كشف تقرير صحفي، نشرته وكالة "أسوشيتد برس" الأخبارية، مقرها أمريكا، عن حجم الذعر الذي تعيشه مدينة عدن، جراء انتشار حوادث اغتيال رجال الدين وأئمة وخطباء المساجد.
ونقل التقرير، الذي ترجمه "يمن شباب نت"، إلى العربية، تصريحات لمسئولين يمنيين وخطباء أعربوا عن مخاوفهم مما يحدث، في ظل صمت وعجز الدولة عن القيام بشيء.
وضمن التقرير، أتهم مسئول أمني يمني رفيع، لم يذكر أسمه، دولة الامارات بالتخطيط لعمليات الاغتيال تلك. حيث تفرض الإمارات سيطرتها ونفوذها على عدن وبقية المناطق الأخرى في جنوب اليمن.
ينشر "يمن شباب نت" نص الترجمة كاملة:
سببت سلسلة من حوادث القتل التي ينفذها اشخاص يستقلون سيارات أو دراجات نارية والتي تستهدف رجال دين وخطباء إسلاميين، بحالة من الخوف والذعر في مدينة عدن الساحلية جنوب اليمن، مما دفع بعض أئمة المساجد لترك مساجدهم والتخلي عنها فيما فر العشرات منهم خارج البلاد.
كما أن حوادث القتل تلك لفتت الانتباه الى الخصومة التي برزت في عدن كونها ليست إلا حلقة أخرى في حرب اليمن الاهلية المعقدة.
ومنذ عام 2015، حفّز الصراع تحالفاً يضم دولاً معظمها عربية بقيادة السعودية، ضد المتمردين الشيعة في البلاد، المعروفين بالحوثيين، والذين يسيطرون على معظم شمال اليمن وعاصمتها صنعاء. حيث يقاتل التحالف من أجل اعادة الرئيس اليمني المعترف به دولياً عبد ربه منصور هادي إلى السلطة.
وكانت الامارات العربية المتحدة قد انضمت الى الحرب كشريك ٍرئيس في التحالف، وأرسلت قوات الى جنوب اليمن وتمكنت من إنشاء منطقة نفوذ في أرجاء المنطقة. إضافة ًالى قيامها بإنشاء مليشيات قوية التسليح في تحدٍ للقوات الموالية للرئيس هادي، الذي بقى في منفاه الاختياري في السعودية معظم العامين الماضيين.
وفي حالات عديدة، خاضت الميليشيات المدربة إماراتياً - والتي يعمل بعضها تحت مظلة المجلس الانتقالي الجنوبي الذي يعتبره البعض قوةً انفصالية تقاتل لاستقلال جنوب اليمن- اشتباكات عنيفة مع قوات هادي. وارتبطت الامارات أيضا بسجون سرية يُعذب فيها مشتبهين بالإرهاب تم اعتقالهم بدون محاكمة، وهي تهمة تنفيها الامارات.
كما تُكن الدولة الخليجية (الامارات) عداوةً عميقة تجاه الحليف الرئيسي للرئيس هادي في الجنوب وهو فرع الاخوان المسلمين في اليمن المعروف بحزب الاصلاح.
والعديد من رجال الدين الذين تعرضوا للقتل ينتمون إلى حزب الاصلاح. وفي معظم الحالات تم إطلاق النار عليهم من قبل مسلحين في أثناء مغادرتهم للمساجد عقب صلوات الجمعة أو خارج منازلهم.
ويُظهر إحصاء لوكالة الأسوشيتد برس الامريكية، بأن 25 على الاقل من رجال الدين والخطباء وعلماء الدين تعرضوا للاغتيال منذ عام 2016 في عدن ومحافظات جنوبية، وقتل قرابة 15 منهم خلال الستة الاشهر الماضية وحدها.
وقد تسببت عمليات القتل تلك بإذكاء نار الغضب ضد الامارات في عدن. ومؤخراً انتشرت عبارات رسمت على الجدران في الشوارع تقول "يسقط الاحتلال الاماراتي".
ويوم الثلاثاء أدان بيان مشترك لـ 12 حزباً وحركة ً سياسية "أيادي الشر التي تقف وراء الاغتيالات" التي استهدفت رجال دين. وقال البيان إن جميع من قُتلوا كانوا من مؤيدي حكومة هادي.
وقال وزير الاوقاف اليمني احمد عطية بأن عمليات القتل "ممنهجة" وبأن العديد من رجال الدين قد غادروا اليمن حتى الان وهربوا صوب دول كالأردن ومصر.
واضاف لدى حديثة من الرياض "إذا استمر ذلك فسنطلب من رجال الدين البقاء في بيوتهم وعدم الذهاب الى المساجد ".
كما طالب عطية ببذل الجهود "لإنقاذ رجال الدين والعلماء والأئمة" في عدن، وحذر مكتبه من أن تلك الاغتيالات تتم جنباً الى جنب مع إحداث تغيرات قسرية لرجال دين ينتمون لحزب الاصلاح.
أما حكومة هادي، التي تعمل في الغالب من الخارج باستثناء القليل فقط من الوزراء الذين يتواجدون على الارض في عدن، فقد استنكرت الاغتيالات باعتبارها "محاولات يائسة من قبل عناصر ارهابية وخارجه عن القانون" ضد الحكومة الشرعية.
ولم تدعي أي جماعة مسؤوليتها عن عمليات القتل. في حين تكتفي السلطات في عدن بالقول فقط أنها تحقق في الأمر وأنها طوقت بعض المشتبه بهم.
وقد اتهم مسؤول أمنى كبير في عدن، اشترط عدم الكشف عن هويته، الامارات بالتخطيط لعمليات الاغتيال. وقدمت وزارة الاوقاف بعدن قائمة تضم 20 اسماً لرجال دين تم اغتيالهم، والخمسة الاسماء الإضافية قامت الاسوشيتد برس بحصرهم.
علي الجيلاني، خطيب مسجد القادرية في عدن كان أول من تم قتلهم في يناير 2016. وفي الشهر التالي قتل عبد الرحمن العدني وهو أحد أبرز رجال الدين في عدن.
وفي فبراير، أقدم مسلحون ملثمون في عدن، على قتل شوقي كمادي عضو حزب الإصلاح. والأربعاء الماضي فقط، توفى ياسر العزي، إمام مسجد عمر بن الخطاب في عدن، والذي مات متأثرا بجراحه بعد استهدافه بمحاولة اغتيال الاسبوع المنصرم.
وقال رجل دين في مديرية المنصورة بعدن بأنه توقف عن الذهاب الى مسجده بعدما تلقى تهديدات بالتصفية الجسدية. وقد امتنع عن ذكر اسمه او الظهور خشية تعرضه للعقاب.
وتحدث في مكالمة هاتفية قائلاً "نصحني اصدقائي بالبقاء بعيداً"، كما قال بأن مسجداً اخر تم اغلاقه في المنصورة وذلك إثر مقتل اثنين من أئمته. وأضاف رجل الدين "ما يحدث هو أمر مرعب".
ويوم الخميس الماضي، أعتقل مسلحون نضال باحويرث، وهو خطيب مسجد الضهيبي في عدن، مما أدى الى تجمع للمتظاهرين المحتجين في المدينة.
وقال ولده محمد باحويرث بأنه تتبع المركبة التي كان يستقلها الرجال الذين اخذوا والده ووجد أن والده أُخذ الى مقر قيادة ما يسمى بقوة مكافحة الإرهاب، وهي واحدة من عدة تشكيلات في عدن تخضع فقط للإمارات.
وقال محمد "يريدون تدمير الاصلاح واهانته وجعل رجال الدين يجثون على ركبهم"، مضيفاً أن والده البالغ من العمر 51 عاماً، تلقى تهديدات عبر الهاتف تطالبه بدفع أموال، آخرها تهديد تلقاه قبل ساعات فقط من ختطافه. وعندما بدأت التهديدات، توقف والده عن الذهاب لصلاة الفجر. على حد قوله.
ولم يرد تحالف السعودية على طلبات اسوشيتد برس للتعليق.
وقد أنتقد فؤاد ابن الشيخ، وهو وزير يمني سابق للشؤون الدينية، صمت المسؤولين ازاء قتل رجال الدين. وقال عبر حسابه في فيس بوك "لا يمر أسبوع من دون سماع أخبار صادمة عن اغتيال لإمام أو واعظ" في عدن.
وكتب قائلاً "انا لا أفهم (ما يجري) من تصفيات للعلماء"، متسائلا: "ماهي الرسالة؟"