على مدار قرون، كانت القراءة دائماً وسيلة بارزة وأساسية في عملية التعلُّم والثقيف، ولكن القراءة الممتعة كفعل يومي مستمر اتضح أن لها العديد من الفوائد التي تفوق مجرد تحقيق الفائدة العلمية المجردة.
بعد عقود من البحث والدراسة، اتضح أن قراءة الكتب بأنواعها، بشكل دائم ومستمر، تعزز كلاً من صحتك الجسدية والعقلية على حدٍّ سواء، بل يمكن أن تستمر هذه الفوائد لديك على مدى الحياة.
تشير مجموعة متزايدة من الأبحاث إلى أن القراءة اليومية قادرة على تغيير عقلك بالمعنى الحرفي للكلمة. وباستخدام فحوصات التصوير بالرنين المغناطيسي، أكد الباحثون ضمن دراسة NCBI للعلوم، عام 2014، أن القراءة تتضمن شبكة معقدة من الدوائر والإشارات في الدماغ.
ومع نضوج قدرتك على القراءة يومياً، تصبح هذه الشبكات أقوى وأكثر تعقيداً وأكثر مهارة، حيث أن الأشخاص الذين يظهرون مهارات قراءة قوية في وقت مبكر من حياتهم يكبرون ليصبحوا أكثر ذكاءً عن غيرهم وفقاً لموقع Healthline.
عندما تقرأ يومياً، يتركز كل انتباهك على القصة والأحداث والشخصيات خلال مدة القراءة اليومية- ويسكن صوت بقية العالم لبعض الوقت، وتتمكن حينها من الانغماس في كل التفاصيل الدقيقة التي تستوعبها.
لذا حاول القراءة ما بين 15 إلى 20 دقيقة قبل العمل أو بدء يومك الدراسي إذا كنت طالباً، وستُفاجأ بمدى تركيزك أكثر بمجرد إنهاء جلسة قراءتك القصيرة سواء في وقت استخدام المواصلات أو خلال انتظار سيارتك للشارات الحمراء.
حتى لو لم تكن لديك طموحات عظيمة متعلقة ببعض الكتب والمجلدات أو المحتوى الأدبي المكتوب، فإن القراءة بشكل عام قد تعزِّز حياتك المهنية والشخصية كما سبق أن أسلفنا.
فيما يلي بعض النصائح التي من شأنها تعزيز امتلاك عادة القراءة اليومية:
ابحث عن طريقة القراءة التي تناسبك
على الرغم من أن محبي الكتب التقليدية قد يكونون أشخاصاً يمتلكون مكتبة ضخمة مليئة بالكتب الورقية ويمتلكون نسخ الطبعة الأولى كما لو كانت قطعاً أثرية ثمينة، فلا يجب أن يكون الأمر على هذا النحو لدى الجميع.
فاليوم أصبح من الممكن أن تختار بين الكتب المسموعة والكتب الإلكترونية سواء عبر شاشات الهاتف والحاسوب، أو عبر أدوات القراءة الإلكترونية المتخصصة. الخيارات كثيرة، المهم أن تمارس فعل القراءة يومياً.
لا تضع أهدافاً خزعبلية كي لا تشعر بالضغط والإحباط
ليس من المفروض عليك أن تقرأ بمعدل معين، أو سرعة معينة، أو تحقق رقماً خيالياً معيناً من الكتب بنهاية كل شهر أو كل عام كما يُشاع عبر مواقع التواصل.
القراءة من أجل تحقيق الناتج الكمي غالباً ما تكون ميكانيكية ومملة، وقد لا تحقق لك أي فائدة تُذكر.
كذلك هناك قاعدة تساعد على تحديد وقت الاستسلام وترك كتاب ما دون إنهائه. وهي بقراءة أول 50 صفحة منه، ثم الحكم ما إذا كنت تميل إلى التخلي عنه، أو لا يزال لديك بعض الفضول حوله وتريد المزيد.
اقرأ لأنك تريد القراءة
مهما وجدت عبر منصات التواصل الاجتماعي ومواقع تقييم الكتب والروايات من ترشيحات تخبرك أن الكتاب الفلاني يجب قراءته، ليس عليك أن تقرأ أي شيء إلا لأنك ترغب في ذلك.
لذا احترس من أن يكون فعل القراءة لديك منصاعاً لـ"الموضة" أو "الوجاهة الثقافية" بين أقرانك، إذا لم تستمع بما تقرأ وترغب شخصياً في معرفة نهاية الكتاب الذي بين يديك، فقد يصيبك هذا الإكراه إلى الإحباط من القراءة ككل والتوقف عن المثابرة.
إذا وجدت الكتاب أسخف مما توقعت، أصعب مما تمنيت، أو حتى مللت بشكل عام منه، يمكنك بكل بساطة أن تقفله وتختار غيره لكي تتحمس للقراءة مجدداً بروح خفيفة، ومن يدري؟ قد تعود إليه في وقت لاحق مستقبلاً تكون فيه أكثر استعداداً للاستفادة مما ستجده فيه.
خطوات للحفاظ على عادة القراءة اليومية
وبحسب موقع LifeHack هناك عدد من الخطوات التي ستسهل عليك الالتزام أكثر بعادة القراءة اليومية، وهي كالآتي:
- حدد وقتاً منتظماً ومخصصاً للقراءة اليومية مهما كان قصيراً، (فلنقل 15 دقيقة كبداية؟).
- حدد قائمة من الكتب التي ترغب في قراءتها، واجرِ بعض البحث عن فكرتها العامة، وتقييمها العام، وظروف كتابتها وما إلى ذلك، بحيث تضمن شعورك بالحماس عند اختيار كتاب جديد.
- احمل كتاباً معك في كل مكان. وإذا كان الأمر صعباً، يمكن دوماً تحميل بعض الكتب الإلكترونية على هاتفك، لكي تستغل أوقات الانتظار البينية خلال يومك لإنهاء قسط سريع من القراءة.
- اجعله طقساً ممتعاً، سواء بتحديد مقهى معين لجلسة القراءة الخاصة بك، أو عبر إشعال شمعة وموسيقى محببة وتناول مشروبك المفضل أثناء مهلة القراءة اليومية.
- احتفظ بسجل وقُم بتدوين الكتب التي تمكنت من إنهائها بشكل دوري، وكلما وجدت أن قدرتك على الالتزام بالعادة بشكل أكثر اتساقاً، شعرت بالحماس الأكبر للمواظبة والاستمرار.
(عربي بوست)