تقف الفلسطينية، تاليا ثابت، من قطاع غزة، بجرأة كبيرة، أمام كلبها الألماني، الذي يُدعى "جوي فلسطين"، ضخم الحجم.
"جوي فلسطين" (8 شهور)، نجح في التواصل مع ثابت، بعد أشهر طويلة قضتها الشابة من التدريب اليومي، حتّى بات أخيرا يألَفها ويفهم ماذا تريد منه.
هذا الكلب، ليس الوحيد الذي تدّرب على يدي الشابة، فهو واحد من عشرات الكلاب، الذين نجحت "ثابت" في تدريبها.
واتخذت ثابت، المتخصصة في علم النفس، من تدريب الكلاب مهنةً لها، في ظل ندرة توفّر فرص العمل بغزة، بفعل الحصار الإسرائيلي وأحداث الانقسام.
هذا المشهد، يخالف الأعراف المجتمعية داخل قطاع غزة، والتي تعتبر مهنة "تدريب الكلاب"، من إحدى المهن الخاصة بالرجال.
ثابت، كسرت تلك القاعدة، وتحدّت التقاليد المجتمعية، وتعلّمت بشكل ذاتي، الطرق والوسائل الخاصة بـ"تدريب الكلاب"، كما قالت لوكالة "الأناضول".
بحركات الأيدي، وبعض الكلمات الإنجليزية المختصرة، تتفاهم الشابة ثابت، مع كلابها، حيث بدأت مشهد لقائها بأحدهم بحركة "السلام".
**فكرة التدريب
نبعت فكرة تدريب الكلاب لدى الشابة "ثابت"، منذ أشهر قليلة، بعد أن تعرّض منزل عائلتها لسرقة من عدد من اللصوص.
قررت العائلة آنذاك، تبنّى تلك الكلاب، من باب تأمين المنزل، وتوفير الحماية الشخصية لسكانه.
بذلك، بدأت الشابة "ثابت" بتدريب كلبيْن اثنيْن من خلال قدرتها على تبسيط المعلومة لهما، بطرق تطورت مع مرور الوقت.
15 دقيقة أو تزيد، هي المدة اليومية التي كانت الشابة تخصصها لكل كلب من أجل ترويضه وجعله أقل شراسة وأكثر طاعة.
الكثير من الحركات الترويضية التي علّمتها الشابة ثابت للكلاب مثل "الطاعة، والشراسة، والحراسة، وحماية الشخصيات، والبحث عن المتفجرات، وتعديل السلوك".
وتحاول ثابت، إيصال هذه الحركات للكلاب من خلال تبسيط المعلومة إليهم وترجمة الكلمة إلى حركات يسهل عليهم التقاطها.
وتضيف قائلة:" موضوع تدريب الكلاب سهل جدا، وهو يعتمد على مدى تبسيط المعلومة للكلب بحيث يفهم أن هذه الحركة تعني كلمة معينة".
هذه الأساليب تلقّنتها الشابة ثابت عبر المواقع الالكترونية، أو من خلال تواصلها مع مدربين أجانب للكلاب.
**التحديات
تدريب الكلاب بالنسبة لشابة، أمر لا يخلو من الصعوبات أو المخاطر.
فقد تعرّضت ثابت لعدد من الإصابات خلال تدريبها للكلاب، والتي تقول إنها كانت إصابات نابعة من سلوك المحبة لا من الشراسة.
"عضة في اليد"، كانت أخطر الإصابات التي تعرّضت لها الشابة، لكن ذلك لم يثنيها عن فكرة مواصلة تدريبها للكلاب.
وتقول:" دائما أحاول أن أكون حذرة في تعاملي مع الكلاب، لكن معظم إصاباتي كانت نابعة من سلوك محبة يسلكه الكلب، فدائما ما تربطني بهم علاقة محبة".
الشغف بتربية الكلاب، هو الدافع الوحيد الذي تمسّكت به ثابت من أجل مواصلة مسيرتها التدريبية، حسب قولها.
كما واجهت المدرّبة ثابت عدد من التحديات خلال رحلة تدريبها للكلاب جرّاء استمرار فرض الحصار على قطاع غزة، للعام الـ13 على التوالي.
هذا الحصار أثّر على دخول الأدوية البيطرية إلى قطاع غزة، فهي "غير متوفرة بالقطاع"، وفق ثابت.
كما أن بعض الأجهزة المخبرية اللازمة لإجراء التحاليل الطبية للكلاب، أيضا غير متوفرة في غزة، ما يجعل قضية تشخيص الأمراض التي يصاب بها الكلب أمر صعب للغاية.
وتقول ثابت في ذلك الأمر:" لدي كلب اسمه أوسكر، يزيد عمره عن العام، تعرّض في فترة لمرض، لم يتم تشخيص المرض أو معرفة الفايروس المسبب بفعل نقص الأجهزة، ولم أجد له علاج بسبب عدم توفر الأدوية البيطرية".
واضطرت الشابة للتواصل مع مدربين أجانب للكلاب، ووصفوا لها أدوية بشرية فيها مواد فعالة قادرة على معالجة الكلاب.
وحوّلت الشابة ثابت آنذاك، كلبها أوسكر، كما وصفته إلى "حقل تجاب"، من أجل التوصل إلى المادة الفعالة في علاجه.
وتضيف:" عانيت كثيرا للوصول إلى العلاج المناسب، والآن أصبحت على دراية ببعض العلاجات التي تناسب الأمراض التي يتعرض لها الكلاب، من باب التجربة والبحث والتقصّي".
وفي حديثها عن المستقبل، تتمنى ثابت أن تخضع لدورة تدريبية واسعة ومتقدمة في دراسة الجانب النفسي للكلاب، التخصص الغائب في قطاع غزة.
وتفرض إسرائيل حصارا على قطاع غزة، منذ عام 2007، نتج عنه تدهور كبيرا في الأوضاع المعيشية للسكان، ونقص في الأدوية والمستلزمات الطبية، والأجهزة الفنية والتقنية في جميع المجالات الأخرى.