من حيث لا يحتسب، ومن حيث ظن أنه منتصرا، وبالطريقة التي لم يتخيلها، بدأت سلسلة من الاحتجاجات السلمية في محافظة صعدة، ضد مليشيا الحوثي، للمطالبة بالحقوق والخدمات الأساسية، وعزل المشرفين الحوثيين.
من منطقة عرو وفي مديرية ساقين، بمحافظة صعدة، نفذ الأهالي وقفة احتجاجية جديدة، هذا الأسبوع، وكانت لهم وقفات أخرى قبل أسابيع، رغم القبضة الأمنية الحوثية الشديدة عليهم.
وقفات الأهالي تطالب بعزل مشرف حوثي على المنطقة، ذاقهم سوء العذاب، هم منطقة قدمت عشرات القتلى من أبنائها في صفوف الحوثي، لكنه تنكر لهم تماما، كما هي عادة الإجرام.
صحيح أن مطالبهم المتمثلة بعزل المشرفين، وتوفير الخدمات الأساسية لمنطقتهم ما زالت محدودة، لكن مليشيا الحوثي ردت عليها بالخطف والاعتقال والدهم والحصار، وأدى ذلك إلى أن يكون خطاب السكان هناك، أنهم يتعرضون لاحتلال لا يختلف عن الاحتلال الذي يتعرض له الفلسطينيون في غزة والضفة الغربية.
وبينما كان الحوثي يزعم أنه يقصف السفن الصهيونية والسفن المتوجهة إلى موانئه، ويريد اكتساب شرعية جديدة باسم القضية الفلسطينية لاستعباد الشعب اليمني، رد عليه الشعب اليمني، عبر الحركات الاحتجاجية في أكثر من منطقة بما فيها صعدة، بأن جرائم الحوثي لا تختلف عن جرائم الاحتلال، وصار اسمه مقرونا تماما بالجرائم الصهيونية.
الاحتجاجات في صعدة، جاءت تزامنا مع انتشار ظاهرة الاحتجاجات في صنعاء وإب وذمار وحتى الحوبان في تعز، ضد مليشيا الحوثي، ولديها مطالب واضحة ومحددة؛ حقوقية وخدمية، ومتعلقة بالكرامة التي يدنسها الحوثي. وتأتي أهميتها في أنها قامت من منطقة وسكان قاتلوا فعلا في صفوفه، أي أن الاحتجاج وصل إلى بنية الحوثي نفسه، وهو الأمر الذي أشار له أحد شيوخ حراز قبل أسبوعين عندما نظم تظاهرة وذكر الحوثي بأنه لم يكن سلطة إلا بما قدمته قبيلته من مقاتلين وأسلحة ومالا.
الرد الحوثي على تلك التظاهرات، لا يختلف عن رد أي احتلال، بالقمع أو المماطلة والتسويف وتمييع القضايا، وهي النقطة التي ستقضي عليه، حيث يعتقد أن استراتيجيته تلك ستؤدي إلى توقف الحراك الجماهيري الشعبي السلمي ضده، بينما أثبتت الوقائع التي شهدت احتجاجات أنها تزداد قوة كل ما ماطل الحوثي أكثر.
وفي الحالة الأخرى إن استجاب للاحتجاجات، فإن ذلك يفتح الباب واسعا لعشرات آلاف المطالب الشعبية من السكان ضده، إذ أن الحوثي لم يترك يمنيا واحدا لم يمسه بأذى وكرامة، بما فيها المغتربون خارج اليمن. وسيفهم الشعب أن أي استجابة حوثية واحدة لمطالبه أن الحوثي فقد الرعب الذي أحاط نفسه به، وبالحالين، سواء استجاب الحوثي للمطالب الشعبية بالتغيير، أو لم يستجب فهو بين فكي كماشة الشعب التي تراه طاغية يجب تغييره، لرفضه التغيير، أو طاغية لم يعد يمتلك أنياب البقاء، ويسهل اقتلاعه، وفي الحالة الأخيرة قد يتأخر أكثر في البقاء، وفي الأولى قد تكون تكلفة نزعه أكثر من الأخرى.
اقراء أيضاً
كيف يهزم العصيان المدني الحوثيين؟
تهديد الحوثي ككلب بلا أنياب
كي لا يخطف الحوثي المبعوث الأممي