ذاكرتك أغرب مما تعتقد، فهناك أشياء ربما لا تعرفها ولا تتوقعها حتى عن ذاكرتك، نقدم لك هنا بعضاً منها:-
(1) من المستحيل أن تتذكر السنوات الأولى من حياتك.. لكن الكثيرين يعتقدون أنهم يفعلون
كتب الرسام الإسباني سلفادور دالي في مذكراته «أفترض أن قرائي لا يتذكرون على الإطلاق، أو يتذكرون بشكل مبهم فقط، تلك الفترة بالغة الأهمية من وجودهم والتي سبقت ولادتهم وحدثت في رحم أمهاتهم»، وأضاف «لكنني، على العكس، أتذكر تلك الفترة، كما لو كانت بالأمس القريب».
كان يأمل أن تساعد ذكرياته الخاصة عن تلك «الجنة الإلهية»، الآخرين على استعادة تلك اللحظات الضائعة من الحياة قبل الولادة، بحسب موقع هيئة الإذاعة البريطانية BBC.
في الواقع، كانت ذكريات دالي بالتأكيد نتيجةً لمخيلته الواسعة. إذ يعتقد العلماء اليوم أنه من المستحيل تذكر السنوات القليلة الأولى من الحياة – وأن الإنسان عاجز تمام عن تذكر ذلك الوقت الذي سبق الولادة.
يرجع السبب في ذلك إلى أن العديد من البنيات الدماغية الضرورية لحفظ الذاكرة لا تكون ناضجة بعد في ذلك الوقت، ما يعني أنه من المستحيل من الناحية الفسيولوجية أن تحتفظ بالذكريات الشخصية منذ فترة الطفولة المبكرة إلى مرحلة البلوغ. وبدلاً من ذلك، فإن أي ذكريات بشأن تلك الفترة ما هي إلا أوهام أو «ذكريات زائفة» – تشكلت نتيجة لتجارب أو معارف أخرى اكتسبناها في وقت لاحق من الحياة.
(2) يمكن أن تعتمد ذاكرتك على درجة حرارتك
يقول علماء النفس أن الذاكرة البشرية «تعتمد على السياق والبيئة المحيطة». لفهم ما يعنيه ذلك، تأمل التجربة التي طُلب فيها من بعض المشاركين وضع أيديهم في وعاء من الماء المُثلج – وهي تجربة مزعجة إلى حد كبير- ثم عليهم أن يحفظوا عن ظهر قلب قائمة من الكلمات.
في وقت لاحق، وبعد إجراء بعض الاختبارات، وجد الباحثون أن ذاكرة المشاركين تحسنت عند وضع أيديهم في وعاء آخر من الماء المُثلج. أظهرت الدراسة أننا نتذكر الحقائق بشكل أفضل إذا أعدنا إنشاء تلك الإشارات البيئية أو الفسيولوجية الدقيقة للظروف التي جرى فيها حفظ الذكريات في بادئ الأمر، حتى وإن بدت غير متصلة.
هذا هو أحد الأسباب التي تفسر سهولة تذكر الأحداث التي وقعت خلال ليلة أفرط فيها المرء في تناول الخمر، بعد أن يتناول القليل من الجعة، وصعوبة تذكرها عندما يكون واعياً.
كما تُشير شاو في كتابها The Memory Illusion، يُمكن أن تحاول استخدام هذه الإشارات الفسيولوجية لصالحك. سوف يتذكر الأشخاص الذين يمضغون العلكة أو يشربون القهوة أثناء الدراسة أكثر إذا فعلوا الشيء نفسه أثناء وقت الاختبار.
كما يمكن للروائح أيضاً أن تكون عاملاً مُنشطاً للذاكرة، لذلك حاول وضع عطر مُعين أو عطر ما بعد الحلاقة لتربطه بمراجعة الاختبار.
(3) الجدول الزمني العقلي الخاص بك مضلل
خذ برهة من الوقت لتخمين الشهر والسنة التي وقعت فيها الأحداث التالية: (أ) وفاة مايكل جاكسون. (ب) إصدار ألبوم بيونسيه Lemonade. (ج) حفل توزيع جوائز الأوسكار الفوضوي الشهير، الذي فاز فيه فيلم La La Land عن طريق الخطأ بجائزة أفضل فيلم. (د) إعلان أنجيلا ميركل أنها ستتنحى عن منصب المستشارة الألمانية في عام 2021.
ما لم تكن واعياً بشدة بنشرات الأخبار، فمن المحتمل أن إجاباتك قد جانبت الصواب بدرجة كبيرة، وربما قد اتبعت نمطاً واضحاً. أظهرت الأبحاث أننا غالباً ما نقلل من مقدار الوقت الذي مر منذ وقوع الأحداث البعيدة (مثل وفاة مايكل جاكسون)، ونبالغ في تقدير الوقت الذي مر منذ وقوع الأحداث الأخيرة (مثل إعلان أنجيلا ميركل).
تُعرف هذه الظاهرة باسم «النزوح الزمني» أو «التقارب»؛ إذ يبدو أن الجدول الزمن العقلي الخاص بك مضلل، ولا يتوافق مع التسلسل الزمني الفعلي. التواريخ الحقيقية هي (أ) يونيو/حزيران 2009 (ب) أبريل/نيسان 2016 (ج) فبراير/شباط 2017 و (د) أكتوبر/تشرين الأول 2018.
(4) هناك فائدة للذكريات المُبهمة
حاول أن ترسم صورة لصديقك المفضل من الذاكرة. أو صفه بأكبر قدر ممكن من التفاصيل دون النظر إلى صورة. ما لم تكن مصاباً بعمى الوجوه -عدم القدرة على التعرف على الوجوه- فستتمكن على الأرجح من إعطاء وصف جيد لملامحه العامة، لتكتشف فيما بعد أن الملامح الدقيقة -بل حتى تلك الصفات الأساسية مثل لون العينين- يصعب تحديدها. يعتبر ذلك أحد الأمثلة على نزوعنا لتذكر جوهر الأشياء بدلاً من تفاصيلها الدقيقة. هذا الأمر ليس عيباً بالضرورة.
فعادة ما تتغير التفاصيل الدقيقة للوجه من يوم لآخر على سبيل المثال، لكن الانطباع العام أو الجوهر سيبقى على حاله – مما يعني أنه لا يزال بإمكانك التعرف على صديقك عند رؤيته تحت ضوء مختلف أو بتسريحة شعر مختلفة. (وبالمناسبة، حتى ذاكرتنا حول الشكل الذي نبدو عليه ليست دقيقة للغاية، كما أننا نميل إلى تذكر وجوهنا بطريقة أكثر جاذبية عما هي عليه في الواقع).
(5) لكن ثقتك الزائدة في دقة ذاكرتك قد تترتب عليها تكلفة مالية
إذا ما حاولت أن ترسم أو تصف وجهك، فمن المحتمل أن تعتقد أنك ستتذكر أكثر بكثير مما تفعل في الواقع. فقد أظهرت العديد من الدراسات أن غالبية الناس يعتقدون أن ذاكرتهم أفضل من المتوسط ??- في حين يعتبر ذلك بالطبع أمراً مستحيلاً من الناحية الإحصائية.
يبدو أننا نتجاهل، ومن ثم ننسى، تلك الأوقات التي خذلتنا فيها ذاكرتنا، ونتذكر بصورة انتقائية جميع الأوقات التي نجحت فيها – لذا في المرة التالية التي نحتاج فيها حكماً على دقة ذاكرتنا، نفترض أنها ستكون دقيقة.
يُمثل هذا الأمر مشكلة خطيرة بالنسبة لضباط الشرطة، على سبيل المثال، الذين يؤمنون أن قدرتهم على إعادة تذكر الأحداث قد يكون لها تأثير على القضايا الجنائية، كما يمكن أن يكون ذلك سبب رسوب العديد من الطلاب الذين يبالغون بتفاؤل في تقدير كمية ما درسوه.
بالإضافة إلى ذلك، نحن نبالغ في الثقة في «ذاكرتنا المستقبلية» – وهي القدرة على تذكر القيام بالأشياء في المستقبل. ويمكن أن يترتب على ذلك تحملنا لتكاليف مالية.
وكما تُشير شاو، يُمكن أن تستغل الشركات المقدِمة لخدمات تتطلب الاشتراك هذه الحقيقة، من خلال تقديم تجربة مجانية لفترة محدودة، وبعد انتهائها سيخصم من حسابك البنكي قيمة الاشتراك بصورة تلقائية. ينسى العديد من الناس -بفضل الثقة المفرطة في ذاكرتهم المستقبلية- إلغاء الاشتراك في الوقت الذي تنتهي فيه الفترة التجريبية المجانية.
(6) قد تعاني من فقدان الذاكرة الرقمي
قد يُمثل الانتشار الواسع للهواتف الذكية، نعمة كبيرة لذاكرتنا. فمجرد التفكير في جميع الأحداث المخزنة في حساباتك على موقعي Facebook وInstagram – يقدم سجلاً ضخماً من الأشياء المنعشة للذاكرة التي من شأنها أن تُساعدنا على تذكر الماضي.
بيد أن وسائل التواصل الاجتماعي تتسم بالقدرة على تشويه ذكرياتنا للأحداث الماضية. أحد الأسباب ذلك، هو ظاهرة تعرف باسم «النسيان الناجم عن الاسترجاع».
فقد أصبح من المعروف الآن أن الذكريات تصبح «غير مستقرة» و»ضعيفة» عندما نستحضرها في وعينا – كما أن ذلك يُعرِّض أيضاً الذكريات ذات الصلة للتشويه. وكنتيجة لذلك، فإن استدعاء ذكرياتنا الخاصة بأحد العناصر المرتبطة بحدث ما قد يقوي ذاكرتنا لهذا التفصيل بالتحديد، ولكن غالباً ما يؤدي إلى نسيان المعلومات ذات الصلة التي لا يتم استدعاؤها.
من السهل أن ترى كيف يمكن أن يحدث ذلك على الشبكات الاجتماعية. على سبيل المثال، قد يؤدي منشور على موقع Facebook يوجه انتباهك إلى صورة معينة لحفل زفاف، إلى نسيان جوانب أخرى من ذلك اليوم. يثير هذا الأمر مشكلة كبيرة، نظراً إلى أن خاصية نشر الأخبار الشخصية على الشبكات الاجتماعية قد صُقلت ونُسقت كي تقدم رؤية غير واقعية عن أنفسنا.
كتبت شاو، «في ظل وجود الشبكات الاجتماعية التي تُملي علينا أي التجارب التي نعيشها هي الأكثر أهمية في حياتنا، فمن المحتمل أن تحدث عملية غربلة للذكريات التي تكون أقل قابلية للمشاركة ومن ثم التخلص منها. وفي الوقت ذاته، فهي تُعزز تلك الذكريات التي اختيرت بشكل جماعي -من قبل الآخرين- باعتبارها جديرة بالمحبة أكثر، مما يجعل بعض الذكريات تبدو أكثر أهمية وغير قابلة للنسيان مما هي عليه في الأصل».
ترجمة: عربي بوست
أخبار ذات صلة
الاربعاء, 07 نوفمبر, 2018
كيف يعمل "الزنجبيل" على تنشيط الدماغ وتعزيز الذاكرة؟
الخميس, 19 أبريل, 2018
دراسة: الجلوس لفترات طويلة يصيبك بفقدان الذاكرة المبكر.. والحل بسيط!
الاربعاء, 24 يناير, 2018
دراسة: مركب في الكركم يحسن الذاكرة والمزاج