ذهب الشدادي بالمجد كله، بالطهارة كلها,وبقيت لنا الخسارة، كل قصائد العزاء لن تردم الفراغ الذي تركه .كل الأناشيد لن تغطي على حقيقة أن اليمنيين خسروا، وهم لا يزالون في المعركة، أهم القادة وأكثرهم إلهاماً.
في مايو 2015 استشهد اللواء علي ناصر هادي، قائد المنطقة العسكرية الرابعة وهو يقاتل إلى جوار من بقي من جنود المنطقة. قتل في التواهي، وإلى القرب منه سقط ابن شقيقه، حفظ القشيبي وهادي والشدادي شرف العسكرية اليمنية، واختاروا نهايات درامية تليق بهم.
تركوا خلفهم شعباً تائهاً، وبلداً مفككاً. كان اليمن في مسيس الحاجة إلى الشدادي، لكنه رحل، لا يتكرر الرجال أمثال الشدادي وعلي ناصر هادي.. كثيراً.
وفي الجيش اليمني يبدو احتمال ظهور أناس بمواصفات الرجال الثلاثة احتمالاً صعباً، لكنه غير مستحيل، وبين القيادات العليا للجيش يصبح البحث عن مخلص شبيهاً بالبحث عن جوهرة في مغامرة.
لا تنسوا أن الموجة الأولى من الحوثيين اقتحمت صنعاء بعد الحرس الجمهوري. وأن الحوثيين لم يصلوا إلى الضالع إلا بعد أن دكها اللواء 33 على رؤوس أهلها، وأن أول كتيبة حوثية قاتلت في تعز إنما فعلت ذلك بعد أن كان اللواء 35 واللواء 22 قد مهدا الطريق بسحق المدينة وأهلها.
إن معركة الشعب اليمني الحقيقية هي مع الجيش اليمني، لقد أثبت أنه جيش للإيجار، بلا أخلاق ولا شرف ولا جدارة قتالية، داخل تلك المغارة شوهد بعض الأحرار، الذين سرعان ما سيصيرون أبطالاً، ثم شهداء.
تقدم القشيبي وحيدا، وسقط
تقدم هادي وحيداً، وسقط
تقدم الشدادي محاطاً بجيل جديد من العسكريين .. وسقط
أفسد صالح كل شيء، حتى الحب، الطبقة العليا من الجيش كانت تحت بصر صالح. أسقط الجيش اليمني الجمهورية اليمنية وقدمها هبة للملكيين.
انقسمت الطبقة العسكرية العليا إلى ثلاثة فرق:
فريق يعمل مع الملكيين
فريق يعمل مع الشرعية
و.. عبد الرب الشدادي.
سقط الشدادي، وبقي الجيش اليمني البديل في عهدة الرجال الذين أفسدهم صالح، ولسنا متأكدين مما إذا كانوا قد عرفوا للطهارة سبيلاً، خسارة الشدادي جسيمة للغاية، وبمقدور العالم أن يتعاطف معنا الليلة وغدا، فنحن في لحظة كرب عميقة نستحق معها العزاء.
لم يختف الشدادي كقائد، ولا كمحارب ، بل كنموذج، وحالة إلهام، كمصدر إشعاع، الحدث يبدو كانكسار لقوس النصر ، وانهيار للنشيد.
هذا الحزن الذي لفح الوجوه وحنى الظهور ليس سوى تعبير عميق عن إيمان الناس بطهارة سلاح الشدادي، ونبل معركته.
إن السماء اليوم ناقصة، لأن السروة انكسرت، كما يقول درويش
أشعر بحزن ليس له مثيل، فقد أحببت الرجل كأنه صديقي الوحيد، لكن روحه، ربما، ستبقى.. ستبقى بطريقة ما وستلحق العار والهزيمة بكل أولئك الذين أذلوا شعباً طيباً كان يستحق حياة كالتي للآخرين.
*من صفحة الكاتب على فيسبوك
اقراء أيضاً
تفكك اليمن إلى مستعمرات ثلاث
العودة إلى تفاهة الشر
معضلات لا تستطيع القبة الحديدية حلّها