كانت أعمال الجمعيات الخيرية في اليمن تظهر بشكل كبير في رمضان لدرجة أثارت كثيرين لانتقاد حضورها الملفت بهذا الشهر وتراجع أعمالها في الأشهر الأخرى، ومنذ سيطرة الحوثيين على صنعاء قبل ثلاثة أعوام اختفت أعمال هذه الجمعيات حتى في شهر رمضان.
وغالباً كانت الجمعيات الخيرية تحصل على الكثير من الدعم في رمضان من التجار ورجال الأعمال وفاعلي الخير سواء من اليمن أو من دول الجوار، لما يمثله هذا العطاء من أجر خلال شهر رمضان المبارك، وتستفيد الجمعيات من هذا الدعم بتوزيعه على الأسر الفقيرة والمحتاجة .
عملت ميلشيات الحوثي وصالح على إغلاق الجمعيات الخيرية بحجة أنها تابعة لحزب الإصلاح، متجاهلين الأسر المستفيدة منها، وخاصة الفقراء الذين يعتمدون على المساعدات بشهر رمضان |
أسر تشكو غياب الجمعيات
ويرجع غياب تواجد الجمعيات الخيرية في اليمن برمضان لمحاربة الحوثيين هذه الجمعيات بحجة أنها تابعة لحزب الإصلاح، متجاهلين الأسر المستفيدة من أعمال الجمعيات الخيرية، خاصة وأن هناك أسر كثيرة كانت تعتمد على الدعم الذي تحصل عليه من الجمعيات في شهر رمضان بشكل كبير لتوفير احتياجات هذا الشهر.
تقول فاطمة المطري "65 عاماً" أنها كانت تحصل على أكثر من سلة غذائية في رمضان من أكثر من جمعية خيرية، وأن حالتها المادية لم تكن جيدة خاصة بعد وفاة زوجها في 2008م لكنها في شهر رمضان وعيدي الفطر والأضحى كانت تتلقى دعماً من الجمعيات الخيرية يكفيها لشهرين متاليين، وبعد سيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء انقطع عنها كل هذا الدعم .
وتضيف المطري في حديثها لـ"يمن شباب نت"، أنها لم تعد تتلقى ذلك الدعم خلال شهر رمضان كما كان في السابق، مشيرة إلى حصولها على سلة غذائية صغيرة من إحدى المنظمات قبل شهر وأن تلك السلة قد نفدت قبل دخول رمضان .
وتؤكد أنه لولا تعاون الجيران معها ورحمتهم لها وابنتها، لكانت مع ابنتها في عداد الموتى بسبب "الجوع"، مفضلة الموت في بيتها عن الخروج لسؤال الناس في الشوارع والأسواق، ومحمِّلة الحوثيين مسؤولية "قطع رزقها "، حد قولها .
انتهاكات الحوثيين
وفور سيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء لم تسلم مقار الجمعيات الخيرية ومنظمات المجتمع المدني من الاقتحام ، وبحسب تقرير صادر عن "المرصد الأورو متوسطي لحقوق الإنسان" وصلت انتهاكات الحوثيين للجمعيات والمنظمات، في أول شهر عقب سيطرتهم على صنعاء، إلى 22انتهاكا من أصل 4531انتهاكاً بحق المؤسسات والممتلكات العامة والخاصة الأخرى .
يقول صلاح الدين البعداني أن الجمعية الخيرية التي كان يعمل فيها تعرض مقرها في صنعاء للاقتحام من قبل الحوثيين بعد ثلاثة أشهر من سيطرتهم على العاصمة، مشيراً إلى أن مسلحي الحوثي نهبوا أثاث الجمعية وأجهزتها الالكترونية .
استهدفت الميلشيات غالبية الجمعيات الخيرية واحتلت مبانيها وعملت على نهبها خلال عامين |
ويضيف البعداني في حديثه لـ"يمن شباب نت"، أن هذه الجمعية الخيرية رغم أنها ليست كبيرة إلا أنها كانت توفر أكثر من 300سلة غذائية خلال شهر رمضان وتوزعها للأسر المحتاجة، محملاً الحوثيين مسؤولية حرمان الأسر الفقيرة والمحتاجة من هذه المواد الغذائية .
ويؤكد أن محاربة الحوثيين للجمعيات الخيرية ومنعها من مساعدة المحتاجين ضاعف معاناة الأسر الفقيرة، خاصة وأن هناك أسر كانت في تلك الفترة لا تستطيع شراء احتياجاتها الأساسية وهذا يعني أن حالة هذه الأسر أصبحت الآن أسوأ، مشيراً إلى أن الحوثيين لا يهمهم حال هذه الأسر وإنما كل اهتماهم دعم المجهود الحربي ونهب المواطنين تحت هذا المسمى .
128 جمعية خيرية، تعرضت لانتهاكات من الانقلابيين، وخسائر قدرت بمليار ونصف خسائر الجمعيات، فيما أعلنت مؤسسة مختصة بالأيتام خسارة 100 مليون |
---|
خسائر كبيرة
ومطلع أبريل الماضي، قال تقرير لـ"برنامج التواصل مع علماء اليمن"، إن 128 منظمة وجمعية خيرية، تعرضت لانتهاكات من قبل "الحوثيين" وقوات صالح، فيما بلغت خسائر هذه المنظمات والجمعيات أكثر من مليار ونصف المليار دولار خلال الفترة من ديسمبر 2014 وحتى ديسمبر 2015 .
وقدَّر التقرير خسائر مؤسسة اليتيم التنموية الخيرية وحدها بـ100 مليون دولار، وأن إغلاق ومصادرة المؤسسة تسبب بأزمة لـ35 ألف يتيم في اليمن وعشرات الآلاف الآخرين الذين يستفيدون من مشاريعها التعليمية والذي من الصعب تقدير قيمة الأضرار التي تعرض لها كل هؤلاء.
وفي إحاطته لمجلس الأمن، يوم أمس، ذكر مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن اسماعيل ولد الشيخ أحمد، أنه مع بداية شهر رمضان هناك سبعة ملايين يمني ويمنية مهددون بخطر المجاعة إن لم تتوقف الحرب، وأن ربع اليمنيين غير قادرين على شراء المواد الغذائية الأساسية، ونصف المجتمع اليمني لا يحصل على مياه صالحة للشرب، أو على أبسط مستلزمات التعقيم والنظافة.