في تطور وصف بأنه "خطير"، هددت مليشيا الحوثي، منتصف الأسبوع الماضي، على لسان رئيس ما يُسمى بالمجلس السياسي التابع لها، صالح الصُماد، "بقطع الملاحة الدولية في البحر الأحمر"، خلال لقاء جمعه الأثنين الماضي بصنعاء مع نائب المبعوث الأممي إلى اليمن، في أول زيارة له إلى اليمن منذ تعيينه.
وبعد يوم واحد فقط من ذلك التهديد، أعلنت المليشيا الانقلابية، عن تمكن ما أسمتها بالقوات الجوية والدفاع الجوي، "إدخال منظومة صواريخ أرض- جو جديدة لميدان المعركة".
كما جاء هذا الإعلان الحوثي الأخير، بعد أقل من 28 ساعة على إعلان ميليشيات الحوثي، يوم الأحد الماضي، عن إسقاط طائرة تابعة للتحالف العربي في اليمن، وفقا لما أوردته قناة المسيرة من أنه "تم إسقاط طائرة حربية من نوع تورنيدو، في مديرة كتاف بمحافظة صعدة شمال البلاد، أثناء قيامها بمهام عسكرية".
وبعدها بساعات قليلة، أعترف التحالف العربي بقيادة السعودية بسقوط الطائرة المذكورة، لكنه عزى السبب إلى ما وصفه بـ"خلل فني"، مؤكدا إنقاذ طياريها في عملية نوعية، جوية وبرية مشتركة.
وقال الحوثيون في بيان نشرته وكالة "سبأ" للأنباء، الخاضعة لسيطرتهم: "أصبحنا بعون الله أقوى وأقدر على المواجهة والتصدي لسلاح الجو المعادي". وأشارت إلى أن المنظومة الجديدة تمكنت من إسقاط طائرة تورنيدو في صعدة، وإصابة طائرة أخرى من طراز “إف15" في صنعاء.
وإذا كان من اللافت، أن تأتي هذه التطورات في أعقاب مقتل الرئيس السابق علي عبد الله صالح، على أيدي هذه المليشيا، في الــ 4 من ديسمبر، والتي مكّن لها صالح، وفتح لها أبواب المعسكرات والمؤسسات المدنية والعسكرية، قبل ان تجرده من كل شيء، حتى تمكنت من قتله، وتشريد أنصاره وقتل واختطاف بعض أفراد أسرته، في مشهد لم يكن يتخيله أحد قط.
فإن اللافت أكثر، أن تتزامن هذه التهديدات، والإعلان عن المنظومة الصاروخية الجديدة، واسقاط الطائرة السعودية، مع زيارة نائب المبعوث الأممي الى اليمن، الذي وصل العاصمة صنعاء يوم السبت قبل الماضي، للقاء وفد مليشيا الحوثي، والمؤتمر الشعبي العام، في أول مهمة ميدانية له استمرت خمسة أيام. والتي يعتقد أنها لم تحقق نجاحا يذكر، حيث غادر الرجل يوم الأربعاء دون الإعلان عن الوصول الى أي اتفاق حاسم مع المليشيا الحوثية.
الأمر الذي نُظر فيه إلى تلك الزيارة، وفقا لمراقبين، وكأنها محاولة إنقاذ للمليشيا الحوثية، خصوصا في ظل ما يُعلن عنه من انهيارات ميدانية متلاحقة تتعرض لها في أكثر من جبهة.
هل فشل التحالف أم يتلاعب بنا الحوثي؟!
يأتي ذلك، في حين فتح إعلان المليشيات عن تمكنها من إدخال هذه المنظومة الصاروخية الجوية الجديدة والحديثة، مجالا واسعا أمام التساؤلات والتكهنات لدى المراقبين والمهتمين في الشأن اليمني، خصوصا وأنها جاءت في ظل إغلاق قوات التحالف للموانئ والمطارات اليمنية، وفرض الرقابة الكامل عليها بهدف منع وصول الأسلحة الى الحوثيين، كما أعلنت قوات التحالف ذلك أكثر من مره.
إلا أن الخبير اليمني في الشؤون العسكرية، علي الذهب، لم يستبعد أن يحصل الحوثيون على هذه المنظومة من الصواريخ، في ظل فشل التحالف في تطبيق قرار مجلس الأمن 2216، خاصة في شأن حظر توريد ونقل الأسلحة إلى الحوثيين.
وأتهم الخبير "الذهب"، في حديثه لـ"يمن شباب نت"، دولا في التحالف العرب (لم يسمها)، بـ"العمل على تسهيل وصول هذه الصواريخ، وأسلحة أخرى إليهم، في إطار مصالح مشتركة غير معلنة". حد تعبيره.
ومع ذلك، فقد قلّل الذهب، من أهمية هذه الخطوة، مستبعدا أن "تشكل تحولا مؤثرا في مسار الحرب، سواء كانت هذه الصواريخ موجهة ضد الطائرات أم السفن"، مرجعا السبب في ذلك الى "تفوق الطرف الآخر". في اشارة الى التحالف العربي بقيادة السعودية والإمارات.
وأشار الذهب الى اهتمام مليشيا الحوثي بالجانب الإعلامي والدعائي خلال الحرب، والذي- في نظره "قد يجافي الحقيقة في كثير من الأحيان". واستشهد في هذا الجانب بعمليات إطلاق الصواريخ الباليستية إلى مدن سعودية ويمنية من وقت إلى آخر، لافتا الى أن "التأثير السياسي والدعائي– لدى مليشيا الحوثي- هو الأبرز"، مقارنة بما تحققه عمليا على أرض الواقع.
وأستدرك: "وهو ما عمدت اليه المليشيا لإعلان هذه المنظومة الجديدة من الصواريخ في ظل الانهيارات الكبيرة التي يتعرضون لها في أكثر من جبهة".
رسائل دولية بائسة
وعلى هذا النحو، وصف المحلل الاستراتيجي، علي الذهب، هذا الإعلان الحوثي بـ"الضجة"، مشيرا الى أن تزامن ذلك مع مقدم نائب مبعوث الأمم المتحدة إلى صنعاء، قد يكون هدفه على الأرجح محاولة "التخفيف من حِدة الضغوط التي تٌمارس تجاههم بشأن تطبيق قرارات مجلس الأمن"، كما أنهم قد يسعون من وراء ذلك إلى "إثارة المخاوف لمحاولة وقف تقدم الجيش في جبهة الساحل الغربي".
كما لم يستبعد "الذهب"، أيضا، أن يكون هدف الحوثيين- من جهة آخرى- السعي "للوصول إلى هدنة، ليس من ورائها السلام، ولكن لكسب الوقت، والاستفادة من التحولات المستقبلية في المنطقة، وفي الداخل". حسب قوله.
من جهته، أكد الكاتب والمحلل السياسي، نبيل البكيري، أن هذا الإعلان من قبل مليشيا الحوثي، عن امتلاكهم منظومة صواريخ جديدة، جاء "في ظل استماتة الحوثيين في محاولة إظهار قوتهم بعد اعدامهم لحليفهم السابق علي عبد الله صالح".
وبالنظر إلى انهياراتهم المتلاحقة في مختلف الجبهات، بما في ذلك مقتل عدد من قاداتهم البارزين، لاسيما بعد مقتل "صالح"، ينظر البكيري، ضمن حديثه لـ"يمن شباب نت"، إلى مثل هذه الإعلانات الفضفاضة، كجزء من التعبير الانعكاسي عن حقيقة "عزلتهم وتتالي انهياراتهم".
وفي قراءة للأمر، في سياق دولي، يعتقد البكيري، أن الإعلان عن المنظومة الصاروخية الجديدة، تندرج في إطار محاولتهم توجيه رسائل للمجتمع الدولي، والخليج، "بأنهم ما زالوا رقما صعبا، لا يمكن تجاوزه".
وقال إن هذه الرسائل الحوثية الى المجتمع الدولي والخليج، جاءت "لإثبات ذلك"، في محاولة يائسة لتفادي انعكاسات انهياراتهم الأخيرة ميدانيا.
كما جاءت، من زاوية أخرى، بحسب البكيري، لتؤكد أنهم "سيذهبون للإضرار بالمصالح الدولية" في حال تجاوزهم، على ضوء ما أفضت إليه الأسابيع الأخيرة من نتائج ميدانية ليست لمصلحتهم.
وبشأن التهديد بقطع الملاحة الدولية، ينظر البكيري إليها، سواء كان باستطاعتهم القيام بذلك أم لا، على أنها تعكس حقيقة "عمق تفكير هذه الجماعة، ونزوعها نحو الاٍرهاب والفوضى" حد تعبيره.
تعليقات