أثارت طريقة احتفال منتخب البرازيل بالخماسية التي سجلها نجوم السامبا على منتخب كوريا الجنوبية في الدور الـ16 من كأس العالم قطر 2022، كثيراً من الجدل، بعد أن قام اللاعبون البرازيليون بالرقص بعد تسجيل كل هدف في مرمى خصومهم، إذ رأى البعض أن في الأمر تقليلاً من احترام المنافس الكوري، في حين دافع آخرون عن "راقصي السامبا"، معتبرين أن احتفالهم لم يحمل تقليلاً من احترام الكوريين، بل يعدّ جزءاً من ثقافة البرازيليين.
ويمكن القول إنه إذا كان هناك شيء واحد يحبه البرازيليون مثل كرة القدم، فلن يكون سوى الرقص، ومن حسن حظ أنصار منتخب البرازيل أن اجتمع الاثنان في نجوم منتخب كرة القدم البرازيلية.
السامبا الرقصة الإفريقية التي وجدت ملجأها في البرازيل
السامبا نوع من الرقص والموسيقى البرازيلية التي نشأت بين المجتمعات الأفروبرازيلية في محافظة باهيا البرازيلية، ومع ذلك، عرف هذا النوع من الرقص تطوره الحقيقي في محافظة ريو دي جانيرو خلال القرن التاسع عشر.
وتعتبر السامبا في البرازيل أحد العناصر الرئيسية الرافدة للثقافة البرازيلية، إذ تعتبر جزءاً من الحياة اليومية للبرازيليين، كما أنّه معترف بها من قبل اليونسكو كتراث ثقافي غير مادي للبشرية.
وتعود أصول السامبا إلى العبيد الأفارقة الذين جلبهم الأوروبيين إلى البرازيل. فبدأوا في مزج إيقاعاتهم الإفريقية مع الإيقاعات الأوروبية، مثل رقصة البولكا وفالس الفالس.
اعتاد العبيد الأفارقة العزف على آلاتهم والغناء والرقص في دائرة، مما خلق نوعاً من الموسيقى يدعى Samba de Roda، انتشرت هذه الموسيقى في القرن الـ19. بحلول ذلك الوقت، كانت هذه الموسيقى مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالاحتفالات والطقوس الدينية أكثر من ارتباطها بالترفيه نفسه.
ومنذ نشأتها، لم يُنظر إلى السامبا بعين الترحاب بسبب أصولها الإفريقية، وبسبب ذلك بدأ الموسيقيون وعشاق السامبا يختبئون في منازل الناس للاحتفال بالسامبا، كان ذلك عندما بدأ نوع الموسيقى في التطور حول الأحياء الفقيرة بوسط المدينة، خاصة في معابد كاندومبليه.
شاركت أسماء مهمة في البرازيل مثل Pixinguinha وHeitor dos Prazeres وDonga في المساهمة في نشر السامبا، كما شرع الصحفيون والمؤلفون المشهورون أيضاً في حضور الحفلات، مثل فرانسيسكو غيماريش ومانويل بانديرا وماريو دي أندرادي.
وبحلول نهاية القرن التاسع عشر، بدأت السامبا في النمو بين الأحياء الفقيرة في ريو دي جانيرو، ثم سرعان ما انتقل زخمها بين عامة البرازيليين، لتصبح الموسيقى الأولى في البلد.
منذ ثلاثينيات القرن الماضي، وجدت السامبا مساحة مع صناعة الفونوغرافيا والراديو، وسرعان ما أصبحت مرتبطةً بحفلات الكرنفال.
وفي الوقت الذي كانت فيه السامبا متركزة في ريو دي جانيرو، بدأ تطور جديد لهذا النوع من الرقص في الظهور بولاية باهيا الشرقية في ثمانينيات القرن الماضي، حيث ابتكر الفنانون في السلفادور أسلوباً جديداً للقرع كان أبطأ قليلاً، مع كلمات عكست أيديولوجية الشتات الإفريقي في البرازيل.
واستمرّت السامبا في الانتشار، خصوصاً بعد أن صار ينظّم مهرجان سنويٌّ خاص بالرقصة في ريو دي جانيرو، كما ساهم لاعبو كرة القدم البرازيليون في شهرة هذه الرقصة على نطاق واسع عبر العالم.
ما أشهر أنواع السامبا؟
هناك عدة أنواع من رقص السامبا، تختلف في الأداء والموسيقى والآلات التي تعزفها فرقة السامبا، ولعلّ أبرز أنواع السامبا التي اشتهرت في الآونة الأخيرة رقصة Samba no pe، وهي رقصة منفردة للسامبا، وتعد أول أنواع السامبا، تتكون من ثلاث خطوات بشكل بسيط وعفوي ومستقيم عن طريق ساق واحدة، وهي الرقصة التي تستخدم في الكرنفالات والاحتفالات البرازيلية.
ورقصة Samba Axe، التي ظهرت في عام 1992، وتكون مدموجة بحركات جديدة وسريعة، وتمتاز بأجوائها الحماسية والحيوية.
ثالث أنواع رقصات السامبا الشهيرة هي رقصة Samba Pagode، وهي رقصة حميمية تؤدى بين الشريكين، وظهرت في مدينة ساو باولو لأول مرة، وتمتاز بحركات بطيئة ومثيرة.
كما تعدّ رقصة Samba de Gafieira من بين أشهر أنواع السامبا، بحيث إنها تشبه الرقصات المكسيكية والتانغو الأرجنتينية، وهي من أصعب أنواع السامبا، ويتم رقصها في النوادي الرياضية بأنحاء العالم.
منتخب البرازيل يلقّب بالسامبا
بات العالم بأسره يعرف رقصة السامبا بفضل تألق منتخب البرازيل في كأس العالم تاريخياً بعد تحقيق اللقب 5 مرات، آخرها في 2002، لذلك بات منتخب البرازيل يلقّب باسم منتخب السامبا؛ نظراً إلى الشبه الكبير بين راقص السامبا ولاعب كرة القدم البرازيلي، وطريقة لعب البرازيليين لكرة القدم والتي تشبه إلى حد كبيرٍ الرقص، فضلاً عن احتفالاتهم بالأهداف عبر رقص السامبا.
ورقص العديد من النجوم على وقع السامبا في الملاعب العالمية على غرار رونالدينيو وكذلك روبينيو، والآن يمكننا ذكر فينيسيوس جونيور ونيمار دا سيلفا ولوكاس باكيتا أكثر اللاعبين الذين يرقصون السامبا بعد تسجيلهم الأهداف.
(عربي بوست)