"نصف مليون شاب ياباني يتجنّبون المُجتمع ويختارون عيشَ حياةٍ مُنعزلة"؛ هذا ما يقوله استبيان أجرته الحكومة اليابانية مُؤخراً.
فبحسب ما نقلته صحيفة إندبندنت البريطانية الإثنين 26 سبتمبر/أيلول 2016 تُسمّى هذه الظاهرة بالـ"هيكيكوموري"، وتفسرها وزارة الصحة والعمل والرفاهية اليابانية ببقاء الناس في منازلهم لمدة ستة أشهر أو أكثر دون الذهاب إلى مدرسة أو عمل أو الخروج للاختلاط بالمجتمع.
وتوصلت الدراسة الاستقصائية إلى أن 541 ألف شخص لا تتجاوز أعمارهم 39 عاماً، يعيشون في عزلة.
ويعد هذا الرقم أقل من التقديرات المشار إليها عام 2010 في استبيان أجراه مجلس الوزراء بالبلاد، إذ كان يُعتقد آنذاك أن 696 ألف شخص يعانون ما يُطلق عليه "هيكيكوموري".
وهؤلاء الذين ينسحبون من المُجتمع يُطيلون في فعلهم ذلك. فبحسب الدراسة؛ بلغ عدد من أغلقوا بابهم على أنفسهم لمدة لا تقل عن سبع سنوات نحو 35% من العدد الإجمالي، في حين أن 29% من هؤلاء قد امتدت عزلتهم من ثلاث إلى خمس سنوات، وفقاً لما نقلت صحيفة إندبندنت البريطانية عن صحيفة The Japan Times.
وأشارت الدراسة إلى أن الفئات العمرية الأكبر سناً تنعزل أيضاً، حيث تضاعف عدد المُنعزلين البالغة أعمارهم من 35 إلى 39 عاماً، في غضون ست سنوات.
وحتى الآن؛ تنصب الجهود على تحديد صورة واضحة لهؤلاء الذين يعانون الـ"هيكيكوموري"، نظراً لطبيعتهم الانعزالية.
ومنذ أن برزت هذه الظاهرة كسلوك جمعي في التسعينات، لم يتم تصنيفها باعتبارها اضطراباً بشكل رسمي، كما أنه لا يوجد علاج يُوصَى به بشأنها.
ويعتقد الأطباء أن مزيج التأثيرات النفسية والثقافية يجعل الشباب يشعرون بالحاجة إلى الانسحاب كُلياً.
وتعد هذه الظاهرة أكثر شيوعاً إلى حد كبير لدى الرجال ممن يواجهون ضغوطاً هائلة للنجاح في مطلع حياتهم، سواء في الدراسة أو العمل.
وتنتشر كذلك بدرجة أكبر لدى الطبقات الوسطى، وعادة ما يكون هؤلاء الذين يعزلون أنفسهم عن المُجتمع من المُتعلمين بشكل جيد.
وعادة ما يستخدم من يعانون الـ" هيكيكوموري" ألعابَ الفيديو، أو يشاهدون الرسوم الهزلية بالمنزل بدلاً من التفاعل مع الآخرين.
ويقول علماء بمجال الطب النفسي إن السبب في تلك الظاهرة ليس الكسل؛ فقد وصف عالم النفس الياباني، تاماكي سايتو، الحياة بتلك الحالة بأنها "عذاب في العقل".
حيث قال في حديث أجراه مع هيئة الإذاعة البريطانية BBC، إن من يعيشون تلك الحالة "يريدون الخروج إلى العالم، والتعرف على أصدقاء وأحباء، ولكنهم لا يستطيعون".
ولا تقتصر هذه الظاهرة على اليابان فقط؛ إذ توصلت دراسة أُجريت عام 2015 إلى أن هناك حالات موثقة للانعزال الاجتماعي على نمط الهيكيكوموري في الولايات المُتحدة والصين وأسبانيا بين عدد من البلدان الأخرى.