ذات مزر، آلهة الخمرة في اليمن القديم. لابد أن جُلنا يعرف صورتها من العملة الورقية فئة عشرين ريال، غير أن كثيرين - وأنا منهم إلى قبل ساعات- يجهلون اسم صاحبة التمثال الشهير و كذلك الطفل على الكائن الأسطوري.
ومع الأسف، كان من آثار تدهور الريال اليمني، أن اختفت ذات مزر مع اختفاء فئة "عشرين ريال" الورقية لتظهر فئات ورقية أكبر بصور لمباني أغلبها غير عريقة و لا تمت بصلة لحضارتنا القديم.
في المنحوتة العظيمة التي تعود للقرن الثاني الميلادي، ضمن مقتنيات متحف والترز للفنون في ولاية ميريلند الأمريكية، امرأة في وضعية جلوس يتدلى شعرها على كتفيها و ترتدي إسورة حول عنقها؛ ليس واضحا إن كان من حبات اللؤلؤ أو الذهب أو العنب. و ورقتي و عنقود عنب يخرج من تحت سرتها، كأنهما يتجذران إلى رحمها. و لهذا دلالة رمزية حيث طالما ربط في المنحوتات اليمنية بين خصوبة الأرض و المرأة، كإشارة للخصوبة و للحياة. فنيا المرأة و ورقتي العنب منحوتة بإتقان و دقة مدهش، كأن ورقتي العنب حقيقة تحجرت إلى مرمر. للعنب ارتباط أزلي باليمن، ربما يكون الرمز النباتي الأول لليمن قبل شجرة البن التي اشتهرت به اليمن في عصور لاحقة، بعد ابتداع القهوة.
في الجزء الأعلى من المنحوت طفل بيده خنجراً، و متشبثا بيده الأخرى على جسد كائن أسطوري برأس أسد و جناحين و الجزء السفلي منه جسد أفعى ينتهي بزعفنة ذيلة لسمكة. هناك لوحة أخرى لطفل قتبان، الذي يمتطي فيها أسدا لكن في يده عصى بدلا عن الخنجر كمان أن الكائن بجسد أسد كامل و ليس كما في هذا المنحوت.
الأسد المجنح هو كائن اسطوري ظهر في اشكال ورسوم مختلفة في العديد من الحضارات القديمة والوسيطة مثل الحضارة الاشورية.
وفي حضارات جنوب شبه الجزيرة العربية، وُجِدت رسوم الاسد المجنح على تيجان القصر الملكي في مدينة شبوة القديمة، وهو أسد ذو جناحين وذو قرنين يرفع أحد قوائمه حاملاً جرة. ويبدوا أن الأسد المجنح يرمز إلى قوة الأسد وسرعة الطير، وهو من الكائنات الحارسة في العديد من الحضارات القديمة التي تحرس المعابد من قوى الشر لما تتمتع به من سطوة وقوة وموت.
*صورة طلب الكاتب إرفاقها بالمقال لارتباطه به ولزيادة التوضيح
اقراء أيضاً
منحدر المجاعة في اليمن
جندرة الحرب اليمنية
بين الكنيسة الأوروبية و القبيلة اليمنية