تحمل القذائف أو القنابل المموهة كالصخور والموضوعة على جوانب الطرق، أوجه شبه لأخرى مماثلة يتم استخدامها من قبل حزب الله في جنوب لبنان ومتمردون في العراق والبحرين مما يوحي على الأقل بتأثير ايراني في تصنيعها، وفقاً لما ذكرته مجموعة (ووتش دوج) اليوم الاثنين.
ويأتي التقرير الذي أعده مركز أبحاث تسلح الصراعات (كونفليكت آرمامنت ريسيرتش) في الوقت الذي يتهم فيه باحثون من الأمم المتحدة وكذا الدول الغربية، إيران بتزويد المتمردين الشيعة والمعروفين بالحوثيين في اليمن بالأسلحة حيث يسيطر الحوثيون على عاصمة البلاد منذ سبتمبر ايلول من عام 2014.
وقد شملت تلك الأسلحة ما أدُعي بأنه صواريخ بالستية استُخدمت في استهداف السعودية التي تقود تحالفاً عسكرياً مكون من دول عربية وتدعمه الولايات المتحدة الأمريكية والذي يجد نفسه حالياً عالق في حرب مع الحوثيين والتي وصلت الى طريق مسدود. حيث قتلت سلسلة صواريخ حوثية أُطلقت في وقت متأخر من يوم الأحد، شخصاً في العاصمة السعودية الرياض كما جُرح شخصين آخرين.
ومنذ مدة طويلة تنفي إيران تزويدها الحوثيين بالسلاح كما أن بعثتها الى الامم المتحدة تنفي التقرير الجديد ايضاً حيث سخر وزير خارجيتها محمد جواد ظريف من هكذا دراسة أسلحة، واصفاً إياها باعتبارها "دليلاً مفبرك ".
ويعتبر التقرير الدلالة الاخيرة حول الكيفية التي تغير من خلالها الصراع في اليمن، وهي أفقر البلدان العربية والتي قتل فيها قرابة 10 الاف شخص، من كونه حرباً اهلية ليصبح حرباً بالوكالة بين المتنافسين الخصوم في الشرق الأوسط حيث طوت الحرب التي تقودها السعودية هناك عامها الثالث أمس الأحد.
وقال تيم ميتشاتي، وهو مدير العمليات الإقليمية لدى مركز ابحاث تسلح الصراعات "ما نأمله من وراء ذلك هو جعل القدرة المعقولة على الإنكار (تبدوا) غير معقولة كثيراً" وأضاف "حقاً لا يمكنكم إنكار ذلك بعد الآن طالما أن المكونات التي صُنعت منها تلك الأشياء تعود لموزعين ووكلاء إيرانيين".
منظمة تيم ميتشاتي وهي مجموعة رقابية مستقلة تتلقى تمويلاً من المانيا والامارات والاتحاد الاوربي وذلك لإجراء ابحاث في الاسلحة التي تتم معالجتها في اليمن، قالت بأنها فحصت في شهر يناير قذيفة صخرية مزورة قرب المخا التي تبعد قرابة 250 كم عن الجنوب الغربي للعاصمة صنعاء.
ووفقاً لما قالته المجموعة فإن ممن الممكن أن تكون القذيفة المغلفة بألياف زجاجية والمحشوة بالمتفجرات، مزودة بلاسلكي ويتم إثارتها بإشعاع من الاشعة تحت الحمراء. كما ذكرت بأن هنالك ثلاثة نوعيات من ضمنها الغام مضادة للأفراد إضافة الى ما يسمى بالمقذوفات المصممة بشكل انفجاري والتي بمقدورها اختراق المركبات المدرعة وتم استخدامها بفعالية قاتلة ضد القوات الامريكية في أعقاب الغزو الامريكي للعراق عام 2003.
وقد تشابهت مجموعة الدوائر الكهربائية في القذائف مع تلك التي يصنعها مقاتلون في البحرين بينما حملت القذائف علامات توحي بأن مصنعاً واحداً هو من أنتج جميع تلك المتفجرات، كما قال التقرير بأن مثل تلك القذائف لم تُستخدم بعد في مملكة البحرين المحاذية للسعودية في ظل قمع يواجه جميع المعارضين.
كما قال التقرير بأن المحققين وجدوا نوعا من اغطية الأسلاك المصنعة في الصين تم استخدامه في مواد ايرانية اخرى.
وذكر أن محققين مستقلين فحصوا المتفجرات وقالوا بأن "التركيب يدل على أن صانع القذيفة لديه درجة من المعرفة في تركيب الأجهزة التي شابهت، ومن الممكن أن تكون استُخدمت بطريقة مماثلة للمقذوفات المصممة بشكل انفجاري والتي تم التأكد بالدليل من ارتباطها بإيران وحزب الله- بحسب ما قاله التقرير.
وقد رفض المتحدث بإسم البعثة الايرانية لدى الامم المتحدة علي رضا ميروسوي، التقرير، كما قال بأن الحوثيين ليسوا بحاجة لمثل تلك الاسلحة طالما أنهم يسيطرون على مخازن السلاح الذي تم شرائه في عهد الرئيس اليمني السابق صالح الذي كان حليف الحوثيين يوماً ما وقتل على ايديهم في ديسمبر الماضي.
وقد تحدث ميروسوي لوكالة الأسوشييتد برس قائلاً" لقد كان صالح حبيباً لأمريكا والسعودية".
وأضاف " يبدوا أن دولارات البترول تدفع باتجاه هكذا تقارير بغرض تبرير جرائم الحرب في اليمن إضافة الى تسويغ قمع واضطهاد المظاهرات الشعبية المدنية بشكل كامل في البحرين".
وبعد إعلامه برد فعل الايرانيين، فقد دعا تيم ميتشاتي المسؤولين في طهران للمشاركة ضمن أبحاث منظمته في المستقبل.
وليست هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها اتهام إيران بتسليح الحوثيين بشكل متكرر فقد قال اسطول البحرية الامريكية الخامس الذي يتواجد في البحرين بأن إيران ترسل اسلحة الى اليمن، مشيراً الى ما تمت مصادرته خلال فترة امتدت لأربعة اسابيع وذلك في مطلع العام 2016 عندما أوقفت سفن التحالف الحربية ثلاثة قوارب صغيرة وسفن تقليدية تبحر بشحنات في الخليج (الفارسي) حيث كانت تلك القوارب الصغيرة تحمل الاف بنادق الكلاشنكوف اضافةً الى قناصات ورشاشات وقاذفات صواريخ موجهه وصواريخ مضادة للدبابات اضافة الى اسلحة اخرى.
حيث كان أحد القوارب الصغيرة يحمل 2000 بندقية هجومية حديثة بأرقام تسلسلية تحمل ترتيبا ًمتسلسلاً. مما يوحي بأنها جاءت من المخزون الاحتياطي القومي بحسب ما قاله تقرير سابق لمركز ابحاث تسلح الصراعات. كما حملت قاذفات الصواريخ الموجهة علامات تدل على كونها مصنوعة في إيران -بحسب المجموعة.
وأضافت المجموعة بأن الطائرات بدون طيار التي يستخدمها الحوثيون لاختراق واستهداف بطاريات الصواريخ باتريوت في السعودية تتشارك " خصائص تركيبية وتصميماً مطابقاً تقريباً للطائرات الايرانية بدون طيار.
كما يتم الادعاء بأن شحنات الاسلحة تتضمن ايضاً تكنولوجيا الصواريخ البالستية حيث يتفق كلاً من الامم المتحدة والدول الغربية والتحالف الذي يقاتل في اليمن، في القول بأن صاروخ "بركان" الحوثي يشبه في خصائصه صاروخ "قيام " البالستي الايراني. ويقولون بأن ذلك يوحي بأن طهران إما أن تكون قد شاركت التكنولوجيا أو قامت بتهريب الصواريخ المفككة الى الحوثيين الذي بدورهم أعادوا تركيبها.
أما إيران فتنفي أن تكون قد تشاركت الصواريخ مع الحوثيين بالرغم من أن خطوة كهذه ستكون ملائمة لنموذج تتبعه الجمهورية الاسلامية منذ حربها مع العراق في ثمانينات القرن المنصرم حيث تجنبت إيران المواجهة المباشرة مع خصومها الخارجيين وتبنت بدلاً من ذلك مجموعات وكلاء أو أذرع تقوم بتسليحها عبر فيلق القدس المتشدد التابع للحرس الثوري أو سماسرة ووكلاء اخرين.
ويأتي الاتهام الاخير في الوقت الذي يواجه فيه التحالف الذي تقوده السعودية انتقادات دولية مكثفة وذلك جراء حملته الجوية التي ضربت المستشفيات والاسواق وقتلت مدنيين كُـثر. حيث تقول الامم المتحدة بأن حصار السعودية لموانئ اليمن " هو بالفعل استخدام لتهديد التجويع كوسيلة للمساومة والحرب " في بلد يواجه بالفعل تفشياً للكوليرا والدفتيريا وعلى حافة حدوث المجاعة.
ويقول محللون بأن شحنات الاسلحة الايرانية الى اليمن تستنزف السعودية، خصمها الاقليمي وبكلفة منخفضة بينما تقدم القدرة على الإنكار لطهران.
وتقول فاطمة عبد الناصر وهي محلل بارز لدى المؤسسة العربية في واشنطن "تلك كانت فقط فرصة ذهبية لإيران لامتلاك تلك القدرة على الوصول ولتفعلها بكلفة رخيصة جداً ولتستمر في كونها شوكة في عنق السعودية". وأضافت "ولقد كان ذلك فوزاً كبيراً لهم".
*لقراءة المادة باللغة الإنجليزية إضغط هنا