لسنا جميعًا موهوبين في نفس المجالات، ويختلف نوع الذكاء ويتفاوت معدّله من شخص لآخر. كما قالت الكاتبة جان روسيل التي استعرضت وجهة نظر الباحث في علم التربية رينو كيميولين حيال مسألة تعدد أنواع الذكاء.
الباحث استند في تفسيره إلى نظرية "الذكاء المتعدد" التي طوّرها عالم النفس الأميركي هوارد غاردنر عام 1983، حيث تشير إلى وجود أنواع مختلفة من الذكاء، وعلى وجه التحديد 8 أنواع، بحسب تقرير صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية.
أنواع الذكاء:-
1. الذكاء الرياضي المنطقي.
2. الذكاء اللغوي.
3. الذكاء النفسي الذاتي.
4. الذكاء بين الأفراد.
5.الذكاء المتعدد.
6. الذكاء الحسي الحركي.
7. الذكاء البصري المكاني.
8. الذكاء الموسيقي والطبيعي.
التعبير عن الأفكار وبالمنطق
هناك نوعان من الذكاء نستخدمها يوميًا ونكتسبهما في المدرسة وهما الأكثر شهرةً من وجهة نظر اجتماعية: الذكاء الرياضي المنطقي والذكاء اللغوي.
ويعكس هذان النوعان من الذكاء مدى قدرتك على التعبير عن نفسك والعد والتفكير المنطقي. وإذا كنت تتحدث بطلاقة وتكتب بسلاسة وقادرًا على التعبير عن أفكار ذات مغزى، فأنت تتمتع بالذكاء اللغوي. أما إذا كنت قادرا على تحليل المشاكل وحلّها والملاحظة والاستدلال بالمنطق، فأنت تتمتع بذكاء منطقي رياضي.
ولكن إذا كنت تواجه صعوبات مثل عسر القراءة أو عسر الحساب، يصبح الأمر أكثر تعقيدا.
في هذا السياق، يشير الباحث كيميولين إلى أن "الشخص الذي يكون لديه معدل أقل من المتوسط في أحد هذه الأنواع من الذكاء يصبح منبوذًا من المجتمع، لأنه سيحكم عليه بسرعة بأنه أقل ذكاء وأقل تكيفًا مقارنة بالآخرين".
تحدى نفسك واعمل ضمن مجموعة
وفقا لكيميولين، هناك 6 أنواع ذكاء أخرى لا تقل أهمية عن النوعين السابق ذكرهما، ومن بينها "الذكاء النفسي الذاتي" وهو قدرتك على تحديد الأهداف وما تريده في الحياة ومحاسبة نفسك، وكل هذه المؤهلات ضرورية لبناء احترامك لذاتك وتعزيز ثقتك بنفسك.
في حال وقوع سوء فهم في العمل مثلا، يقول الخبير إنه إذ طُلب منك في العمل القيام بمهمة ولكن ما حققته لم يرق للتوقعات، فسيسمح لك الذكاء الشخصي الذاتي بالبحث عن تبرير لنفسك من قبيل أن "التعليمات لم تكن واضحة" وإلقاء اللوم على الشخص المسؤول.
وفي الوقت نفسه سيدفعك إلى طرح الأسئلة التالية على نفسك "هل فهمت هذه التعليمات بشكل صحيح؟ هل طرحت الأسئلة الصحيحة لمعرفة ما لم أتمكن من فهمه؟ كيف يمكنني تقديم أداء أكثر إرضاء؟".
كما يوجد أيضا "الذكاء بين الأفراد" الذي يشمل قدرتك على التواصل الاجتماعي والتعاطف والتعاون مع الآخرين، مما يسمح لك بالعمل ضمن مجموعة.
لنأخذ مثلا شخصًا يرغب بإطلاق مشروع بناء لكنه يفتقر للمهارات المطلوبة، يقول كيميولين "ستفكر في كيفية حشد من لديهم المهارات التي تفتقر لها، مثل السباكة والهندسة الكهربائية والبناء.. وإقناعهم بالعمل معك وتحت قيادتك في إطار هذا المشروع. وينطوي العمل ضمن مجموعة على إظهار هذا النوع من الذكاء".
التحرك وإدراك العالم
يؤثر مفهوم "الذكاء المتعدد" أيضًا على الجسد، فيما يُعرف بالذكاء الحسي الحركي والذكاء "البصري المكاني". النوع الأول يرتبط بطريقة تحرك الجسم والتعبير الجسدي والمهارات اليدوية ودقة الحركة.
أما النوع الثاني فيشير إلى كيفية إدراك العالم وقدرتنا على التعرف على الأشكال والألوان وتشكيل الصور الذهنية والتخيل. وكلا النوعين مرتبطان ارتباطًا وثيقًا، ويمكن تطويرهما من خلال الفنون البلاستيكية أو بعض الأنشطة الرياضية.
ووفقًا للأخصائي "لا يحظى هذان النوعان من الذكاء بالتقدير في مجتمعنا، ويعتبرهما بمثابة هوايات. وعندما نكبر وندخل الحياة المهنية، فإن المجتمع يطلب منا التمييز بين العمل وهذه الأنشطة الإبداعية".
ويتمثّل النوعان الأخيران في الذكاء الموسيقي والطبيعي. فيشير الذكاء الموسيقي إلى الإحساس بالإيقاع وقدرتنا على التعرف على الألحان أو عزفها أو حفظها، ويعني الذكاء الطبيعي معرفة الحيوانات والنباتات والبيئة المحيطة بنا.
ويؤكد كيميولين أنه "إذا لم يتم تشجيعك مطلقًا على عزف آلة موسيقية، والاستماع إلى الموسيقى، فإن هذا النوع من الذكاء سيتطوّر بدرجة أقل مقارنة بشخص يعزف البيانو منذ صغره".
التعرف على بعضنا بشكل أفضل
بطبيعة الحال، لا يتعلق الأمر بتقييد قدرات الأشخاص أو اختزال ذكائهم في نوع واحد، حيث تعتمد كل هذه المَلكات على التحصيل العلمي والأنشطة والتجارب الشخصية والمهنة المختارة، وتتطور طوال حياتنا. ومن الممكن اكتساب أنواع ذكاء جديدة.
وبالنسبة لأخصائي علم التربية، من شأن هذه النظرية أن تساعدنا على معرفة ما نتمتع به من أنواع الذكاء وما نحب وما يمكننا القيام به وما يمكننا تطويره.
ويؤكد كيميولين أن هناك أشخاصًا "لديهم صعوبة في التأقلم مع نظام التعليم المدرسي ولا يتمتعون بالقدر الكافي من الذكاء المنطقي الرياضي واللغوي، لكنهم مع ذلك يملكون العديد من المهارات الأخرى التي لا تقل أهمية وتعد أساسية للمضي قدما في الحياة".
وحسب هذا الأخصائي فإن مفهوم "الذكاء المتعدد" يذكرنا بأن لكل شخص نقاط قوة وضعف في مجالات معينة، وأنه لا يوجد طريقة واحدة للتعلم أو تعريف واحد للذكاء.
المصدر: لوفيغارو + الجزيرة