كشفت مجموعة من العلماء أن حجم المخ البشري "تقلص" على مدار آلاف السنوات الماضية، مما يتعارض مع فكرة أن "تطور الأدمغة ونمو حجمها هي السمة المميزة لزيادة ذكاء الجنس البشري وهيمنته على الكوكب".
وذكر تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، السبت، أن "تطور الجنس البشري على مدار المليوني سنة الماضية تميز بزيادة حجم المخ بمقدار 4 أضعاف تقريبًا، لكن هناك إشارات حاليًا على تقلص هذا الحجم مع نهاية العصر الجليدي الأخير، منذ حوالي 10 آلاف عام".
وقال أستاذ علم أصول البشر في كلية دارتموث بالولايات المتحدة، جيرمي دي سيلفا: "فقدنا أنسجة دماغية تعادل حجم ليمونة.. لا نتحدث عن حجم صغير".
واستخدم دي سيلفا، ومعه مجموعة من العلماء، بيانات عينات أحفورية وحديثة، لتحديد ما تم فقدانه من المادة الرمادية التي تتكون من الخلايا العصبية، وذلك بحسب بحث نشرته مجلة "Frontiers in Ecology and Evolution" في يونيو الماضي.
وافترض عدد من علماء الأنثروبولوجيا أن تلك التغيرات "تزامنت مع الممارسات الزراعية قبل نحو 10 آلاف عام، والتحول بعيدًا عن الصيد وجمع الثمار".
جمع فريقا دوليا من الباحثين بيانات مسح الدماغ من دراسات متعددة تمثل أكثر 101 ألف عقلا في جميع مراحل الحياة، لمعرفة سبل شيخوخة الدماغ خلال المراحل العمرية المختلفة للإنسان، وفقا لتقرير نشرته صحيفة "واشنطن بوست".
وأشار دي سيلفا وزملاؤه إلى "عصور مزدهرة لحضارات قديمة في شمال أفريقيا والشرق الأوسط وأميركا الجنوبية، حيث كانت هناك مجتمعات ربما لعبت دورًا في مثل هذا التطور، وتقلص حجم المخ".
وافترض العلماء أن "المجتمعات البشرية أصبحت أكثر تنظيمًا وتعاونًا خلال الثلاثة آلاف سنة الماضية"، مما جعل الاعتماد يكون على ما يطلق عليه الباحثون "الذكاء الجماعي".
وشرح أستاذ علم الأحياء في جامعة بوسطن، جيمس ترانيللو، وهو أحد المشاركين في الدراسة مع دي سيلفا: "الأمر يتعلق بمجموعة من الأشخاص يكونون أذكى من الشخص الأذكى بينهم. وبالتالي الحياة في مجموعة يمكن أن تجعلك تحل المشكلات بشكل أكثر سرعة وكفاءة ودقة، مقارنة بفرد واحد".
ولفت إلى أن مثل هذه الفكرة "خطرت في بالهم بسبب حشرات مثل النمل، حيث يشكل النمل مجتمعات تعاونية استفاد فيها الأفراد ذوي الأدمغة الأصغر من فكرة تقسيم العمل، والمستوى المتقدم من التنظيم الاجتماعي".
ولفت العلماء أيضًا إلى أن "تقلص حجم المخ لدى البشر ربما جاء بسبب عدم الحاجة إلى حجم أكبر، حيث تمكن الإنسان خلال آلاف السنوات الماضية من تخزين المعلومات لدى أفراد آخرين في دوائره الاجتماعية والمدن والمجموعات الأكبر".
توصل علماء لوجود نشاط دماغي "شبيه بالوعي" لدى المرضى الذين يحتضرون وذلك في دراسة تعطي رؤى جديدة للموت، بحسب ما ذكرت صحيفة "الغارديان".
وأشار التقرير إلى أن هذا الاتجاه، ربما يتعزز مع التطور الكبير إثر استخدام الكتب والإنترنت كمصادر معلومات، حيث أصبح "من غير الضروري أن تعمل أدمغتنا بجهد كبير" مثلما كان في السابق.
ويرى مجموعة العلماء، أن حجم المخ البشري "ظل على مدار 150 ألف عام بنفس حجمه الذي يصل في المتوسط إلى نحو 1450 سنتيمترا مكعبا، بينما تقلص هذا الحجم على مدار آلاف السنوات الماضية بنحو 10 بالمئة، أي حوالي 150 سنتيمترا مكعبا".
من جانبهم، لا يعتقد بعض العلماء أن حجم المخ البشري تقلص، فبحسب "وول ستريت جورنال"، فإن أستاذ علم الأنثروبولوجيا بجامعة نيفادا، بريان فيلموار، يرى أن "حسابات دي سيلفا وزملاؤه ربما غير دقيقة، لأنهم يتعاملون مع أحفورة ويعتبرون أنها تمثل نحو 10 آلاف عام، ولجميع البشر حول العالم".
المصدر: الصحافة الأمريكية