سألوا إعرابيا عن حرب البسوس بين تغلب وبكر وكانت قد تجاوزت الأربعين عاما ، فقال : سنة حرب وأربعون سنة انتقام.
هذا الاعرابي كان يرى الحرب شيئا مختلفاً عن الانتقام .. عند المقاتلين للحرب شروط واهداف عندما تتجاوزها تتحول الى رذيلة .. هذا ما أراد ان يقوله .
كان ذلك قبل ان تصبح الحروب تجارة ايضا ووسيلة لتغطية الجرائم المرتكبة بحق الشعوب من قبل حكام ونخب فاسدة . كلما ازدادت جرائم واخطاء هؤلاء الحكام ونخبهم كلما انزلقوا نحو جرائم اكبر بالحروب والاصرار على استمرارها ..
انظروا اليوم .. كلما دعا العالم الى وقف لإطلاق النار في اليمن لتهيئة الشروط والظروف لوقف الحرب بقواعد تنهيها الى الأبد كلما نط الذين انقلبوا على السلام من مخادعهم ، وليس من خنادقهم، ليعطّلوا كل هذه الدعوات بالحديث عن وقف شامل وغير مشروط ..الخ بينما هم في حقيقة الامر يريدون بذلك فرض شروطهم لوقف الحرب ولا يتركون فرصة للوصول الى حل لهذه المأساة عبر خارطة متدرجة لتحقيق ذلك وبناء على قواعد تنهي الحرب الى الأبد .
ما الذي يعنيه ذلك غير العبث اذا أدركنا الحرب كما قال الاعرابي اصبحت انتقاما ، وأصبحت في الزمن المتحول تجارة فاسدة واستثناراً لدماء الناس .
فماذا بقي من الحرب؟ سقط مشروع التوريث الذي تآمر على الجمهورية والوحدة وعلى مستقبل البلاد ولم يتبق أمام أصحاب هذا المشروع غير إغراق البلد في حرب الانتقام وتفويت المطالبة بالعدالة الانتقالية وردم الماضي بأنقاض المدن .. هكذا يظنون ، وهذا كل ما تبقى لهم من هذه الحرب .
سقط مشروع استعادة الحق السلالي في الحكم بعد أن كان قاب قوسين أو أدنى من استكمال السيطرة بعد سبتمبر ????، وألحقت به الهزيمة وكان أصحابه في مقدمة من هزموه ، وبقي أصحاب هذا المشروع يحاربون ويغرقون البلاد في الدمار والدماء وهم يعرفون أن مشروعهم لن يستطيع ان يقف على قدميه بعد ان كسرت هذه الأقدام وأطيح به كخيار للمستقبل عند أصحابه ظل يتجمع تحت رماد الحروب وفشل الدولة التسلطية .
وسقط مشروع تصفية الآخر ، أياً كان مناصروه ، وهو المشروع الذي أنتجته هذه الحرب كرد فعل للانقلاب الذي عطل مسيرة البلاد السلمية والعملية السياسية الوطنية التوافقية والذي أخذ يستقطب عصبيات انتقامية هي الأخرى وراحت تأتلف وتتجمع على قاعدة متنافرة مع المشروع الوطني . ولن تفضي الحرب بأي حال من الأحوال إلى التصفيات التي يفكر فيها أصحاب هذا المشروع .
بقي مشروع المقاومة من اجل السلام واستعادة الدولة والمشروع الوطني المستند الى العملية السياسية التوافقية المتمسكة بالحل الوطني الذي خرج به مؤتمر الحوار والذي شارك فيه الجميع هذا المشروع هو الجامع لمن يريد ان ينهي هذه الحرب العبثية .
* من صفحته على فيسبوك
اقراء أيضاً
عندما تتحرك الأرض
سلوك متجذر
عدن قيمة إنسانية لا تهزم