يبدو أن قدر ذمار أن تحضر بقوة في مجريات الأحداث بـ "النكتة" فتدعم أقواماً وتفضح آخرين، فعلى سبيل المثال لا الحصر ، فقد سجل الصاروخ "الذماري" أمس اسمه في قائمة الصواريخ "المدوخة" ، وربما يؤدي دوره "الساخر" كشاهد يكشف أسرارا كارثية تقف وراء تمزق أشلاء المئات من اليمنيين، تطايرت أجسادهم وانسكبت دمائهم وقتلوا مرتين، كانت المرة الأكثر وجعا أنهم دفنوا في ركام التضليل والضجيج والحرب المستعرة التي يشنها الحوثيون عقب كل مذبحة تُنسب للتحالف!
فهل يقول الصاروخ الذماري الحقيقة الغائبة؟!
الساعة الواحدة من ظهر أمس الاثنين، تلقيت رسائل من محيط قريتي بأن هناك صاروخا انطلق باتجاه مأرب، بعدها بدقائق وردتني مكالمات كثيرة من أشخاص كُثُر ومن أكثر من قرية تجاور قريتي أبلغوني بأن هناك صاروخا انطلق باتجاه مأرب، قلت لهم: ربما لا يزال عندكم يشتري قات "عنسي"!!، وبالفعل اتضح أن حكاية الصاروخ بدأت بانطلاقه من منطقة "قاع سامة" وهي مساحة رملية واسعة شرق ذمار، ومع انطلاقه أصدر صوتا قوياً وأعقبه دخان كثيف، وبالتوازي أيضا قالت وسائل إعلام ميليشيا الحوثي أن الصاروخ من نوع "قاهر تو إم" – 2m على سبيل الدلع- أصاب هدفا "للمنافقين" في الجوف!!، هكذا قالت المسيرة، أما الصاروخ فكان صريحا للغاية وهازلا، ما لبث أن سقط على بُعد ثلاثة كيلو مترات أو أقل في أطراف قرية "حصن قديد" ؛ التابعة لمديرية ميفعة عنس بذمار، ولم يأبه لأكاذيب "المسيرة" التي أصبحت مملوله وسمجة، وعند سقوطه أصدر صوتا قوياً وتسبب بفزع كبير للأهالي، وبذات الوقت أثار أسئلة كثيرة وكبيرة بحجم المآسي التي تجرعها شعبنا خلال فترة الحرب.
الصاروخ "الذماري" لم ينفجر، لم ينفجر لا في الجوف حيث كذبت "المسيرة" ، ولم ينفجر حتى في قرية "الحصن"، بل انفجر الناس من الضحك عليه، وفجّر علامات استفهام ضخمة حول المتسبب في قتل الضحايا في حوادث ما تسمى بـ "أخطاء الطيران" ومن بينها جريمة قصف عرس سنبان والتي راح ضحيتها العشرات من النساء والأطفال والأرواح البريئة والتي أغلق الحوثيون ملفها وكأن من مات فيها مجرد دمى أو"قطط" في استهتار واضح بدمائنا، في حين أعلنت لجنة تقييم الحوادث التابعة للتحالف العربي نهاية العام الماضي، أنه لم يكن لها تحليق في سماء ذمار يوم قصف عرس سنبان، وكذلك قالت في جرائم أخرى في مناطق غيرها، ليبقى السؤال ملطخاً بدماء الضحايا يبحث عن القاتل؟!
قبل أسبوع وبالتحديد يوم 12/ 12، نشرت وسائل إعلام الميليشيا الحوثية أخبارا مهولة حول "مذبحة معسكر الشرطة العسكرية"، وقالت أن طيران التحالف ارتكب مجزرة ضد "الأسرى" حسب أكاذيبهم، ونشروا بعدها بيومين قائمتين أحدها أسموها "الشهداء" وكان من بينهم "العقيد ناجي البكاري" والذي قيل أن جثته تفحمت، بينما وصل قريته بعد هروبه ونجاته من قصف المبنى الذي كان فيه مع العشرات من المختطفين، ونجاته أيضا بإعجوبة من رصاص الميليشيا الإرهابية التي كانت تطلق زخات الرصاص على الشوارع المحيطة بمعسكر الشرطة العسكرية بشكل جنوني حتى ظن سكان العاصمة أنها مواجهات، ولم تكن سوى محاولة قتل من نجا من المختطفين، وهذا ما فعلته هذه العصابة حسب ما وثقت من شهادات للناجين من مذبحة هران ، - أطلاق الرصاص على الناجين أعني- وقد فصّلنا ذلك في مقال سابق.
لكن ما ذكّرنا به "الصاروخ الذماري" هي شهادة مهمة ووثيقة معتبرة، لأحد الناجين أكد أن الذي حدث تلك الليلة في "معسكر الشرطة" بدأ بانفجار غريب، تكسرت على إثره الشبابيك باتجاه الداخل !!، بعدها سقط صاروخ اخترق احدى الغرف الشرقية للمبنى وأحدث حفرة في الغرفة ولم ينفجر، وقال "أعتقد أنه صاروخ كتف "لو"!!، وهنا ألف خط تحت هذه الشهادة، ثم قال أن عدد المقذوفات التي سقطت على المبنى وصلت إلى ستة لم ينفجر منها سوى واحدا أو اثنين على الأكثر!!.
فهل كانت الصواريخ التي لم تنفجر من فصيلة الصاروخ "الذماري"؟!
الحوثيون حاولوا استثمار الجريمة، - مثل كل الجرائم - ولا يزالون، وفوق ذلك يمارسون أبشع جريمة ضد الجثث التي بين أيديهم والجرحى الذين سقطوا برصاصهم، إذ منعوا علاجهم أو إخلاء سبيلهم، ويتفننون في تعذيب الأهالي ولا يخفون شماتتهم في تقطع أبناءهم إلى أِشلاء.
الصاروخ الذماري "أنطقه الله" وكأنه يصرخ على طريقته عل الحكومة الشرعية أن تصغي لدوي صوته وتفتح ملف مذبحة الشرطة العسكرية وتقوم بالتحقيق في الجريمة وإنقاذ الضحايا حتى لا يقتلوا مرتين؟!
لا تزال الحكومة حتى اللحظة غافلة تماما عن هذه الجريمة ، وبينما يجد الأهالي أنفسهم مكشوفي الظهر، يواجهون كل صور الارهاب ، يسقط صاروخ ذمار لعله ينبه الكل أن يحترموا دماء الأبرياء ودموع ذويهم، ويوقفوا هذه الجرائم التي تجتهد عصابات الحوثي الإرهابية في التضليل وتمييع القضايا كلها، ولم تحقق في واحدة منها مطلقا، فربما كانت هي القاتل المستتر تحت لافتة الأخطاء، وليس هذا ببعيد فمن يتفاخر بقتل اليمنيين في تعز ومأرب والجوف بالصواريخ و عدن وشبوة وغيرها من المحافظات، لن يجد غضاضة من استهداف غيرهم في أي مكان آخر، وربما كان صاروخ أمس في طريقه إلى تنفيذ مجزرة ضد أهلنا هناك ونسبتها للتحالف!!
الصاروخ "الذماري" تحدث على طريقته وينتظر من يترجم حديثه ويتتبع آثار الكوارث التي ترتكب بأشباهه.
اقراء أيضاً
ماذا فعلت حماس؟
حينما يغسل "الطوفان" ندمك!
سووا صفوفكم.. إنه سبتمبر المجيد!