"أم عمر" واحدةٌ من بين مئات الموظفين الذين تقطعت بهم سبل العيش، بعد أن توقفت الحكومة عن صرف مرتباتهم منذ أغسطس الماضي، حيث لجأت – بدلا عن ذلك - إلى صرف الوعود شهرا بعد آخر، بعد أن أفرغ الانقلابيون خزينة الدولة ونهبوا احتياطي البنك المركزي للصرف على حروبهم.
تعيش "أم عمر"، 39 عاما، وهي معلمة في مادة الاجتماعيات، في منزل شعبي وحالة محاطة بالمأساة، استوطنتها هي وأطفالها الستة منذ غادرها زوجها الذي توفي قبل عام إثر قذيفة أطلقتها المليشيات على حيهم، لتصبح مذاك بلا عائل يسندها، فيما تفاقمت مأساتها وأسرتها أكثر منذ حرمت من استلام راتبها قبل سبعة أشهر، والذي كان يسد جزء من حاجاتهم، مع تواصل الحصار والحرب الذي تشهده المدينة منذ أكثر من عامين.
وضمن حديثها مع "مراسل يمن شباب نت"، تصف "أم عمر" معركتها في مواجهة المعاناة وعيناها تكاد تفيض من الدمع لهول المأساة ومرارة الوضع، تقول: "تمر الأسابيع والأيام ووجباتنا اليومية تخلو من ابسط المواد الرئيسية مثل الأرز والفاصوليا خصوصاً، بعد أن توقف صاحب البقالة عن البيع بالأجل بسبب ارتفاع حساب الدَّين لدينا".
الإحتجاج كوسيلة لا تتجاوز أسوار المدينة المحاصرة
ومع تراكم وعوود الحكومة بصرف المرتبات واتساع رقعة معاناة الموظفين الذين يعتمدون على رواتبهم، لجاءوا الى الخروج في اعتصامات ووقفات احتجاجية للمطالبة بحقوقهم المشروعة.
ويوم أمس الأحد، شهدت ساحة التربية بمدينة تعز وقفة احتجاجية لموظفي القطاع التعليمي والإداري، للمطالبة بصرف مرتباتهم المتوقفة منذ أكثر من سبعة أشهر. ورفع المحتجون شعارات ولا فتات تجسد مدى معاناتهم، وتطالب بسرعة صرف مستحقاتهم بلا مماطلة أو تأخير.
مدرس يلجأ للعمل بالأجر مع بائع خضروات
من بين عشرات المحتجين التقينا الأستاذ "عبداللة"، الذي كان منشغلا برفع لافته يناشد فيها الأمم المتحدة بالتدخل العاجل لإنقاذ موظفي مدينة تعز المنكوبة من المجاعة المتفاقمة.
تحدث عبدالله لـ"يمن شباب نت" عن وضعه قبل توقف راتبه وكيف تحولت حياته بعد ذلك إلى معاناة، يقول: "كنت أستلم راتبي البسيط، والمقدر بستون الف ريال، لكنه كان يغطي الاحتياجات الضرورية ودفع الايجار الشهري للمنزل، كون لدي ثلاثة أطفال فقط، وبذلك كانت حياتي مستقرة إلى حد ما".
وبصوت مقهور، يستدرك "لكن، مع استمرار انقطاع راتبي وتفاقم الوضع وعدم وجود مصدر دخل لدي، قررت أن أعمل في المساء لدى بائع خضروات لتوفير قوت يومي الضروري، لكن الله سيفرجها لامحالة".
مجرد محاولات سياسية ونقابية للضغط
في ظل تفاقم مأساة موظفي المدينة المحاصرة والمهملة من المساعدات الدولية مؤخرا، حاولت الأحزاب السياسية والنقابات ممارسة الضغط على الحكومة والسلطة المحلية لصرف مستحقاتهم، لكن ذلك على ما يبدو لم يتجاوز إصدار البيانات.
وفي مطلع الشهر الجاري، أصدرت أحزاب اللقاء المشترك بتعز، بيانا صحفيا استنكرت فيه التأخير الغير مبرر من قبل الحكومة في صرف مرتبات موظفي المحافظة.
وحمل المشترك الجهات المعرقلة للصرف، سواء كانت المالية أم البنك، كامل المسؤولية التي تنعكس تداعياتها سلبا على المعلمين وكافة موظفي المحافظة.
من جهته كان مجلس تنسيق النقابات ومنظمات المجتمع المدني أصدر أواخر مارس الماضي، بيانا دعا فيه الموظفين إلى تنفيذ عدد من الوقفات الاحتجاجية للضغط على السلطة المحلية والحكومة بتسليم المرتبات.