعمالهم وتدمرت معظم المحلات والمؤسسات التجارية المتوسطة والكبيرة.
وأكدت هذه المنظمات في تقاريرها أن80%من العمال فقدوا وظائفهم واصبحوا عاطلين عن العمل في مختلف المدن اليمنية تأتى تعز في المرتبة الأولى.
منظمة هيومن رايتس ووتش كانت قد ذكرت في وقت سابق من العام الجاري أن اليمن يعيش أكبر أزمة انسانية في العالم، وأن ما لا يقل عن 8 ملايين شخص أصبحوا على حافة المجاعة.