نشر موقع "آف بي. ري" الروسي تقريرا، تحدث فيه عن مزايا العلاج باستخدام التيار الكهربائي. وعلى الرغم من أنه يُنظر إلى هذا النوع من العلاج عن طريق الصدمات الكهربائية على أنه أسلوب بربري ومضر بصحة الإنسان وخاصة الدماغ، إلا أنه أثبت فعالية عالية لمعالجة بعض الأمراض العقلية مثل الهوس والاكتئاب، وغيرها.
وقال الموقع، في تقريره "إنه قبل عقود طبق الأطباء تجربة العلاج باستخدام التيار الكهربائي على مريض مُصاب بالفصام. والمثير للاهتمام أن هذا المريض شفي تماما بعد تعرضه لعلاج الصدمات الكهربائية وعاد لممارسة حياته بصفة طبيعية".
وأكد الموقع أن هذه الطريقة في العلاج قد لا تعتبر مثالية، حيث قد لا يشفى المريض بالكامل، كما قد يتطلب الأمر اعتماد هذا العلاج المؤلم بصفة منتظمة لمنع عودة الأعراض. علاوة على ذلك، قد تؤدي الصدمات الكهربائية للتعرض إلى خطر فقدان الذاكرة (عادة بشكل مؤقت)، إلى جانب أعراض الصداع المزعجة.
وأضاف الموقع أن العلاج بالتيار الكهربائي، على غرار سائر أنواع العلاج الأخرى، له بعض التبعات السلبية. فعلى سبيل المثال، يعد العلاج الكيميائي مؤلما للغاية، وله العديد من التأثيرات السلبية على الجسم، وعلى الرغم من ذلك، يلجأ الأطباء لاستخدامه لمعالجة مرضى السرطان، وقد ينقذ حياتهم بغض النظر عن مساوئه.
وأفاد الموقع أن الانتحار يعد السبب الأكثر شيوعا لوفاة الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و29 سنة على مستوى العالم، وعادة ما تكون الاضطرابات النفسية وخاصة الاكتئاب هي السبب الرئيسي للانتحار. وفي مطلع العشرينيات، كان مرضى الاكتئاب يحتجزون في مستشفيات الأمراض النفسية قسرا. وفي الثلاثينيات، عولجوا بالأمفيتامين وهو دواء يسبب حالة من النشوة. أما في أربعينيات القرن الماضي، فقد بدأ استخدام الصدمات الكهربائية لمعالجة مرضى الاكتئاب.
وأشار الموقع إلى أن الأطباء، منذ عدة عقود، استخدموا مختلف أنواع الأدوية والعقاقير لمعالجة مرضى الهلوسة والفصام والصرع والاكتئاب. لكن طبيب الأعصاب في جامعة روما سابينزا، هوغو شيريتي اكتشف أن استخدام الصدمات الكهربائية أكثر فعالية وأقل تكلفة، وذلك بعد تطبيق ذلك على الحيوانات.
وأورد الموقع أنه في التجارب الأولى للعلاج بالتيار الكهربائي، كان الشاش المشبع بالمحلول الملحي يربط على رأس المريض، حيث ستثبت الأسلاك الكهربائية، ثم تبدأ الصدمات. نتيجة لذلك، تتفاعل جميع عضلات المريض، ويتقوس جسده وتتغير طريقة تنفسه كما يشعر بوخز في اليدين والقدمين، كما قد يُصاب البعض بحالة تبول غير إرادي أو القذف بالنسبة للرجال. وفي بعض الحالات، فقد بعض المرضى ذاكرتهم، حيث استيقظوا دون أن يتذكروا أين هم أو كيف وصلوا إلى هناك، كما نسوا عائلاتهم، ومنهم من استعاد ذاكرته في وقت لاحق، بينما فقدها البعض الآخر إلى الأبد.
وذكر الموقع أنه على الرغم من كل التبعات السلبية لهذه التجربة، إلا أنها سجلت نتائج إيجابية، حيث شفي العديد من المرضى تماما، خاصة مرضى الاكتئاب. في أربعينيات القرن الماضي، شعر 80 بالمائة من مرضى الاكتئاب بالتحسن الملحوظ بعد 6 إلى 7 صدمات كهربائية. لكن، للأسف شاع استخدام الصدمات الكهربائية وأصبح يتم اعتمادها لعلاج جميع المصابين بالأمراض العقلية وعادة دون موافقة المريض. كما استخدمت كطريقة لتهدئة المرضى العدوانيين، مما جعل هذه الطريقة في العلاج وسيلة تعذيب.
وأكد الموقع أنه في وقت لاحق، طرأت على هذه الطريقة العلاجية تحسينات عديدة. لكن شعبية الصدمات الكهربائية كوسيلة علاج تقلصت بشكل كبير في ستينيات القرن العشرين، وذلك لعدة أسباب لعل أهمها ظهور مضادات اكتئاب جديدة، إلى جانب الصورة السلبية التي أظهرتها وسائل الإعلام بشأنها، فقد بات البعض يتصور أن هذا العلاج يدمر الدماغ على الرغم من عدم وجود أدلة علمية على ذلك.
وأضاف الموقع أنه في المقابل، أثبت هذا العلاج العديد من المزايا. ففي سنة 2004، أجرى العلماء في المعهد الوطني للصحة العقلية تجربة خضع لها 253 مريضا يعانون من الاكتئاب الحاد. وقد تحسنت حالة 238 شخصا من بين هؤلاء بشكل كبير. لكن، أصيب 10 أشخاص بمشاكل في الذاكرة.
وبناء على هذا، إذا تمت المقارنة بين فعالية الصدمة الكهربائية ومضادات الاكتئاب، لا تساعد معظم مضادات الاكتئاب إلا 66 بالمائة من المرضى. ومن المميزات الأخرى للعلاج بالصدمة الكهربائية هو أنه من الممكن استخدامه مع النساء الحوامل والمرضى المسنين، علما أن هؤلاء غالبا ما يكونون عرضة للإصابة بالاكتئاب، إلا أنه لا يمكنهم تناول مضادات الاكتئاب.
وفي الختام، أورد الموقع أن العلاج بالصدمات الكهربائية لا يعد خطرا، ومع مرور الوقت أصبح الناس أكثر إقبالا على الخضوع لهذا النوع من العلاج. وفي سنة 2015 و2016، أجريت 22 ألف جلسة علاج باستخدام الصدمة الكهربائية في المملكة المتحدة، وبذلك ارتفعت نسبة الإقبال على هذا العلاج بنحو 11 بالمائة بالمقارنة مع السنوات الماضية. وإلى جانب استخدام الصدمات الكهربائية، يتم التحفيز العميق للدماغ والتحفيز المغناطيسي عبر الجمجمة، علما أن هذه العلاجات أثبتت فعالية عالية في علاج الاكتئاب وغيره من الأمراض العقلية.
ترجمة: عربي 21