لا يختلف اثنان على أن الاعتداء الصهيوني على الحديدة قد مثل التطور الأهم والأكثر إيلاماً في سياق المعركة الاستعراضية التي صممتها الولايات المتحدة الأمريكية وإيران معاً من أجل تشتيت التركيز في وعي الأمة تجاه المعركة المقدسة التي يخوضها الشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة ضد الكيان الصهيوني وجرائم الإبادة التي ترتكب على الهواء مباشرة أمام العالم وتوثق بالصوت والصورة في قطاع غزة.
علينا أن نكون حذرين إزاء ما يحدث اليوم، فالمعركة ليست بين الكيان الصهيوني المدعوم من الغرب وبين الحوثيين، المدعومين من إيران، فهؤلاء حلفاء في معركة تفكيك الأمة وتقسيمها، ولا يمكن أن ننسى الضحكات التي ارتسمت على شفاه السفراء الغربيين في صنعاء بعد دخول مسلحي جماعة الحوثي إلى العاصمة واحتلال المقار الحكومية والاستيلاء على السلاح الثقيل للجيش وإعادة توجيهه نحو المخازن الخاصة بالجماعة تحت أنظار الولايات المتحدة واستخباراتها، كما لن ننسى أن المسيرات الأمريكية دخلت على خط إسناد مسلحي الجماعة وهم يدكون قرى المواطنين المناوئين للجماعة في محافظة البيضاء في أكتوبر 2014.
لم يكن الشعب اليمني غائباً عن كل المعارك التي دارت من أجل فلسطين، كان إسهامه في معارك الدفاع عن فلسطين، يتأسس على أرضي وطنية موحدة ومؤتلفة، أما اليوم فإن الشعب يدرك أن بلدهم تحول إلى مجرد منصة صواريخ إيرانية تنطلق وفقاً للحسابات والأولويات الإيرانية ولسنا ملزمين بالتصفيق لما تقوم به إيران باسم الحوثيين.
مشاهد احتراق مخازن النفط ومحطة الكهرباء يثير الغضب لا شك، ونحن قلقون للضحايا المدنيين في الحديدة، ونشعر بالتعاطف الكامل مع سكان المدينة الذين يرزحون تحت وطأة السيطرة الحوثية والعوز المعيشي وحرارة الصيف الشديدة، وما قام به الكيان الصهيوني من استهداف للأعيان المدنية يندرج ضمن جرائم الحرب التي يقوم بها الكيان الصهيوني وارتقت إلى جرائم إبادة كما يحدث في قطاع غزة.
لكن ليس شرطاً أن تكون صهيونياً لكي ترتكب مثل هذه الجرائم، فالحوثيون وبمساعدة وثيقة من إيران استهدفوا قبل سنتين خزانات النفط المعدة للتصدير في ميناء ضبة بمحافظة حضرموت وعطلوا بهذه الضربات عمليات التصدير الضرورية والحيوية لإغاثة الشعب اليمني.
هذه الجريمة تسببت في تعريض أكثر من 35 مليون إنسان للعوز ونقصان الغذاء والعجز عن استيراده، وزادت أن توقفت عن استيراد المشتقات النفطية والغاز من مأرب الخاضعة للحكومة، وقررت استنزاف ملايين الدولارات لاستيرادها من الخارج وبيعها على ملايين الفقراء بأسعار باهضه..
لم تستطع الحكومة الشرعية حتى الآن استئناف تصدير النفط، وعلى العكس من ذلك ضغطت الولايات المتحدة من أجل توجيه السفن التجارية إلى ميناء الحديدة الواقع تحت سيطرة الحوثيين بهدف تعزيز القدرات المالية للجماعة ولآلتها الحربية.
جماعة الحوثي احتجزت أربع طائرات مدنية وتسبب هذا الإجراء في تعطيل عودة الحجاج من المشاعر المقدسة ومعهم الآلات من المسافرين العالقين في مطارات العالم.
وقبل ذلك وبعده، جماعة الحوثي متورطة في انقلاب دفع باليمن إلى جحيم الحرب التي تسببت في نزوح الملايين وقتل مئات الآلاف، وترفض حتى اللحظة الجنوح للسلام ومنح اليمنيين فرصة لاستعادة السلام وإعادة بناء الدولة طبقاً للمبادئ التي اتفق عليها اليمنيون في مؤتمر الحوار الوطني الشامل.
يطالب الحوثيون العرب والمسلمين بالتضامن مع اليمن، لكن من يقنع هذه العصابة أنها تتقدم قائمة من يعتدون على اليمن ويعطلون مسيرة السلام. ونعلم يقيناً أن انتداب الحوثيين لمهمة إسقاط الواجب عن حلف المقاومة المزعوم هدفه الأساس هو استجلاب شرعية من الشعب اليمني عجز الحوثيون والإيرانيون عن الحصول عليها طيلة السنوات الماضية.
*من صفحة الكاتب على تويتر
اقراء أيضاً
خارطة الطريق اليمنية إلى جحيم الحرب الحقيقية
لماذا كل هذا الرهان على مفاوضات مسقط الإنسانية الاقتصادية؟!
كذبة الولاية !