تعمل وحدات رادار عالية التقنية على امتداد رصيف هذا الميناء الصغير كما جرى بناء تحصينات تحت الماء لصد هجمات القوارب الملغومة بدون ربان.
وقد تحول ميناء المخا، الذي كان يوما ما مركزا مزدهرا لتصدير البن، إلى قاعدة بحرية أمامية شديدة التحصين، تراقب الإمارات من خلالها الخطوط الملاحية وحركة جماعة الحوثي المعادية لها في صراع تسبب في أزمة إنسانية في واحد من أفقر بلدان العالم.
وقال جندي إماراتي، وهو يحشو سلاحا مضادا للطائرات على متن سفينة دورية، إنه لم يعد بوسع الحوثيين الاقتراب من هذا الميناء حيث سيتعرضون لإطلاق النار.
ويمثل فرض السيطرة على الموانئ اليمنية في البحر الأحمر مهما صغر حجمها أهمية شديدة للإمارات، الشريكة الرئيسية في التحالف الذي تقوده السعودية، والتي تشرف على جهود انتزاع الساحل من الحوثيين المتحالفين مع إيران في إطار استراتيجية لمحاصرتهم في العاصمة صنعاء ومحيطها.
وتقع الموانئ على امتداد أحد أهم المسارات التجارية لناقلات النفط المتجهة من الشرق الأوسط إلى أوروبا، وتشكل نقاط دخول حيوية لواردات اليمن من الغذاء إضافة إلى المساعدات، ولذلك فهي أهم من أن يتم إغلاقها.
وقال مسؤولون حكوميون في الخليج مطلعون على الفكر الإماراتي والسعودي إن السيطرة على الساحل ستقطع خطوط إمداد الحوثيين وتدفعهم للجلوس إلى مائدة المفاوضات.
وأضافوا أن الاحتفاظ بذلك الوجود العسكري سيكون شرطا رئيسيا لأي تسوية سياسية للصراع.
وقال مسؤول يمني طلب عدم نشر اسمه نظرا لحساسية الموقف إن السعودية والإمارات تشعران بقلق شديد من نفوذ إيران لذا فهما تسعيان للإبقاء على بعض الوجود العسكري على السواحل اليمنية حتى إذا انتهت الحرب الأهلية.
ولم يرد متحدث باسم التحالف على طلب من رويترز للتعليق.
ولم يحقق التحالف، الذي تدخل في عام 2015 لإعادة حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي المعترف بها دوليا إلى السلطة، مكاسب كبرى في اليمن منذ فبراير شباط 2017 حين سيطر على المخا. ومع ذلك لا يوجد مؤشر على تراجع وتيرة الحرب.
وأنفقت السعودية والإمارات مليارات الدولارات على تلك الجهود في وقت دفع فيه العجز المالي الناجم عن انخفاض أسعار النفط البلدين إلى اتخاذ إجراءات تقشفية وخفض الإنفاق.
ووفقا لوثائق وزارة المالية فقد ارتفع الإنفاق العسكري السعودي إلى مستوى قياسي بلغ 224 مليار ريال (59.73 مليار دولار) خلال عام 2017 بينما كانت الميزانية العسكرية 191 مليار ريال. واعتمدت السعودية إنفاقا عسكريا بقيمة 210 مليارات ريال للعام 2018.
ويسيطر الحوثيون على معظم المناطق الكثيفة السكان في اليمن بما في ذلك صنعاء في شمال البلاد وميناء الحديدة الرئيسي بينما تسيطر الحكومة اليمنية والتحالف الذي تقوده السعودية على باقي أنحاء البلاد.
وشن الحوثيون سلسلة من الهجمات الصاروخية على السعودية، بما في ذلك الرياض، على مدى العام الماضي وفي أواخر مارس آذار أطلقوا صاروخا باليستيا قصير المدى باتجاه منشأة تابعة لشركة أرامكو للنفط في نجران. وقالت أرامكو حينئذ إن الهجوم لم يؤثر على أي من محطاتها ومنشآتها.
وفي أحدث واقعة، جرى استهداف ناقلة نفط سعودية قبالة ميناء الحديدة في الرابع من أبريل نيسان. واتهم السعوديون الحوثيين بتنفيذ هذا الهجوم لكن الحوثيين قالوا إن هدفهم كان سفينة حربية.
وقد تعقد الهجمات الأحدث جهودا جديدة من الأمم المتحدة لإنهاء الحرب. ويزور مبعوث خاص المنطقة هذا الشهر.
وتقول الأمم المتحدة إن الصراع أودى بحياة عشرة آلاف شخص على الأقل في حين أصيب 53 ألفا آخرين صار آلاف منهم معوَقين وغير قادرين على العمل. كما أجبرت الحرب ثلاثة ملايين شخص على ترك منازلهم ولا يزال مليونان منهم نازحين.
ويواجه ملايين السكان خطر المجاعة والأمراض، ويشمل ذلك أسوأ انتشار للكوليرا في العالم حيث بلغ عدد حالات الإصابة المشتبه بها أكثر من مليون إصابة.
*أهداف استراتيجية
قامت دولة الإمارات العربية المتحدة بتدريب ودفع رواتب آلاف المقاتلين من المحافظات الجنوبية الذين سيطروا على ميناء المكلا الجنوبي من مقاتلي القاعدة ومدينة عدن الساحلية من الحوثيين. ويسيطر هؤلاء المقاتلون أيضا على ميناء حوالف في جزيرة سقطرى وعلى جزيرة بريم الاستراتيجية.
ويريدون الآن السيطرة على ميناء الحديدة الذي يستقبل معظم واردات اليمن بما يشمل الوقود والأدوية والمساعدات قائلين إن الحوثيين يستخدمون الميناء لتهريب السلاح من إيران الخصم اللدود للائتلاف.
وينفي الحوثيون أن إيران تساعدهم.
وقال أدم بارون خبير الشؤون اليمنية في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية ”معاقل الحوثيين تقع إلى حد بعيد في مناطق تغلب عليها الطبيعة الجبلية، ومثلما يقول لنا التاريخ، السيطرة على السواحل اليمنية أيسر بكثير من السيطرة على المركز“.
وامتنع قائد في التحالف عن التعليق على التقدم نحو الحديدة لأنه لا يريد التحدث عن الاستراتيجية العسكرية.
وتقترب القوات التي تدعمها الإمارات من الحديدة من الجنوب مع قيام الإمارات بالإشراف على التقدم من المخا الواقعة على بعد نحو 75 كيلومترا شمالي مضيق باب المندب بوابة البحر الأحمر من خليج عدن.
ووصل القتال إلى منطقة الجراحي الواقعة على بعد نحو 100 كيلومتر من الحديدة.
وبدأت حملة أخرى من الشمال بمحاذاة الحدود الساحلية مع السعودية في محافظة حجة لتطويق الحوثيين وقطع المسارات التجارية البحرية.
وخلال زيارة للمخا في الآونة الأخيرة، قامت مجموعة من المقاتلين اليمنيين الشبان بمضغ القات والتقاط صور ذاتية (سلفي) أمام عربات مدرعة حديثة تستخدمها قوات دولة الإمارات.
وتناثرت شعاب مرجانية ميتة على رصيف الميناء الخاوي بعد أن جرفتها أمواج عاتية.
وقال مقاتل يمني بفخر ”نحن القوات الخاصة“.
وحثت الدول الغربية التحالف على حماية المدنيين وإيجاد نهاية سريعة للحرب. وأقرت أيضا وجهة نظر الرياض بأنها بحاجة للدفاع عن نفسها في مواجهة الهجمات التي يشنها الحوثيون عبر الحدود والحد من انتشار النفوذ الإيراني.
وقالت كريستين بيكرل الباحثة في شؤون اليمن في هيومن رايتس ووتش ”أكثر ما يقلقني هو أنني لم أسمع أي شيء يجعلني أعتقد أنه تم اتخاذ خطوات كافية لحماية المدنيين في حالة وصول القتال إلى منطقة أخرى ذات كثافة سكانية عالية مثل الحديدة“.