المأزق الحقيقي الذي يصنعه الاتفاق الإيراني السعودي، إن نجح كما هو مخطط له من قبل الدول الثلاث الصين راعية الاتفاق، وطرفيه السعودية وإيران، سيكون بالدرجة الأولى على مليشيا الحوثي، في مواجهة أتباعها.
على مدى سنوات طويلة، كان الخطاب الحوثي أنها جماعة مستقلة عن إيران، وليست تابعة لها، رغم التأكيدات الإيرانية الدائمة التي تقول إنهم جزء من جيش إيران في الخارج، وإن الحرس الثوري هو المؤسس أصلا للمليشيا الحوثية. هذا الخطاب له رواج بين قادة الحوثي وأتباعهم وفي وسائل إعلامهم.
بين الخطاب الحوثي والاتفاق الإيراني السعودي، ستظهر الحقائق جلية؛ الحوثي تابع كليا لإيران، أشد من تبعية حزب الله في لبنان لطهران، والحشد الشيعي في العراق للملالي، وسيكون على الحوثي أن يطور إجابة جديدة لأتباعه تفسر لهم حجم انصياعهم لإيران.
من المتوقع أن تنتهي سردية الحوثي التي يزعم فيها انفصاله عن إيران، وعدم تبعيته لها، وهي من أشد العوامل خطورة، على مستقبل الجماعة في مناطق سيطرته، بل على مستقبل الصراع على الإمامة، داخل الجماعة الحوثية نفسها، وبين الأسر الهاشمية الجارودية.
وكما هو متوقع فإن التبعية المطلقة لإيران من قبل الحوثي، ستعزز عوامل الصراع بين الجماعات المتنافسة مثل جماعة المرشدين وجماعة محمد عبدالعظيم الحوثي، وجماعة عبدالملك الحوثي، على الزعامة على الأسر الزيدية الجارودية وأتباعها.
من ناحية أخرى، بنهاية سردية الانفصال عن إيران والدفاع عن اليمن، سينهار آخر غطاء حوثي نظري كان يستخدمه لمواجهة الغضب الشعبي من فشل الحوثي في الحكم، وقد يصل إلى مرحلة انشقاقات محدودة في بدايتها عن الجماعة لكنها ستأخذ منحى تصاعدي يهدد بقاء الجماعة.
منذ الهدنة في أبريل من السنة الماضية، كثرت التساؤلات حتى من قبل أتباع الجماعة عن أسباب الانهيار الاقتصادي المتواصل، وعدم تأثر الأوضاع المعيشية إيجابيا بالهدنة، رغم جباية الحوثي أكثر من 350 مليار ريال من إيرادات ضرائب وجمارك الوقود المتجه إلى موانئ الحديدة كانت تذهب إلى الحكومة في عدن، لكن الأسعار ما زالت هي الأغلى، وحتى على مستوى رحلات الطيران من صنعاء وعدن إلى الأردن، هناك فارق في الأسعار يصل إلى 20% من قيمة كل تذكرة، حيث تزيد التذكرة في صنعاء عن عدن بقيمة 100 دولار.
هذه العوامل مجتمعة، بالإضافة إلى غياب عبدالملك الحوثي في سردابه السري المجهول، ستجعل من عوامل المواجهة الشعبية ضد الحوثي تحتدم أكبر، ولن تكون الأجهزة القمعية الحوثية بالخبرة الإيرانية قادرة على إخضاع الناس كلهم إلى الأبد.
اقراء أيضاً
كيف يهزم العصيان المدني الحوثيين؟
تهديد الحوثي ككلب بلا أنياب
كي لا يخطف الحوثي المبعوث الأممي