بالتزامن مع التحركات الدبلوماسية الدولية التي تهدف إلى الدفع بخيار احياء مساعي الحل السياسي في اليمن، شهدت العديد من جبهات البلاد تصعيداً عسكرياً بين قوات الجيش الوطني وجماعة الحوثي الانقلابية، مصحوباً بغارات جوية مكثفة تنفذها مقاتلات التحالف العربي بقيادة السعودية.
وفي أواخر الشهر الماضي فبراير صعَّدت جماعة الحوثي الانقلابية عسكرياً ضد قوات الجيش الوطني في ثلاث جبهات رئيسيه: تعز، صنعاء، مأرب. تزامناً مع مواصلة الجماعة عمليات الحشد والتدريب للمقاتلين في المناطق الخاضعة لسيطرتها، حيث احتفلت مؤخراً، بتخرّج دفعة من المقاتلين قالت إنهم سيتولون الدفاع عن صنعاء.
في المقابل تمثل تصعيد قوات الجيش الوطني (الشرعية) بإطلاق عمليتين عسكريين لتحرير مناطق جديدة تحت قبضة الحوثيين في محافظتي البيضاء (وسط البلاد)، و صعدة (شمال البلاد).
ومنذ انطلاق العملية العسكرية مطلع مارس الجاري في محافظة صعدة حققت قوات الجيش انتصارات كبيرة مكنتها على الاقتراب من مديرية مران "معقل زعيم جماعة الحوثي الانقلابية" بعد تحرير عدة مواقع استراتيجية في مديرية رازح.
وبحسب مراقبون فإن دلالة التصعيد العسكري في هذا التوقيت يهدف إلى محاولة الطرفين السيطرة على مواقع ومناطق استراتيجية تمكنهم من نقاط القوة خلال المفاوضات القادمة.
تحركات دولية
وتأتي التحركات الدبلوماسية بهدف محاولة إقناع الأطراف اليمنية المتنازعة للعودة إلى طاولة المفاوضات تمهيداً لبدء رحلة المبعوث الجديد البريطاني" مارتن غريفيث"،الذي سيبدأ تنفيذ مهامه خلال الأيام القليلة القادمة.
واليوم الاثنين، التقى الرئيس عبد ربه منصور هادي ، كل من سفيري أمريكا وألمانيا، لدى بلاده، وتباحث معهما حول الأوضاع التي تشهدها اليمن، وسبل الدفع بالعملية السياسية وتحقيق السلام.
وأكد هادي خلال لقائه بالسفيرين على أهمية تحقيق السلام في البلاد، متهماً الحوثيين بعرقلة هذه الجهود.
و قال السفير الأمريكي تولر، إن اللقاء يأتي في إطار الوقوف على المستجدات وآفاق السلام المتاحة في اليمن، في ظل المبعوث الجديد للأمم المتحدة، الذي يتطلع الجميع للتعاون معه لتحقيق الأهداف المطلوبة.
من جانبه، قال السفير الألماني لدى اليمن، هينسورغ هابير، إن بلاده تتطلع، إلى تعزيز فرص السلام مع مباشرة المبعوث الأممي الجديد الى اليمن لمهامه. مؤكداً على دعم بلاده لأي جهود تخدم أمن واستقرار اليمن، وكذلك دعم الجهود الإنسانيه والإغاثية.
وخلال الأيام الماضية دعت عدة دول بينها فرنسا وبريطانيا وروسيا، إلى ضرورة استئناف عملية السلام في اليمن، وإنهاء الأزمة التي خلفت واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم.
ومن المقرر أن يعقد المبعوث الأممي الجديد، خلال الفترة القليلة المقبلة، لقاءات مع ممثلين عن الحكومة اليمنية من جهة، والحوثيين من جانب آخر، من أجل عقد جولة جديدة من المفاوضات.
ضغوطات للقبول بالتسوية
ويرى المحلل السياسي، ياسين التميمي، أن ما تشهده جبهات نهم وصعدة لا يتعدى كونه نوعا من الضغوط العسكرية التي تمارس بهدف دفع الحوثيين إلى القبول بتسوية سياسية أو انها تأتي بهدف انهاك ميليشيا الحوثي حتى يتسنى ترتيب مسار عسكري جديد من خارج الشرعية والجيش الوطني وفق ما تريد الإمارات على وجه التحديد.
ويعتقد، التميمي، أن التحركات في الجبهات العسكرية لا تشهد تطورا استثنائيا هذه الأيام فهي لا تزال تراوح مكانها. كما انها لا تأتي في سياق مخطط واضح ومتفق عليه للحسم العسكري.
أما عن أهمية عودة مسار الحل السياسي يرى التميمي في سياق حديثه لـ"يمن شباب نت" أنه في أشد حالاته جمودا بانتظار تحرك المبعوث الجديد الذي يتعين عليه أن يشق مسارا مختلفا للوصول إلى تسوية سياسية تتجاوز تعقيدات المرحلة السابقة.
ويضيف التميمي "في تقديري لن يتحقق اذا لم يحظ هذا المبعوث بدعم قوي من الأطراف المعنية واستجابة حقيقية من جانب الطرف الانقلابي؛ واذا لم يتغلب على التهديدات الناشئة عن المجلس الانتقالي الجنوبي المنادي بالانفصال والمدعوم إماراتيا".