منذ بداية السنة الجارية وقعت سلسلة من الهجمات الفردية والجماعية المسلحة ضد مليشيا الحوثي في عدد من المحافظات أبرزها تعز والبيضاء وإب وصنعاء، أدت إلى مقتل عدد من العناصر الحوثية بينها قيادات مهمة في الجهاز الأمني الحوثي.
في مطلع فبراير الماضي قُتل القيادي الحوثي، أبو طارق النهمي، قائد وحدة التدخل السريع في قوات الأمن الخاص بمحافظة إب وثلاثة من مرافقيه، خلال اشتباكات مع مسلحين في منطقة الجوازات في مدينة إب.
وفي مارس الماضي قتل قيادي حوثي كبير في مليشيا الحوثي في رداع برصاص مسلح قبلي انتقاما لأخيه الذي قتله الحوثيون في وقت سابق. وفي مطلع مايو الجاري اشتبك مجموعة من المواطنين ضد حملة حوثية في منطقة الجندية التي تسيطر عليها مليشيا الحوثي شمالي تعز.
لم تكن الهجمات مقتصرة على ما ذكر أعلاه، ولكنها مثال عن ما يمكن وصفه بحالة تطور في المقاومة الشعبية ضد مليشيا الحوثي من قبل السكان في المناطق التي يحتلها الحوثي، تعتمد على مواجهة السلاح الحوثي بالسلاح والكمائن الفردية.
لم تكن الهجمات التي قام بها مواطنون بالسلاح ضد مليشيا الحوثي منظمة أو تقف خلفها تنظيمات سياسية وعسكرية واجتماعية، بل وصول قناعة معظم الشعب بأفراده ومناطقه وقبائله إلى أن الكرامة التي يسلبها الحوثي منهم، ويدوسها تحت أقدامه، لن تكون محفوظة لديهم ما لم يريقون على جوانبها الدم، دم الحوثي ودمهم أنفسهم.
العمليات البطولية التي يقوم بها أولئك المواطنون ضد الحوثي لا يمكن قياسها بأي منطق، إلا منطق الكرامة والبطولة، ولا تقارن إلا بعمليات القسام في غزة والضفة ضد الاحتلال الإسرائيلي.
الأهم في عمليات المقاومة التي تندلع وتنشب في أماكن مختلفة أنها تتطور باستمرار مقارنة بالسنوات الماضية من حيث أعداد تلك العمليات، وتتقارب زمنيا، ولا يستطيع الحوثي كما الصهاينة أن يتنبؤوا بها.
كما أن تلك العمليات البطولية يمكن وصفها إن صح التعبير بحرب استنزاف فردية، تقتضي الضرورة وطبيعة عمليات التحرير ضد الاحتلال الحوثي كما الاحتلال الإسرائيلي أن تتحول إلى حالة منظمة، وربما يكون عمل كتائب القسام نموذجا ملهما للقوى الاجتماعية والسياسية والثقافية في مناطق سيطرة الحوثي لبدء عملية مقاومة مسلحة منظمة تستنزف القدرات الحوثية وترهقه أمنيا وتشله اقتصاديا، خاصة أنها تتزامن مع سلسلة من التظاهرات الضخمة والاعتصامات في عدة مناطق ضد الحوثي.
ويلاحظ على نحو واسع في وسائل التواصل الاجتماعي إشادة واسعة من معظم اليمنيين بالعمليات البطولية التي تكون عادة من فرد كما في حالة رداع مطلع مارس الماضي أو عدد من الأفراد لا يتجاوزون أصابع اليد كما حدث في الجندية بتعز مطلع مايو، أو في حالة إب في مطلع فبراير الماضي.
المتوجب على القوى السياسية والاجتماعية والأحزاب والجيش والمخابرات في المناطق المحررة التقاط تلك الإشارات التي يطلقها الشعب في مناطق سيطرة الحوثي لعمل ما يمكن عمله في تحويل تلك العمليات إلى حرب استنزاف منظمة ضد الحوثيين بكل الوسائل.
تأثير تلك العمليات على مليشيا الحوثي فاعل إلى حد كبير، ويستنزف قدراته وأفراده، ووفقا لما نشره الصحفي فارس الحميري فإن الموازنة المالية شهريا التي تعتمدها مليشيا الحوثي في مدينة رداع في شهري يناير وفبراير الماضي كانت 120 مليون ريال لجهازها الأمني، ارتفعت في مارس الماضي بعد العملية التي أدت إلى مقتل عدة عناصر حوثية إلى 180 مليون ريال، ثم ارتفعت في أبريل إلى 212 مليون ريال، بمعنى أن حجم الاستنزاف المالي بعد عملية بطولية واحدة على طريقة القسام أيا كانت دوافع ذلك المقاوم، كلفت الحوثي موازنة مالية ضخمة ستؤدي حتما إلى إرهاقه.
اقراء أيضاً
كيف يهزم العصيان المدني الحوثيين؟
تهديد الحوثي ككلب بلا أنياب
كي لا يخطف الحوثي المبعوث الأممي