تشهد مدينة عتق مركز محافظة شبوة عملية تشويه لمخططها الحضاري وبسط عشوائي على المساحات لا يقل خطورة عما قامت به المليشيات الانقلابية من تدمير للمؤسسات الحكومية بعد تحويلها إلى ثكنات ومواقع عسكرية التي أصبحت أهداف للمقاتلات، حيث أصبحت المدينة بين سندان النافذين ومطرقة الاهمال.
بعد انسحاب المليشيات الانقلابية من مدينة عتق في منتصف أغسطس من العام 2015م نشط متنفذين وقبليين في عمليات بسط عشوائية على أراض وممتلكات الدولة مستغلين هشاشة الوضع الأمني بالمحافظة.
|
---|
مواطنون يشكون عملية البسط
ظلت هذه الظاهرة بعيدة عن الإعلام حتى قام عدد من سكان احد أحياء المدينة إلى تنفيذ وقفة احتجاجية أمام مبنى المحافظة للمطالبة بوقف أعمال البسط العشوائي التي أصبحت خطر على مستقبل تخطيط المدينة.
"محمد سويلم" شخصية اجتماعية يسكن في حي الشرطة يقول لـ"يمن شباب نت" أن متنفذين قاموا بالبسط على مساحات عامة وقاموا بتسويرها بدعوى أنها ملكية شخصية والجميع يعلم أنها مساحات عامة بحسب ما هو موجود في المخطط العام وتعود ملكيتها للدولة".
وأشار سويلم "أن أهالي حي الشرطة قدموا بلاغات للسلطة المحلية بالمديرية عن أعمال البسط التي تحدث للقيام بواجباتها".
خطر العشوائيات على تخطيط المدينة
يقول المهندس حسن البرمة مدير عام مكتب الأشغال العامة والطرق بالمحافظة لـ"يمن شباب نت" أن هناك تفشي للتخطيط العشوائي في أطراف المدينة حيث يقوم الكثير من الأهالي ممن يملكون الأرض بتخطيطها عبر مهندسين مبتدئين تخطيطا عشوائيا بعيداً عن مقومات تخطيط المدن".
وأضاف البرمة "انه تم إبلاغ المحافظ توقيف هذه المخططات العشوائية وأصدر توجيهات واكد انه لن يقبلها، ولكن هناك تفشي في هذه الظاهرة والغرض منها الحصول على قطعة ارض ضمن المخطط".
تم تخطيط مدينة في مطلع التسعينيات واعتبرت عتق نموذجا لمحافظات الجمهورية (يمن شباب نت) |
وحذر مدير عام الأشغال العامة بشبوة "أن أي مواطن سيقوم بالشراء في هذه المخططات سيخسر مستقبلا وذلك لعدم ارتباط المخططات بخدمات وشوارع المدينة".
وقال البرمة "أن مدينة عتق مخططة على أيادي متخصصة في التخطيط، ففي مطلع التسعينيات تم تخطيط المدن، اعتبرت عتق نموذجا في المخططات في عواصم محافظات الجمهورية، وقد حظيت بالمرتبة الثانية في الوطن العربي ضمن المدن الثانوية".
وعملت السلطات في تلك الفترة على تنفيذ المخطط بالتعاون مع المواطنين حيث تم تنفيذ 17 وحدة سكنية كما خطط لها، "لكن هناك من لا يحلو له الجمال والنجاح فسعوا الى إفشال المخطط في ذلك الوقت وحتى الآن" بحسب حديث البرمة.
|
تورط الأجهزة الأمنية
ضعف الأجهزة الأمنية كان السبب الأبرز والأساسي في تفشي هذه الظاهرة بحسب ما يراه المواطنين والمسئولون الأمر، الذي أكده المهندس حسن البرمة في سياق حديثة لـ"يمن شباب نت" قائلاً "أن الأجهزة الأمنية متواطئة في تفشي هذه الظاهرة وذلك لعدم قيامها بواجباتها عند تقديم بلاغات بوجود بناء عشوائي او بسط على مساحات عامة".
وأضاف البرمة "إننا في مكتب الأشغال رفعنا كشف بالعشوائيات للمحافظ ومدير الأمن لإزالتها فتفاجئنا برد مدير الأمن قائلا "انتم عليكم الإزالة ونحن علينا الحماية ونحن نقول يجب ان يسجن المخالف وصاحب البناء العشوائي وهي ابسط الوسائل".
وحذر البرمة نقمة الأجيال القادمة قائلا "أن الأجيال ستلعن كل من يفرط بشيء من حقوقها او يتهاون والتاريخ لن يرحم احد".
بدوره يرى الشيخ علي عامر الخليفي مدير عام مديرية عتق "ان ضعف الدولة وغياب الجهات الضبطية هي ابرز أسباب تفشي هذه الظاهرة".
وثائق مزورة
لم تكن الجهة الرسمية عن توثيق الأراضي غائبة عن المشهد والتي اتهمها المهندس البرمة بصرف وثائق مزورة موقعه ومختمة من قبل مدير عام المصلحة في احد مواقف السيارات مشددا على ضرورة محاسبتهم واحالتهم للتحقيق.
وقد حصل "يمن شباب نت" على وثيقة بتاريخ 11نوفمبر/تشرين الثاني2013م تقضي بإيقاف مدير عام مصلحة الأراضي والمساحة محمد مبارك من قبل وكيل نيابة الأموال العامة محسن عبدالله بطم بتهمة تسهيل للغير الاستيلاء على المال العام والأضرار بمصلحة الدولة والذي ما زال يمارس مهامه حتى اللحظة.
|
---|
حلول للمعالجة
وعند الحديث عن الحلول المناسبة للحد من هذه الظاهرة التي أصبحت تؤرق المجتمع وتسبب مشكلة أمام السلطة المحلية يقول الشيخ علي عامر مدير عام مديرية عتق "أن الحل يتمثل في قيام الجهات العليا بالمحافظة بدورها ومحاسبة كل المخالفين والمعتدين، وإعطاء المديرية كافة الصلاحيات التنفيذية والمالية للقيام بمهامها".
ويرى المهندس حسن البرمة "أن المحاسبة السريعة والفورية لأي خطا او بناء عشوائي في المدينة وعد المداهنة والتأخير هو الحل الأنسب للحد من هذه الظاهرة، لان المداهنة والتسويف في هذا الموضوع سيجلب مشاكل كبيرة".
وبين رؤى المسئولين للحلول التي يقولون أنها ليست من صلاحياتهم وبين استمرار العابثين في البسط واحتلال المساحات العامة، تبقى المدينة ومخططها الحضاري والتنموي هو الخاسر الأكبر من تلك الأعمال في ظل هشاشة الدولة وأجهزتها الأمنية ان لم تكن غائبة.
سور بناه أحد النافذين على مساحات تابعة للدولة في مدينة عتق بمحافظة شبوة شرق اليمن (يمن شباب نت) |