كشف عاقل الصيادين بمدينة المخأ الساحلية- غرب محافظة تعز- عن قيام قوات بحرية إرتيرية بانتهاك السيادة اليمنية عبر اختراقها للمياه البحرية اليمنية واختطاف صيادين يمنيين مع قواربهم من داخل سواحل المخأ صباح الجمعة الماضية.
ولا توجد إحصائية معتمدة بعدد الصيادين اليمنيين الذين اعتقلهم الأريتيريون خلال الفترة الماضية. إلا أن السلطات الإريترية أعادت، هذا الأسبوع فقط، أكثر من 50 صيادا، دفعة واحدة على متن قاربين صغيرين فقط. في عملية تعكس رغبة مبيتة للقضاء عليهم في البحر قبل وصولهم إلى مناطقهم. بحسب ما يؤكده عاقل الصيادين في المخأ.
واستنكر عاقل صيادي المخأ، هاشم الرفاعي، انتهاك القوات الارتيرية للسيادة اليمنية، واختطاف عدد من الصيادين اليمنيين مع قواربهم، في أحدث جريمة وقعت صباح الجمعة الماضية، بينما كانوا يصطادون على بعد (18) كيلو متر من منطقة "يختل" الساحلية، التابعة لمدينة المخأ.
وروى الرفاعي، في منشور كتبه على صفحته الخاصة بالـ"فيس بوك"، يوم الإثنين، بعض التفاصيل المروعة حول عملية الاختطاف تلك من "داخل المياه اليمنية"، وما رافقها من معاملة قاسية لا إنسانية لهم، مناشدا الحكومة الشرعية والتحالف العربي القيام بواجبهما تجاه الصيادين بالمخأ.
تفاصيل قصة مأساوية..
انتهاك السيادة اليمنية
بحسب الرواية التي نشرها عاقل الصيادين في المخأ، هاشم الرفاعي، أنطلق الصيادون اليمنيون على متن قواربهم، الساعة العاشرة من صباح يوم الجمعة من منطقة (يختل).
[تفيد مصادرنا أن منطقة (يختل)، تتبع مدينة المخأ الساحلية، وتبعد عنها تقريبا ما بين: 15 – 20 كيلو متر، إلى جهة الشمال].
وأضاف الراوي: "وعلى بعد 18 كيلو من (يختل)، تفاجئوا بزوارق الإرتيريين تطلق عليهم نيران كثيفة وتجبرهم على السير أمامهم إلى الأراضي الإريترية".
ويواصل الرفاعي، موضحا: "كان عددهم سبعة قوارب، أربعة قوارب من المخأ، وهم كالتالي: 1) سامي ناصر علي صغير 2) عقبه ناصر علي صغير 3) ظهران محمد علي صغير 4) وليد محمد علي عنيبي.
وفي حين نفى معرفته ببقية أسماء الصيادين على القوارب الثلاثة الأخرى، التي تتبع صيادين من منطقة (يختل)، فقد أكد: "قدمنا بلاغات للقيادات الأمنية في المنطقة، مستغربين مما حصل. ولأول مرة، حسب علمنا، يحصل مثل هكذا انتهاك للسيادة اليمنية، وتتجرأ القوات الإريترية الدخول في الساحل (اليمني)، وأخذ صيادين يصطادون في السواحل اليمنية، وعلى مسافة قريبه من الشواطئ اليمنية، واقتيادهم الي جزيرة "حالب" الإريترية".
[جزيرة حالب: هي جزيرة إرتيرية، وتعتبر واحدة من بين جزيرتين تتبعان "مجموعة جزر عصب". وتقع "جزيرة حالب" تحديدا، في خليج عصب عند الطرف الجنوبي من الساحل الإرتيري. وتلي جزيرة "بريم" اليمنية، بكونها أقرب الجزر إلى مضيق باب المندب]
انتهاك لكرامة اليمني
ويتابع عاقل الصيادين سرد بقية تفاصيل القصة، قائلا: أخذوا (أي الإرتيريين) خمسه قوارب، تفودوها فود، وأعطوهم قاربين، وشحنوا الصيادين كلهم في القاربين.
وحيث أوضح أن القاربين- بالطبع- لا يتسعان لخمسين شخصا..! الأمر الذي جعلهم يترجونهم أن يعطوهم قاربا آخر إضافيا، على الأقل، إلا أنهم رفضوا ذلك..! ثم طلبوا منهم امدادهم بالمزيد من الوقود للقاربين، حيث أن الوقود المتبقي لم يعد كافيا لإيصالهم، إلا أنهم أيضا رفضوا ذلك، "قائلين لهم: موتوا"...!!!
ويعلق الرفاعي على ذلك بالقول: "وبالقوة ذاتها التي أجبروهم بها عند الدخول معهم، فقد أجبروهم على الخروج للموت، بنفس تلك القوة"
ويواصل: خرجوا (أي الصيادين اليمنيين)، والتفوا الى جزيرة "فاطمة"، وأفرغوا من كل قارب عشرة أشخاص في الجزيرة، بدون علمهم (أي بدون علم الإرتيريين)، وأبحروا في كل قارب (15) شخص، وطبعا تعتبر (هذه) مخاطرة، وبدون بترول يصلهم بالساحل. وقال مستدركا: "أرادوا لهم الموت، وأراد الله لهم الحياة".
[جزيرة "فاطمة": جزيرة إرتيرية، وتعتبر الجزيرة الثانية ضمن "مجموعة جزر عصب". وتقع داخل خليج عصب، شمال جزيرة حالب]
ويوضح الرفاعي المعاناة والمخاطر التي واجهها الصيادون خلال رحلة عودتهم. يقول "كانت سرعة الريح 58كم/في الساعة، صارعوا الموت، وأعانهم رب السماء، ووصلوا بالأشرعة بعدما أنتهي البترول وتوقفت المحركات. قطعوا المسافة منذ ظهر اليوم الأول، ووصلوا صباح اليوم الثاني".
ويستمر: (بعد وصولهم)، "أبلغونا بأن بقية البحارة (20 بحارا) تركوهم في جزيرة فاطمة الإريترية، فخرجنا بعدهم بثلاثة قوارب إلى الجزيرة، وأتينا بهم"، مضيفا: "غامرنا، ونجحنا في إنقاذهم".
ولفت إلى أنه في حال ما "لو أن القاربان اللذان خرجا بالأشرعة كانا قد انقلبا (وغرقا) وسط البحر، لمات (أيضا)، البحارة اللذين تركوهم في الجزيرة".
الأسباب الرئيسية للمشكلة
وأختتم عاقل الصيادين في المخأ، هاشم الرفاعي، منشوره، بتوجيه مناشدته إلى الحكومة الشرعية "للنظر بعين المسؤولية تجاه ما يحصل"، مضيفا: كما أناشدهم أيضا بعودة الصيادين إلى مزاولة عملهم في مدينتهم، ورجوعهم إلى سواحلهم التي خرجوا منها مؤقتا، ومنها ساحل العروك.
وطالب بإيقاف منعهم من ممارسة مهنتهم الوحيدة في الصيد في مناطقهم، قائلا "كفاية ما يحصل للصيادين". وأضاف: كما نناشد العقال والمشايخ والجهات الأمنية والتحالف، ونطلب منهم عودة الصيادين إلى مدينتهم".
وعمليا، تعود قصة معاناة صيادي المخأ، إلى ما قبل عام تقريبا، عقب أن بسطت القوات الإماراتية سيطرتها على مدينة وميناء المخأ مطلع العام الماضي 2016، حيث حولت الإمارات المدينة والميناء إلى قاعدة عسكرية لها، وأصدرت توجيهات صارمة بمنع أحد من الاقتراب، بما في ذلك منع الصيادين من الاصطياد أو الاقتراب من الساحل.
ومنذ ذلك الحين، يشكوا الصيادين هناك من عدم القدرة على إعالة أسرهم الفقيرة نتيجة حرمانهم من مصدر دخلهم الوحيد. حيث اعتقلت القوات الإماراتية، الفترة الماضية، عدد من صيادي مدينة المخأ بجنحة خرق تلك الأوامر. بينما يؤكد هؤلاء أنهم كانوا فقط يحاولون الصيد تحت ظروف الحاجة الماسة لإعالة أسرهم.
ونتيجة لذلك المنع، يُعتقد أن بعض الصيادين في المخأ اضطروا الى المغامرة والتوغل أكثر في عمق المياه الإقليمية اليمنية. الأمر الذي جعل بعضهم، ربما، يشرد قليلا، بعيدا عن الساحل اليمني، تجنبا للاعتقال من قبل القوات الإماراتية، ليقعوا بيد القوات الإريترية التي كانت تنتظرهم دائما.
وقد يعزز ذلك، ما ذكره الرفاعي- في سياق روايته السابقة- من خلال إشارته إلى أن السلطات الإريترية أطلقت سراح 50 صيادا يمنيا، مع أنه لم يذكر في روايته سوى حادثة الاعتقال الأخيرة، الجمعة الماضية، لسبعة صيادين فقط. ما يعني أن هذا العدد الكبير من الصيادين اليمنيين كان معتقلا لدى الإرتيريين من السابق..!!
وفي حين لم يوضح العاقل: كيف؟ أو متى تم اعتقال هذا الكم الهائل من الصيادين اليمنيين؟ إلا أن إشارته إلى أن حادثة الاعتقال الأخيرة، هي "المرة الأولى"- بحسب علمه- التي تشكل انتهاكا للسيادة اليمنية، كونها وقعت داخل المياه اليمنية، توحي أن بقية الصيادين الـ(50)، اعتقلوا خارج المياه الإقليمية لليمن.
التفاف إماراتي
ومع ذلك، فقد شككت مصادر محلية، لها علاقة بالصيادين في المخأ، برواية عاقل الصيادين، فيما يتعلق بمرات انتهاك الإرتيريين للسيادة اليمنية واختراقهم المياه الإقليمية لليمن لاعتقال الصيادين.
ولفتت المصادر، التي تحدثت لـ"يمن شباب نت" تحت شرط السرية، إلى تلك العلاقة التي تجمع الإماراتيين بإرتيريا. حيث افتتحت أبو ظبي قاعدة عسكرية لها في ميناء عصب الإرتيري في إبريل 2015، ضمن اتفاق بين الدولتين مدته 30 عاما.
وعليه، تعتقد المصادر، أن الاعتقالات التي حدثت، طوال الفترة الماضية، ومازالت تحدث حتى اليوم للصيادين اليمنيين على السواحل اليمنية، أو حتى خارجها قليلا، من قبل القوات الإريترية، ليست ببعيدة عن الرغبة الإماراتية، خصوصا وأن تلك الاعتقالات تقوم بها قوات ارتيرية في ميناء "عصب"، الذي أصبح قاعدة عسكرية إماراتية، حيث تتولى الإمارات هناك، أيضا، تدريب وإدارة تلك القوات الإريترية، بموجب الاتفاق المبرم بين الدولتين.
أضف إلى ذلك، أن الإمارات اليوم أصبحت تسيطر على كامل الشريط الساحلي، من ميناء "الحيمة" في مديرية الخوخة، التابعة لمحافظة الحديدة، شمالا، مرورا بسواحل محافظة عدن جنوبا، وحتى سواحل المهرة شرقا، على حدود سلطنة عمان. ما يجعلها المتحكم الأول بالشريط الساحلي لليمن.
وطبقا لهذا السياق، فإن الإمارات بدلا من مواصلتها بنفسها عمليات اعتقال الصيادين اليمنيين في ساحل المخأ ومحيطه، تستخدم تلك القوات الإريترية للقيام بالمهمة نيابة عنها، للالتفاف على شكاوى صيادي المخأ التي ارتفعت ضدها خلال الفترة الماضية.
وعلى ما قد تظهره تلك التفسيرات من توجيه الاتهام المباشر لدولة الإمارات، الشريك الرئيسي الأهم- بعد السعودية- في التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن، تبقى مناشدة عاقل الصيادين في المخأ، هاشم الرفاعي، إلى الحكومة الشرعية والتحالف العربي بالسماح لصيادي ساحل المخأ بالعودة إلى "مزاولة عملهم في مدينتهم، ورجوعهم إلى سواحلهم التي خرجوا منها مؤقتا"، هي الأهم في تحديد وكشف طبيعة المشكلة الرئيسية التي يعاني منها أولئك الصيادون.
وعليه، ستظل هذه المشكلة قائمة، طالما وأن الإمارات، المسيطرة على الساحل اليمني، ترفض السماح لهم بالعودة مجددا إلى ممارسة مهنتهم الوحيدة في مدينتهم.