توصل الباحثون في المركز الطبي بجامعة "راش" بشيكاغو إلى أن تناول الشاي يومياً أو كأساً واحدة من النبيذ الأحمر يمكن أن يحافظ على حدة الذاكرة مع تقدم العمر، وذلك لوجود كمية كافية من مركب "الفلافونول" المفيد لتنشيط الذاكرة.
والفلافونول هو واحد من القلويدات الموجودة في النباتات وتخفض معدلات الالتهابات بالجسم المرتبطة بالمشكلات الصحية في مرحلة الشيخوخة.
وتلعب مركبات الفلافونويد (قلويدات الفلافونول)، إضافة إلى مركبات أخرى مثل الفلافونونز دوراً في الحد من التدهور المعرفي مع التقدم في العمر.
وأثبتت الدراسة لجامعة "رش" أنه كلما زاد تناول الأطعمة والمشروبات التي تحتوي على الفلافونول تأخر بدء فقدان الذاكرة.
أجريت الدراسة على 961 شخصاً بمتوسط عمر 81 سنة، وخلصت إلى أن كوبين من الشاي يومياً يحتويان على ما يكفي من مركب فلافونول للحد من أخطار فقدان الذاكرة في مراحل الشيخوخة.
وكان متوسط تناول ذلك المركب في التجربة عند 10 ملغم يومياً، وثبت أن من زاد تناولهم اليومي على 15 ملغم (أي ما يساوي كوبين من الشاي) كانت نسبة فقدان الذاكرة لديهم أقل بكثير ممن كان معدل تناولهم اليومي عند 5 ملغم.
وتنقل صحيفة "التايمز" البريطانية عن توماس هولاند، أخصائي الأوبئة العصبية الذي أشرف على الدراسة، أنه على رغم أن الشاي يبدو الوسيلة الأمثل للحصول على تلك المركبات الكيماوية النباتية، فإن هناك كثيراً من الفواكه والخضراوات تحتوي على مركبات مماثلة.
يقول الدكتور هولاند "يمكن للناس أن يحافظوا ببساطة على صحة وسلامة المخ بأمور بسيطة مثل أكل مزيد من الخضراوات والفواكه وتناول مزيد من الشاي".
شاي وخضراوات وفاكهة
تتسق نتائج هذه الدراسة الأخيرة التي نشرت هذا الأسبوع مع أخرى سابقة العام الماضي من جامعة "هارفرد" خلصت إلى استخلاصات مشابهة.
أجريت تلك الدراسة على 77 ألف شخص في سن 51 عاماً ولمدة 20 عاماً بحساب كميات الفلافونويد التي يتناولونها.
وجاء في النتائج النهائية أن مادة فلافونول الموجودة بالبصل والكرنب كانت سبباً في الحد من تدهور الذاكرة بنسبة 38 في المئة، بينما مادة فلافونول في البرتقال و"غريب فروت" كانت مسؤولة عن خفض تلك الأخطار بنسبة 36 في المئة، بينما مواد مثل "أنثوسيانين" الموجودة بالتوت البري كانت مسؤولة عن نسبة 24 في المئة من وقف التدهور في الذاكرة مع تقدم العمر.
ولا يحتاج المرء إلى تناول كل هذه الأطعمة والمشروبات، بل إن المداومة على قدر منها غني بمادة فلافونول يومياً يكفي.
يقول أخصائي التغذية إيان ماربر "تحتوي الخضراوات والفواكه على أنواع معينة من قلويدات الفلافونول، إضافة إلى عناصر غذائية أخرى وألياف، لذا فالطريقة الأفضل أن تأكل أكبر تشكيلة مختلفة منها، فإذا تناولت خمسة مكونات أو أكثر في اليوم ستكون تناولت كمية جيدة من الفلافونول وأسهمت في صحة مخك".
طبعاً يأتي الشاي في المقدمة، وكما فهم من دراسة جامعة "راش" فإن شرب كوبين منه تقريباً يومياً يجعل الجسم يحصل على كمية من الفلافونول تسهم في الحد من تدهور الذاكرة مع التقدم في العمر.
لكن هناك خضراوات وفواكه لو تناول المرء منها وجبة يومية قد تفي بالغرض نفسه، وبالطبع لا ضرر في الجمع بين شرب الشاي وتناول الخضراوات والفواكه.
فيتامين "ك"
يذكر تحقيق صحيفة "التايمز" عدداً من تلك الخضراوات والفواكه، ومنها "كرنب بروكسل" (براعم مثل الكرنب الصغير جداً مشهورة كطبخة أعياد الميلاد في الغرب)، ويحتوي هذا النوع من الخضراوات على فيتامين "ك" الذي يفيد في تحسين القدرة المعرفية لدى كبار السن.
ويحتوي "كرنب بروكسل" على مواد مثل مركب "سلفورافين" وهو مضاد للأكسدة والالتهابات ومن خصائصه أيضاً حماية المخ، ويرجح فريق جامعة هارفرد ألا نتناوله سوى مرة واحدة أسبوعياً، لأن الكثرة منه تؤدي إلى نتائج عكسية.
توجد مادة "سلفورافين" المفيدة للمخ أيضاً في خضار "البروكلي" والقرنبيط، الذي يحتوي على مادة "كولين" التي يحتاج إليها الجسم لتكوين الموصلات العصبية.
كما أن التوت البري مثل "بلاكرانت" و"بلاكبري" و"بلوبري" بها قلويدات تساعد على تنشيط وصول الدم للمخ مما يحافظ على صحته وسلامته.
أما الخضراوات الورقية مثل السبانخ والخس والكرنب فتحتوي على مواد مفيدة جداً لصحة المخ مثل فيتامين "ك" واللوتيين ومجموعة من قلويدات الفلافونول.
يأتي بعد الشاي في الأهمية من حيث محتوى الفلافونول البرتقال، ففي كل 100 غرام منه هناك 43 ملغم من قلويدات الفلافونول، وإذا كان عصر البرتقال ربما يقلل من كمية الألياف التي نتناولها منه كعصير لكنه لا يؤثر في محتوى الفلافونول فيه.
من الخضراوات الشائعة جداً، التي نكاد نكون نتناولها يومياً وتحتوي أيضاً على أنواع من الفلافونول هي الطماطم، ولا يهم إذا كنا نتناولها طازجة أو معصورة أو مطبوخة، ففوائدها لصحة المخ تظل كما هي.
بالطبع يعرف الجميع فوائد الفراولة، بما فيها من مضادات أكسدة، لكنها أيضاً تحتوي على قلويدات مفيدة لصحة المخ، ففي كل 100 غرام من الفراولة يوجد 180 ملغم من قلويدات الفلافونول.
ومن فوائد زيت الزيتون أيضاً أن به مضادات التهاب تقلل من أخطار الإصابة بألزهايمر، هذا إضافة إلى الفلافونول المساعد في صحة المخ.
(إندنبدنت عربية)