فاز الروائي عبد الرزاق غورنا (73 عاماً) المولود في تنزانيا والمقيم في بريطانيا بجائزة نوبل للآداب، بحسب ما أعلنت الأكاديمية السويدية الخميس.
وأوضحت لجنة التحكيم أن المؤلف الذي تشكل رواية "باراديس" ("جنة") أشهر مؤلفاته، مُنح الجائزة نظراً إلى سرده "المتعاطف والذي يخلو من أي مساومة لآثار الاستعمار ومصير اللاجئين العالقين بين الثقافات والقارات".
وفي تصريحاته الأولى بعد الفوز قال غورنا إنه ممتن للأكاديمية، وأضاف: "إنه أمر رائع، إنها جائزة كبيرة، وسط لائحة ضخمة من الكتاب الرائعين، ما زلت أحاول استيعاب الأمر".
وقال: "كانت مفاجأة، ولم أصدق الأمر حتى سمعت الإعلان".
ودعا الفائز بنوبل الآداب أوروبا إلى اعتبار اللاجئين الوافدين إليها من إفريقيا بمثابة ثروة، مشدداً على أن هؤلاء "لا يأتون فارغي الأيدي".
وقال الكاتب في مقابلة مع مؤسسة نوبل إن "كثيرين من هؤلاء (...) يأتون بدافع الضرورة، ولأنهم بصراحة يملكون ما يقدّمونه. وهم لا يأتون فارغي الأيدي". وحضّ على تغيير النظرة إلى "أشخاص موهوبين ومفعمين بالطاقة".
"تفاني من أجل الحقيقة"
نشرت رواية غورنا "جنة" عام 1994 وتروي حكاية طفل كبر في تنزانيا في بداية القرن العشرين. ونالت الرواية جائزة بوكر، ما مثّل إنجازاً كبيراً في مسيرة المؤلف الروائية.
وقالت لجنة نوبل الآداب في بيان إعلان اسم الفائز: "تفاني عبد الرزاق غورنا من أجل الحقيقة، وكرهه للتبسيط، مذهلان".
وأضافت: "تبتعد رواياته عن التنميط، وتفتح عيوننا على شرق إفريقيا المتنوع ثقافياً، وغير المعروف بالنسبة لكثيرين حول العالم".
وتابعت: "تجد شخصياته نفسها في فجوة بين الثقافات والقارات، بين حياة كانت موجودة، وحياة ناشئة، إنها حالة غير آمنة لا يمكن حلها على الإطلاق".
تساوي الجائزة الممنوحة من الأكاديمية السويدية عشرة مليون كرونة، أي ما يناهز 1.14 مليون دولار.
"طالب لجوء"
ولد غورنا عام 1948 في جزيرة زنجبار التابعة لتنزانيا، لكنّه فرّ منها سنة 1968 عندما كانت الأقلية المسلمة تتعرض للاضطهاد.
وكان غورنا الذي تربطه بشبه الجزيرة العربية جذور عائلية، فرّ من أرخبيل زنجبار الواقع في المحيط الهندي إلى إنجلترا، ولم تتسن له العودة إلى زنجبار إلاّ في العام 1984 لرؤية والده الذي كان ينازع.
ومع أن غورنا يكتب منذ أن كان في الحادية والعشرين، إلا أنه أصدر عشر روايات منذ العام 1987 إضافة إلى مؤلفات أخرى. وتدور أحداث روايته الجديدة "أفترلايفز"، وهي تتمة "جنة"، في مطلع القرن العشرين حيث انتهت حقبة الاستعمار الألماني في تنزانيا.
وهو يكتب بالإنجليزية مع أن لغته الأولى هي السواحلية المعتمدة في تنزايا.
كان أستاذاً للأدب الإنجليزي والأدب ما بعد الكولونياليفي جامعة كنت، كانتربري، حتى تقاعده قبل مدة.
غورنا هو أول إفريقي أسود يفوز بالجائزة منذ فوز النيجيري وولي سوينكا عام 1986.
وقال الروائي في مقابلة عام 2016: "حين جئت إلى إنجلترا لم تكن كلمة "طالب لجوء" تعني ما تعنيه اليوم، مع معاناة ناس كثر للهرب من دول إرهابية".
وأضاف: "أصبح العالم أكثر عنفاً بكثير مما كان عليه في الستينيات، لذلك هناك ضغط أكبر الآن على البلدان الآمنة، فهي تجتذب المزيد من الناس حتماً".
وحين سئل عن تصنيفه كأديب "ما بعد الكولونيالي"، أو ضمن "أدب العالم"، قال: "أفضل ألا أٍتعمل أي عبارة من هذه العبارات، لا أصنف نفسي ككاتب ضمن أي تصنيفات. في الواقع، لست أكيداً إن كنت أطلق على نفسي شيئاً غير اسمي".
معيار الجدارة الأدبية
وكانت الشاعرة الأميركية لويز غلوك حصلت العام الفائت على الجائزة الأدبية الأكثر شهرة عن "صوتها الشاعري المميز الذي يضفي بجماله المجرد طابعا عالميا على الوجود الفردي".
ورجّحت توقعات كثيرة تنفيذ الأكاديمية السويدية وعدها بتوسيع آفاقها الجغرافية، رغم حرص رئيسها أندرس أولسون على أن يكرر تأكيده أن "الجدارة الأدبية" هي "المعيار المطلق والوحيد".
ومُنحت معظم جوائز نوبل للآداب حتى الآن لكتّاب من الغرب، ومنذ فوز الصيني مو يان عام 2012، لم يُتوَج سوى كتّاب من أوروبا أو أمريكا الشمالية.
ومن بين الفائزين الـ 117 في فئة الآداب منذ بدء منح جوائز نوبل عام 1901، بلغ عدد الأوروبيين أو الأميركيين الشماليين 95، أي أكثر من 80 في المئة. أما عدد الرجال من هذه اللائحة فبلغ بفوز عورنا 102، في مقابل 16 امرأة فحسب.
المصدر: بي بي سي