قال مركز دراسات أمريكي "إن تحديات اليمن صعبة لكنها ليست مستعصية تماماً، حيث يبدوا ان دول مجلس التعاون الخليجي قد اقرت بانها لا تستطيع شق طريقها الى النصر في اليمن".
وأضاف التقرير الذي نشره مركز الدراسات الاستراتيجية الأمريكي وترجمة "يمن شباب نت" أن الحوثيون يواجهون ضغوطاً متزايدة في ادارة مناطق سيطرتهم خصوصاً منذ ان انشق صالح عن تحالف الحوثيين (ثم قتل آنذاك على يديهم) اواخر العام المنصرم. حيث ان خسارة الحوثيين الناجمة عن ذلك للتكنوقراطيين الموالين لصالح، قد اوجعتهم".
ووصف التقرير الحوثيين بأنهم "متوحشون وجشعون بشكل متزايد مما قد يمثل علامة على الاستماتة المتنامية"، مضيفا ايضا "أنهم مخربون برزوا بعدما بدأت الظروف تتحسن عقب إبعاد صالح من بين أولئك الذي أمسكوا بالسلطة وأولئك الطامحون بها".
وأشار التقرير، الذي أعده الباحث جون بي الترمان، إلى أن "المبعوث الاممي الجديد إلى اليمن ممتلئ بالحيوية والنشاط بمسعىً طموح لبداية حوار سياسي شامل، ووصل منسق اممي جديد للشؤون الانسانية ويتمتع بمصداقية لدى الخصوم الرئيسيين في الصراع".
وذكر التقرير أن "الكثير من الإمريكيين يرغبون بالانسحاب وعدم التدخل في الشرق الاوسط، حيث أن اليمن- البلد الفقير الذي يشهد عنفاً والذي مزقته حروب الوكلاء- سيبدو أنه مكاناً جيداً للبداية به".
وحذر من أن "إمعان الولايات المتحدة الامريكية في تجاهل اليمن، سيكون خطأ بالغ الخطورة، حيث في حقيقة الأمر يتوجب على الولايات المتحدة البحث عن طرق ذكية بغية المزيد من العمل، كما أنه عليها القيام بذلك في الوقت الحالي".
وسرد التقرير جُملة من المعطيات والخلفية التاريخية للصراع في اليمن، بالإضافة إلى ما يمكن أن تقوم به الولايات المتحدة هناك، من أجل حماية حلفاءها من تهديدات إيران.
فيما يلي، ينشر "يمن شباب نت" أهم ما ورد في التقرير:
عندما اجتاحت الاحتجاجات العالم العربي عام 2011، كان معدل دخل اليمنيين السنوي هو الاقل بين الدول العربية- حوالي 1300 دولار امريكي- وقد تم ابعاد الرئيس علي عبد الله صالح عن منصبه بعد 33 عاماً في الحكم ليتفاءل اليمنيون بتوجس بعد ذلك، بأن الظروف ستتحسن.
بيد ان المخربون برزوا من بين أولئك الذي امسكوا بالسلطة وأولئك الطامحون بها. وبسرعة كانت الحكومة الانتقالية لا تقاتل الحوثيين فحسب- وهم جماعة ذات جذور قبلية بعيداً في اقصى شمال اليمن وقد قاتلوا علي صالح منذ عام 2004- وانما تقاتل ايضاً صالح والعديد من قواته التي انضمت الى قوات الحوثيين اعدائهم سابقاً.
وبعد مضي ثلاثة اعوام فإن اليمن لايزال غارقاً في الصراع حيث تقدر الامم المتحدة بأن ثلاثة ارباع اليمنيين يحتاجون لنوع من الاغاثة الانسانية العاجلة واصبحت امراض الاسهال شائعة كما تنتشر الدفتيريا ايضاً وتم تدمير معظم الشبكات الكهربائية اضافة الى ان امكانية الوصول الى الغذاء والمياه النظيفة اصبحت متقطعة في مناطق متعددة.
وبالنسبة للبعض فإن اليمن يشكل عالما صغيراً للشرق الاوسط برمته حيث تبرز الى السطح احقاد تتم تنشئتها لفترة طويلة ممزوجة بوحشية غريزية وتطرف، تتغذى بساحة حرب بالوكالة. وستقوم الغريزة بعزل الصراع ومن ثم انتظار ان يحرق نفسه بنفسه، أكثر من ان تقحم نفسها فيه.
ومع ذلك فالصراع لا يمكن عزله، ذلك ان اليمن يتربع على باب المندب، الخط الملاحي الهام على البحر الاحمر الذي يقود الى قناة السويس، وتمر عبره معظم الشحنات الاسيوية الى أوروبا مثلها مثل ملايين براميل النفط (التي تمر عبره) في اليوم الواحد.
الارهاب ايضاً انتقل تدريجيا ً الى اليمن، ليس فقط عندما حاول عمر فاروق عبد المطلب مهاجمة طائرة متجهة صوب امريكا في يوم عيد ميلاد المسيح بواسطة قنبلة اخفاها في ملابسه الداخلية، ولكن ايضاً حاول اشخاص في اليمن شحن قنابل اخفيت داخل اسطوانات خراطيش الطابعات في عام 2010.
كما ان الارهابيين الذين هاجموا مقر صحيفة شارلي أبدو الفرنسية في باريس كانت لديهم صلات باليمن، والقائمة تطول، وحتى عندما يكون منفصلاً نسبياً عن العالم، فإن اليمن مرتبط بما فيه الكفاية بحيث ان بإمكان الارهابيين استغلال الفراغ والمنطقة الغير خاضعة للحكم، لكي يخططوا ويقوموا بشن هجمات مذهلة ضد الولايات المتحدة وحلفاءها.
ربما انه من الاكثر اهمية أن اليمن أصبح فخاً لحلفاء الولايات المتحدة وملعباً لأعدائها، وتتحدث تقارير عن ان السعودية تنفق خمسة مليارات دولار شهرياً على العمليات في اليمن فيما تتعرض لانتقادات لاذعة جراء ما يبدو بأنه استهداف عشوائي ولامبالاة بالمعاناة الانسانية (في اليمن).
أما إيران فتنفق على الارجح اقل من واحد في المائة من ذلك المبلغ في دعم الحوثيين والسخرية من دول مجلس التعاون الخليجي وتذكيره بقوة إيران في المنطقة. ووفقاً للكثيرين فإن الحوثيين متوحشين وجشعين بشكل متزايد مما قد يمثل علامة على الاستماتة المتنامية.
تحديات اليمن صعبة لكنها ليست مستعصية (تماماً)، حيث يبدوا ان دول مجلس التعاون الخليجي قد اقرت بانها لا تستطيع شق طريقها الى النصر في اليمن. ومؤخراً تعهدت بتوفير دعم هائل للعمليات الاممية الانسانية، وأشاروا بأنهم لن يسعوا الى استخدام المساعدة كأداة سياسية بعد الان.
أما الحوثيون فيبدوا بأنهم يواجهون ضغوطاً متزايدة في ادارة مناطق سيطرتهم خصوصاً منذ ان انشق صالح عن تحالف الحوثيين (ثم قتل آنذاك على يديهم) اواخر العام المنصرم. حيث ان خسارة الحوثيين الناجمة عن ذلك للتكنوقراطيين الموالين لصالح، قد اوجعتهم.
كما برز مبعوث اممي جديد ممتلئ بالحيوية والنشاط بمسعىً طموح لبداية حوار سياسي شامل ووصل منسق اممي جديد للشؤون الانسانية ويتمتع بمصداقية لدى الخصوم الرئيسيين في الصراع.
حل المشاكل في اليمن سيستغرق سنين، كما انه سيكون هنالك حاجة لقرار اممي جديد من مجلس الامن بحيث يكون مضبوطاً يتواكب عن قرب مع المشهد السياسي الراهن، وسيتوجب على المخربين البقاء بعيداً.
حيث ليس انفصال الجنوب فحسب هو ما يمثل تحدياً قائماً، وانما يكمن التحدي ايضاً في ان الصراع ادى الى تقوية سلسلة من اللاعبين المتناحرين الذين سيتوجب التعامل مع طموحاتهم وادارتها.
ما يحتاجه اليمن عوضاً عن ذلك هو قيادة امريكية بين الحلفاء الغرب ذو العقلية نفسها، والشركاء في مجلس التعاون الخليجي وفي نظام الامم المتحدة، ويجب ان تساعد الولايات المتحدة في بناء اجماع بخصوص الدفع باتجاه حوار وطني جديد والسماح بوصول الغذاء والدواء اضافة الى اعادة بناء الاقتصاد.
لا أحد بمقدوره تركيز الانتباه أكثر من الولايات المتحدة وكل دولة معنية باليمن تريد شيئاً ما من الولايات المتحدة، يمكن ان تكون الحكومة الامريكية عاملاً محفزاً للتغيير وربما تكون المشكلة متهيئة لتشهد تطورات جديدة.
تحسين الاوضاع في اليمن سيمضي قدماً بسلسلة واسعة من المصالح والصلاحيات الامريكية أكثر بكثير مما حصلت عليه سابقاً.