عبد الرب الشدادي ، أيقونة المقاومة اليمنية وضابط الجمهورية ، ظهر كقائد استثنائي في مرحلة لم تكن سهلة ، ففي حين كانت الكاميرات تنقل مشاهد القتل الذي يتعرض له شباب الثورة السلمية في شوارع العاصمة صنعاء في العام 2011 ، تحرك ضمير الشدادي وأعلن انحيازه إلى صوت الناس ، لصبح مع جنوده يشكلون حواجز تتصدى لهجمات قوات العائلي وبلطجية صالح التي كانت تستهدف الثوار السلميين .
تسارعت الأحداث ، حتى انقلاب الحوثيين وصالح في سبتمبر من العام 2014 ، وكانت الكتائب والمعسكرات تسلم مواقعها للحوثيين ، وتجلت أبرز مظاهر انتهاك الشرف العسكري ، لكن الشدادي لم ينحن لرياح الجائحة الإمامية الجديدة.
فمظاهر تسليم المعسكرات للعصابات الإمامية ، استفزت مشاعر اللواء الشدادي ، الذي اتجه فوراً لتشكيل نواة الجيش الوطني الذي سيتكفل بمهمة إعادة الاعتبار للجمهورية والشرف العسكري فيما بعد .. لم يكن أمام السلطة الشرعية سوى تعيينه قائداً للمنطقة العسكرية الثالثة ، وهي المنطقة التي ستكون أمامها معارك أسطورية ، تهدف لتحرير العاصمة صنعاء وصعده ، أخطر معاقل وكلاء إيران في اليمن.
قاد الشدادي معارك عنيفة وشرسة مع الانقلابيين طيلة عام كامل ، فتح خلالها سجلا كبيراً من الهزائم للمليشيات الحوثية وعصابات المخلوع صالح ، حقق انتصارات نوعية أحدثت تغييرا كبيرا في المعادلة العسكرية لصالح قوات الشرعية والمقاومة الشعبية ، حتى باتت قواته على مشارف العاصمة صنعاء.
انخرط كلياً في المعارك الميدانية وظل متنقلا بين الجبهات العسكرية على امتداد السلسلة الممتدة من الجوف وحتى صرواح هيلان مروراَ بنهم ، فما إن يرتسم انتصارا في إحدى الجبهات ، حتى يفتح عملية عسكرية جديدة ، كانت أخرها عملية نصر 2 التي تهدف إلى استكمال تحرير صرواح .
في منتصف المعركة وقبل ساعات كانت أخر كلماته الانتصار الكامل أو الشهادة ، ليترجل شهيداً ، لكنه قبل أن يستشهد كان قد ترك خلفه موروث من الروح العسكرية ذات الاعتزاز العسكري والمسكونة بقيم الجمهورية ، وهي روح شداديّة يصعب هزيمتها.