كانت مليشيات الحوثي الانقلابية قد دأبت، في "بيحان" شبوة- كما هو الحال في بقية مناطق سيطرتها- على تمويل جبهاتها واأنشطتها العسكرية والطائفية عبر طرق غير مشروعة، تارة بابتزاز التجار والمواطنين ونهب أموالهم، وتارة بفرض أتاوات وضرائب غير قانونية، وتارات أخرى بالتهديد والتلاعب والاحتيال.
 
في هذا التقرير يسلط "يمن شباب نت"، الضوء على جزء من تلك الانتهاكات والابتزازات المالية التي مارستها مليشيات الحوثي في حق التجار واصحاب رؤوس الاموال من أبناء مديرية "بيحان" على مدى ثلاثة اعوام من سيطرتها على المديرية، قبل تحريرها من قبضتهم مؤخرا.
 
"المولد النبوي" أبرز وسائل التمويل
 
كما هو الحال في كافة المناطق التي تقع تحت سيطرتها وسطوتها، استغلت مليشيات الحوثي المناسبات الدينية لجمع وجني الاموال من المواطنين والتجار تحت مسميات دينية عدة، خاصة بهم.
 
المواطن (ع.أ.س)، مالك أحد المحلات التجارية وسط مدينة العليا، تحدث عن كيفية استغلال ميليشيات الحوثي لمناسبة المولد النبوي لصالح تمويل الجبهات عبر جمع الملايين من التجار وأصحاب المحلات التجارية.
 
وقال لـ"يمن شباب نت": كانت الميليشيات تشكل لجان خاصة تقوم بالنزول الميداني إلى المحلات التجارية لفرض رسوم اجبارية لدعم ما يسمى "المولد النبوي"، وتحدد المبالغ المطلوبة وفقا لنوع السلعة التجارية ومساحة المحل، وحجم النشاط التجاري، حيث تصل بعض الرسوم المفروضة على بعض المحال التجارية إلى (100) ألف ريال.
 
ويضيف: "لا يمكن لأحد أن يرفض تسليم المبلغ المفروض عليه، لأنه سيعتقل ويتعرض للتعذيب، وربما يقتل بتهمة الدعشنة او دعم العدوان".
 
 
وفي آخر مناسبة لذكرى المولد النبوي، كما يؤكد هذا التاجر وفقا لمعلوماته، تجاوزت الاموال التي جمعت لهذه المناسبة مبلغ العشرة مليون ريال يمني من مديرية "بيحان"، في حين أن الفعالية التي أقاموها لم تكلف مليون ريال، بالكثير...!
 
أما المبالغ المتبقية، يضيف: "جزء منها يذهب لدعم جبهاتهم القتالية، والباقي يتم تقاسمه بين القيادات". ويتحدث المواطنين هنا عن قيادات حوثية، وأخرى متحوثة من أبناء المنطقة، أصبحوا أثريا بشكل فاحش خلال السنوات الثلاث الماضية.
 
الابتزاز في المحروقات
 
أصحاب محطات الوقود كانوا ضمن أكثر الفئات التي تعرضت للابتزاز بشكل كبير. فإلى جانب الأموال التي كانت الميليشيات تنهبها منهم تحت عدة مسميات، بعضها بشكل شبه يومي، كان أصحاب المحطات الكبيرة، أيضا، يجبرون على ضرورة إبقاء كمية من الوقود جانبا، دون بيعها أو التصرف بها نهائيا، بحيث تخضع لتصرف الميليشيات فقط.
 
ويشرح (أ.م.ب)، مالك أحد محطات الوقود، لـ"يمن شباب نت" بعض ما كان يحدث له، قائلا: "كانت بعض القيادات الحوثية تأتي الينا، وإلى أصحاب المحطات الأخرى، ويطلبون منا توفير المصروف اليومي لهم؛ من قات ووقود وصرفة"، لافتا إلى أن هذه التصرفات "تكون بصورة فردية، غير الأوامر التي تأتينا من قياداتهم العليا".
 
ومن ضمن طرق الابتزاز التي كانوا يتعرضون لها، يشير (أ.م.ب)، إلى أن المليشيات كانت تقوم باحتجاز ناقلات الوقود في النقاط التابعة لهم، ثم يشيعون الأخبار أنهم يحتجزون تلك القاطرات بهدف الضغط على ملاكها لتخفيض الأسعار، بينما أن الحقيقة غير ذلك تماما، حيث يكون السبب الرئيسي هو التفاوض لإخراج كمية من حمولة الناقلة لصالح المليشيات...!
 
ويؤكد أنه كان يتم إبقاء من 5000 الى 7000 لتر في كل ناقلة نفط تصل الى بيحان للمليشيات، مقابل دفع قيمتها.
واشار إلى أن المليشيات قامت، في إحدى المرات، باختطاف أحد ملاك المحطات ويدعى (العجي)، بعد رفضه طلبهم منه إبقاء 5000 لتر سيتم دفع قيمتها، و 5000 لتر دعم للمجهود الحربي، وتم ايداعه السجن بسبب رفضه ذلك.
 
وبحسب من استقصاهم "يمن شباب نت" من التجار، فإن المليشيات كانت تدعي انها جاءت لتوفير الخدمات وتخفيض الاسعار ومحاربة الفاسدين، بينما ثبت أنهم كانوا هم من يصنعون الاسواق السوداء والازمات للمواطنين، بما في ذلك قيامهم بأخذ كميات من الوقود المخصص لأبناء بيحان لتعزيز جبهاتهم القتالية.
 
وسائل أخرى مختلفة للابتزاز
 
لم تكتفي المليشيات في فرض اتاوات على التجار لنهب اموالهم وأخذها بغير وجه حق، بل تفننت باستخدام اساليب وحيل أخرى.
 
ومن بينها، بحسب (أ.م.ب)، قيامها باختطاف أبناء التجار وايداعهم في السجون بدون أي تهم أو جرائم، وعند السؤال عنهم والمتابعة يتم رفض مقابلتهم بحجة أن هناك تعليمات بعدم اخراج المختطفين، او السماح لذويهم بزيارتهم.
 
ويضيف: ثم تأتي قيادات منهم كوسطاء للتفاوض مع أهاليهم، وينتهي التفاوض بفرض مبالغ مالية كبيرة عليهم، بحجة انهم سيسعون للتفاوض مع قادتهم للإفراج عنهم، ثم يطلبون منهم مبالغ أخرى كفدية لدفعها لمن هم أعلى منهم، وعند الدفع يتم الافراج عنهم مباشرة.
 
وإلى جانب ذلك، هناك أيضا ضرائب القات التي كانت تشكل مصدرا رئيسيا يدر على المليشيات أموالا طائلة بشكل يومي، تقدر ما بين (800) الف، الى مليون و(200) ألف ريال يوميا، وتذهب هذه الاموال الى مسؤولي المليشيات وقادتها الميدانية بالجبهات.