لطالما أكد العلماء أن تناول كمية مياه كافية أمر مهم لوظائف الجسم اليومية، مثل تنظيم درجة الحرارة والحفاظ على صحة الجلد، إلا أن أهمية المياه لا تتوقف عند هذا الحد.
فوفقا لدراسة أجراها "ناشيونال إنستيتوس أوف هالث ستادي"، نُشرت الاثنين في مجلة "إي بايو ميديسين"، تبين أن شرب كمية كافية من الماء يرتبط أيضا بانخفاض خطر الإصابة بأمراض مزمنة، وانخفاض خطر الوفاة مبكرا، وكذلك تراجع خطر زيادة السن بيولوجيا عن العمر الزمني.
واختبر علماء "ناشيونال إنستيتوس أوف هالث ستادي" فرضية أن الترطيب الأمثل يمكنه إبطاء الشيخوخة لدى البشر. وأظهرت الدراسة أن الحصول على كميات غير كافية من المياه يؤدي إلى تقصير العمر الافتراضي للشخص.
ومن المعروف أن بعض الناس يتقدمون بالعمر أسرع من غيرهم، وفي حين يعيش البعض شيخوخة خالية من الأمراض، يُصاب البعض الآخر بأمراض مزمنة مرتبطة بالشيخوخة.
وما دفع الفريق لإجراء الدراسة هو ظهور الشيخوخة السريعة على العديد من الأشخاص وانتشار الأمراض المزمنة، فأصبح إيجاد الآليات وتنفيذ التدابير الوقائية التي يمكن أن تبطئ عملية الشيخوخة تحديا جديدا للبحوث الطبية والصحة العامة.
ومع انخفاض مستويات سوائل الجسم، يؤدي رفع مستوى الضغط في الدم، إلى تنشيط الآليات العصبية الرئوية للحفاظ على المياه، مما يؤدي إلى إفراز كميات أقل من البول الأكثر تركيزا.
وقال معهد القلب والرئة والدم الأميركي التابع لـ"ناشيونال إنستيتوس أوف هالث ستادي" في بيان أنه باستخدام البيانات الصحية التي جُمعت من 11 ألف و255 بالغا على مدار 30 عاما، حلل الباحثون الروابط بين مستويات الصوديوم في الدم، التي ترتفع عندما ينخفض شرب السوائل، ومؤشرات صحية مختلفة.
ووجد الباحثون أن البالغين، الذين لديهم مستويات صوديوم أعلى من النطاق الطبيعي، كانوا أكثر عرضة للإصابة بأمراض مزمنة، وإظهار علامات الشيخوخة البيولوجية المتقدمة من أولئك الذين لديهم مستويات الصوديوم في الدم في النطاقات المتوسطة. وتبين أن البالغين الذين لديهم مستويات أعلى أكثر عرضة للوفاة في سن أصغر.
وقالت مؤلفة الدراسة، الباحثة في مختبر الطب التجديدي للقلب والأوعية الدموية في المركز الوطني للقلب والرئة والدم، ناتاليا دميتريفا، إن "النتائج تشير إلى أن الترطيب المناسب قد يُبطئ الشيخوخة ويطيل أمد الحياة التي تكون خالية من الأمراض"، حسب ما جاء في البيان.
وتتعمق الدراسة بالبحث الذي نشره العلماء في مارس 2022، الذي اكتشف روابط بين نطاقات أعلى من مستويات الصوديوم الطبيعية في الدم وزيادة أخطار الإصابة بفشل القلب.
وجاء كلا الاستنتاجين من دراسة أخاطر تصلب الشرايين في المجتمعات، التي تتضمن دراسات فرعية شملت الآلاف من البالغين من جميع أنحاء الولايات المتحدة. وبدأت أول دراسة فرعية عام 1987، وقد ساعدت الباحثين على فهم عوامل الخطر لأمراض القلب بشكل أفضل، مع صياغة الإرشادات السريرية لعلاجها والوقاية منها.
وقيّم الباحثون معلومات المشاركين في الدراسة خلال خمس زيارات طبية، أول زيارتين عندما كانوا في الخمسينيات من العمر، والأخيرة عندما أصبحوا بين الـ70 والـ90 من العمر.
واستبعد الباحثون الأشخاص الذين كان تركيز الصوديوم في الدم لديهم خارج النطاق الطبيعي، فهؤلاء مستوى الترطيب يتأثر بالسكري والسمنة وغيرهما.
ثم قيموا ارتباط مستويات الصوديوم في الدم بالشيخوخة البيولوجية. وشمل ذلك دراسة عوامل عدة لديهم، مثل ضغط الدم والكوليسترول والسكري، وقدمت النتائج نظرة ثاقبة عن مدى كفاءة عمل الجهاز القلبي الوعائي والجهاز التنفسي والتمثيل الغذائي والكلى والجهاز المناعي لكل شخص. وعدلت أيضا، وفقا لعوامل، مثل العمر والعرق والجنس والتدخين وارتفاع ضغط الدم.
ووجدوا أن البالغين الذين لديهم مستويات أعلى من الصوديوم في الدم، مع نطاقات طبيعية، كانوا أكثر عرضة لإظهار علامات الشيخوخة البيولوجية الأسرع.
واستند ذلك إلى مؤشرات مثل صحة القلب، والأوعية الدموية، ووظيفة الرئة، والالتهابات.
وكان لدى البالغين الذين لديهم مستويات صوديوم مرتفعة، احتمالات متزايدة مرتبطة بأن يصبحوا أكبر سنا بيولوجيا من عمرهم الزمني، وارتبطت المستويات المرتفعة أكثر بخطر الوفاة المبكرة.
وتبين أن البالغين الذين تزيد مستويات الصوديوم في الدم لديهم عن المعدلات المقبول، يواجهون أخطارا بنسبة تصل إلى 64 في المئة للإصابة بأمراض مزمنة مثل قصور القلب والسكتة الدماغية والرجفان الأذيني وأمراض الشرايين الطرفية، بالإضافة إلى أمراض الرئة المزمنة والسكري والخرف، حسب البيان.
وعلى العكس من ذلك، فإن البالغين الذين لديهم مستويات صوديوم طبيعية لديهم خطر أقل للإصابة بأمراض مزمنة.
(موقع الحرة)