منذ فترة طويلة توقفت الحكومة اليمنية عن صرف المستحقات المالية لمعظم الطلاب المبتعثين للدراسة في الخارج، ما أدى الى حرمان عدد منهم من متابعة دراستهم وتحصيلهم العلمي بعد طردهم من الجامعات لعدم سداد الرسوم الدراسية، فيما يهدد البقية بالحرمان والفصل.
وللسبب ذاته، تعرض بعض المبتعثين، في بعض الدول، أيضا، إلى الطرد من مساكنهم الطلابية، فلم يجدوا سوى الشوارع والحدائق العامة ملجئ لهم، في حين لم يجد عدد من الطلاب الخريجين، العالقين في بعض الدول منذ أشهر، حتى قيمة تذاكر العودة إلى الوطن.
وكان أكثر ما تستطيع الحكومة، والجهات المعنية بالابتعاث، تقديمه لهم – حتى الآن -هو اشباعهم بالوعود المتكررة، التي مع أنها تعجز عن تنفيذها دائما، مازالت تواصل كيلها من حين إلى آخر، كجرعة دورية لتهدئتهم وامتصاص غضبهم المتنامي، وربما: تأجيل أنشطتهم التصعيدية من شهر إلى آخر.
بين التصعيد والقمع
يبلغ عدد الطلاب المبتعثين للدراسة في الخارج أكثر من خمسة آلاف طالب وطالبة، موزعين على 43 بلدا حول العالم. طبقا لما أكدته لـ"يمن شباب نت" المنسقية الاعلامية لرابطة الطلاب اليمنيين الدارسين في الخارج.
وخلال الأشهر الماضية، شهدت عدد من السفارات اليمنية في الخارج اعتصامات احتجاجية لطلاب مبتعثين، للمطالبة بإرسال مستحقاتهم المالية والإسراع بسداد أقساط الدراسة إلى الجامعات التي يدرسون فيها.
وتعرضت بعض تلك الاعتصامات إلى القمع، وأثارت عدد منها جدلا بشأن طبيعتها وأهدافها في ظل ما تمر به البلاد من حرب داخلية أتت على الأخضر واليابس وأدت إلى عجز الحكومة عن سداد تلك المستحقات والرسوم الدراسية.
وأكدت قيادات طلابية مبتعثة في الخارج، لـ"يمن شباب نت"، أن هذه الاعتصامات لم تأتِ الا بعد ان طال بهم الانتظار دون فائدة، سوى المزيد من الإحباط الذي يترسخ مع كل وعد تطلقه الحكومة دون أية نتائج عملية.
روسيا: الشرطة تقتحم والسفارة تنفي والخارجية تؤيد
منذ فترة ليست بقصيرة، يواصل الطلاب اليمنيون المبتعثون إلى روسيا، اعتصاماتهم أمام السفارة اليمنية بموسكو، للمطالبة بحقوقهم المالية الموقوفة منذ أشهر.
وأفادت رابطة الطلاب اليمنيين في روسيا، لـ"يمن شباب نت"، أن الطلاب اليمنيون المبتعثون للدراسة في روسيا يبلغ عددهم 750 طالب وطالبة، موفدين من أكثر من جهة.
وأشار رئيس رابطة الطلاب اليمنيين في روسيا، ردفان الماس، إلى أن وضع الطالب اليمني في الخارج، وفي روسيا على وجه الخصوص، أصبح سيئا للغاية، إلى درجة أنه لم يعُد يُحتَمَلْ.
وأكد، ضمن تصريحاته لـ"يمن شباب نت" أنه والى الآن لم يتم تسليم المستحقات، بعد تأخر ما يقارب أربعة أشهر، كما أن الرسوم الدراسية ومستحقات الخريجين لم تسلم منذ ما يقارب 8 أشهر.
وتابع: "العام الدراسي أشرف على الانتهاء والرسوم الدراسية لم تسلم للجامعات ولم يتم حل قضية طلاب الاستمرارية"، منوها إلى أن "أكثر الطلاب مهددون بالفصل ان لم يتم دفع الرسوم في مدة اقصاها نهاية ابريل الجاري". (أجرى "يمن شباب نت" هذا الحوار مع رئيس الرابطة، الماس، قبل نهاية شهر أبريل).
وأشار الماس إلى أنهم عندما شرعوا في الاعتصام أمام السفارة "ليس حبا في الاعتصامات، وانما كانت محاولة للفت نظر الحكومة الى معاناتنا بعد ان طردنا من السكن والجامعات لتتحول الارصفة والحدائق مكانا لإقامتنا".
وأوضح أن رابطة الطلاب قبل ان تبدأ في تدشين الاعتصام كانت قد وجهت عدة رسائل الى الحكومة الشرعية والسفارة وتم ابلاغهم بالوضع المأساوي للطلاب ولكن لم نلمس اي نتيجة.
وأكد الماس على ان السفارة اليمنية اغلقت ابوابها في وجوه الطلاب منذ اليوم الاول للاعتصام وقامت باستدعاء الشرطة لتفريق الطلاب المعتصمين بالقوة.
وأوضح: "بعد ثلاثة ايام من الاعتصام خارج أسوار السفارة، وعند دخول سيارة القنصل الى السفارة، دخل بعض الطلاب الى السفارة في وقت الدوام الرسمي، والذي يحق فيه لأي شخص الدخول الي السفارة"، مشيرا الى أن "القائم بأعمال السفارة، عبدالله الاكوع، قام باستدعاء الشرطة الروسية لإخراج الطلاب وسحبهم بالقوة كما قام باستدعاء تعزيزات أمنية واستحْدِاث حاجز أمني امام مبنى السفارة".
وفي حينها، تناقلت بعض وسائل الاعلام المحلية والدولية ووسائل التواصل الاجتماعي، تلك الحادثة مع بعض الصور، إلا أن السفارة اليمنية في روسيا، نفت حدوث ذلك في بيان أصدرته في 23 ابريل، اعتبرت فيه ما نُشر أنه "عارِ عن الصحة، ويجافي الحقيقة".
وقالت السفارة، بحسب البيان الذي حصل "يمن شباب نت" على نسخة منه، إنها "تبذل جهودا مستمرة مع الجامعات في بلد الاعتماد من اجل حلحلة المشاكل التي قد تواجه الطلاب وتذليل اي صعوبات قد تواجه الطالب اليمني في دراسته"، مشيرة إلى أنها تفاجأت بما تناقلته بعض المواقع الاخبارية من قيام الشرطة الروسية باقتحام السفارة وفض اعتصام الطلاب بالقوة.
وضمن البيان، أشارت السفارة أيضا إلى أن رئيس البعثة والملحقية الثقافية التقوا بممثلي الطلاب في مكتب المستشار الثقافي في اول يوم لتجمعهم لمناقشة مشاكلهم لمدة ثلاث ساعات، وانه تم ابلاغهم أن السفارة على تواصل مستمر مع المعنيين وأنها لمست تجاوبا من الجامعات الروسية في تذليل اي عوائق قد تواجه الطالب اليمني. (مرفق صورة البيان)
وعلى إثر ذلك، أصدرت رابطة الطلبة اليمنيين في روسيا بيانا في 26 ابريل، أدانت فيه ماذكرته السفارة في بيانها السابق، الذي تجاهلت فيه "ماتم توثيقه ونشره مباشرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي من قلب الحدث". ودعت كل من وزارة الخارجية والسفارة اليمنية إلى "التعامل مع ما يصدر من مواقف رسمية للرابطة عبر قياداتها أو بياناتها الرسمية فقط"، مؤكدة أنها "ستواصل النضال حتى تحقيق مطالب الطلاب المشروعة". (مرفق صورة البيان).
وفي السياق، استهجن رئيس رابطة الطلاب اليمنيين في روسيا، ردفان الماس، في تصريحاته لـ"يمن شباب نت"، موقف وزارة الخارجية اليمنية "من التصرفات المهينة التي ارتكبتها السفارة بحق الطلاب"، مضيفا: "وبدلا من أن تحاسب السفارة على إساءتها للطلاب وتقصيرها في حل مشاكلهم، قامت بنشر بيان السفارة الذي ينفي اقتحام الشرطة الروسية"، مؤكدا أن الصور والفيديوهات التي لديهم تكذب بيان السفارة وتثبت واقعة الاقتحام وفض الاعتصام واعتقال الطلاب واهانتهم.
وأشار الماس، إلى أن وزارة الخارجية اليمنية "أكثر من يعرف ملفات مخالفة البعثة الدبلوماسية واساءتها المتكررة للحكومة الشرعية"، متهما السفارة "بالعمل لصالح الانقلابين، حيث كانت تقوم بدور الراعي الرسمي لوفود الانقلابين، الذين قامت بالتنسيق لهم واستقبالهم أكثر من مرة، في الوقت الذي كانت ترفض فيه دعم أي فعالية تقيمها الرابطة دعما للشرعية، بل لم يحدث أن دعمت أي ندوة او أدلت بتصريح في أي فعالية" لأجل الشرعية.
وحول لقاء البعثة الدبلوماسية بممثلين عن الطلاب لمناقشة مشاكلهم، أكد رئيس الرابطة حدوث اللقاء، الا أنه نفى أن يكون هناك أي استجابة من الجامعات الروسية تجاه المشاكل التي يعاني منها الطلاب اليمنيون. كما زعمت البعثة في بيانها.وأشار الماس، إلى أن وزارة الخارجية اليمنية "أكثر من يعرف ملفات مخالفة البعثة الدبلوماسية واساءتها المتكررة للحكومة الشرعية"، متهما السفارة "بالعمل لصالح الانقلابين، حيث كانت تقوم بدور الراعي الرسمي لوفود الانقلابين، الذين قامت بالتنسيق لهم واستقبالهم أكثر من مرة، في الوقت الذي كانت ترفض فيه دعم أي فعالية تقيمها الرابطة دعما للشرعية، بل لم يحدث أن دعمت أي ندوة او أدلت بتصريح في أي فعالية" لأجل الشرعية.
وإذ أكد أن الطلاب يقفون عشرات الساعات امام السفارة "المغلقة ابوابها في وجوههم في درجة حرارة منخفضة تصل الى صفر و 2 تحت الصفر"، وجه عبر "يمن شباب نت"، مناشدة باسم الطلاب إلى رئيس الجمهورية، عبدربه منصور هادي، للتدخل من أجل إنهاء معاناتهم وحل كافة مشاكلهم، وعلى رأسها صرف المستحقات المالية".
لقطات تظهر بعض ما تعرض له الطلاب اليمنيون في روسيا من قمع من الشرطة الروسية أثناء اعتصامهم أمام السفارة اليمنية بموسكو |
ماليزيا: ماراثون لا ينتهي من المعاناة
الحال نفسه ينسحب على وضع الطلاب اليمنيين في ماليزيا الذين يشتركون في الهم والمعاناة مع معظم الطلاب اليمنيين في الخارج الذين وحدتهم المعاناة في دول المهجر فخرجوا للمطالبة بمستحقاتهم المالية منذ أكثر من نصف عام، وبعضهم منذ أكثر من عام، وآخرون منذ عام ونصف تقريبا.
وتحتل ماليزيا المرتبة الثالثة من حيث عدد الطلاب المبتعثين في الخارج، حيث يبلغ عددهم، بحسب المسقية الاعلامية للطلاب اليمنيين في الخارج، ما يقارب 836 طالب وطالبة، مبتعثون من 23 جهة ايفاد مختلفة.
ويصف رئيس اتحاد طلاب اليمن في ماليزيا، يوسف الشهاري، حال الطالب المبتعث في الخارج، بأنه "يعيش مارثوناً لا ينتهي، لاهثاً وراء مستحقاته المالية مطلع كل استحقاق مالي"- كل ثلاثة أشهر.
وأكد، ضمن حديثه لـ"يمن شباب نت"، أن مستحقات الربع الأول للطلاب المبتعثين لم تصل رغم أنه حان وقت استحقاق الربع الثاني للعام 2017، مشيرا إلى أن الطلاب في ماليزيا "يعيشون في ظل تهديد حقيقي بالفصل والايقاف من دراستهم بسبب عدم ارسال الرسوم الدراسية للجامعات الماليزية"
ويضيف: "كما أن أكثر من سنة ونصف مضت، وطلاب الاستمرارية لم يستلموا مستحقاتهم المالية الى الان" في ماليزيا.
ولا يقتصر الأمر على ذلك، فقط، بل يؤكد الشهاري أن "تذاكر السفر للطلاب الخريجين، الذين لايزالون عالقين حتى اليوم، لم تصرف لهم حتى الأن، برغم الوعود المتكررة من كل الجهات المسئولة بصرفها"، مضيفا: "الا انه لم يتحقق من ذلك شيء".
الصين: التعليم العالي ترفض الاعتماد
وفي الصين، لم يختلف وضع الطلاب اليمنيين عن نظرائهم في معظم دول الابتعاث، حيث يعاني الطلاب هنا من عدم صرف مستحقاتهم منذ أكثر من ثمانية أشهر. بحسب ما أكده رئيس اتحاد الطلاب اليمنيين في الصين، عبده البركاني.
وتحدث البركاني مع "يمن شباب نت"، بشكل مقتضب، عن وضع الطلاب اليمنيين في الصين، مؤكدا أن أغلب مشاكل الطلاب هناك تتركز في رفض وزارة التعليم العالي، باعتماد المخصصات المالية للطلاب الموفدين من الجامعات اليمنية والذين حصلوا على مقاعد مجانية من الجامعات الصينية، وكذا طلاب التبادل الثقافي.
وتطال كل هذه المشاكل التي ذكرناها في هذا التقرير، وغيرها، معظم الطلاب المبتعثين للدراسة في دول الابتعاث الخارجية، الذي يصل عددهم – بحسب المنسقية الإعلامية لرابطة الطلاب اليمنيين الدارسين في الخارج – إلى أكثر من خمسة آلاف طالب وطالبة، في حوالي 43 دولة حول العالم.
الحكومة: توجيهات لا تُنفذ.. وتجاهل مُتعمد..!!
على مدى ستة أشهر خلت، سمعنا، ليس فقط عن تصريحات متكررة عن رئيس الوزراء احمد عبيد بن دغر، بل وشاهدنا توجيهات ممهورة منه، منشورة في الصحافة، بصرف مستحقات الطلاب الدارسين في الخارج.
وبرغم ذلك، نفت معظم القيادات في الكيانات الطلابية في الخارج، كما تابعنا في هذا التقرير، أن تكون تلك التوجيهات قد نفذت على أرض الواقع حتى الآن.
وقد وصف رئيس اتحاد طلاب اليمن في ماليزيا، يوسف الشهاري، ضمن تصريحاته لـ"يمن شباب نت"، موقف الحكومة الشرعية في التعامل مع قضايا الطلاب بـ"المخزي".
وفي حين أعتبر مماطلة الحكومة في إرسال مستحقات الطلاب بأنها "غير مبررة"، فقد أتهمها بـ"التعمد في اطالة معاناة الطلاب".
وحاولنا في "يمن شباب نت" التواصل مع الجهات المعنية في الحكومة لمعرفة سبب تأخر صرف مستحقات الطلاب حتى الأن، برغم التوجيهات المتكررة لرئيسها بالصرف، الا اننا للأسف الشديد لم نتمكن من الحصول على أية إجابات.
أرسلنا تساؤلاتنا إلى أحد نواب رئيس الوزراء عبر رقمه الخاص، كما تراسلنا أيضا مع الناطق الرسمي باسم الحكومة، ولمدة تجاوزت الأسبوع ونصف انتظرنا الردود لكنها لم تصلنا، حيث نعتقد أنه تم تجاهلنا، أو على الأرجح: الامتناع عن الرد على اسئلتنا تلك. الأمر الذي اعتبرناه تنصل واضح عن المسئولية، كما هو أيضا مؤشر أوضح على عدم الاكتراث بمعاناة طلابنا الدارسين في الخارج.