منذ شهر تقريبا، والحديث الأهم في وسائل التواصل الاجتماعي في اليمن، قضية الحوالات المسربة، من بعض شبكات الصرافة.
أدت التسريبات إلى خلل بسيط، في كشف بعض المعلومات لبعض الأشخاص الذين قد يتضررون بطريقة ما، من قبل خصومهم. لكنها كشفت عن حقائق مهمة، أبرزها حجم النهب الحوثي لأموال اليمنيين الخاصة، التي كانت تستهدف مساعدة أسرهم بالدرجة الأولى.
ما قام به أحمد العليمي، الذي يقال إنه صاحب الأبرز بتسريب البيانات، بعد استبعاد الضرر الجزئي الذي لحق بعض من وردت أسماؤهم في الكشوفات، وبعض الشبكات المشروعة في القطاع الخاص، يعد عملا بطوليا رائعا؛ إذ وجه ضربة قوية لمليشيا الحوثي، حرمتها من مليارات الريالات وعشرات ملايين الدولارات والسعودي، كانت تنهبها بانتظام.
يعد الموقف الحوثي الذليل والمخزي، تجاه التسريبات، يكشف ذله وامتهانه. بالعادة يتسابق قادة الحوثي بمختلف مسمياتهم، إلى الخطف والاعتقال والنهب والمصادرة عند كل قضية تهز الرأي العام، أو متداولة على وسائل التواصل الاجتماعي، ويوظفها في الغالب للظهور بمظهر الدولة، وفي الحقيقة للنهب والابتزاز، إلا في قضية الحوالات، فقد ظهر كالسارق الذليل الذي فضح أمره، وذهبت محاولة سطوه الأخيرة إلى الفشل.
الأهم من كل هذا، أن محاولة العليمي، ومقاومته الفردية، تفتح الباب واسعا، أمام عشرات آلاف الموظفين، للقيام بأدوارهم، في مناطق سيطرة الحوثي، وحتى في مناطق الحكومة المحررة.
إن بطولة العليمي تكمن في تحويل قضية ما إلى رأي عام، يستفيد منه الأغلب، وفي حالة وجود موظفين في مؤسسات إيرادية بارزة، مثل الضرائب والجمارك الحوثية، وكذا الزكاة والأوقاف، والاتصالات وغيرها من المؤسسات الإيرادية، يقومون بتسريب نسخ من حجم الإيرادات المهولة التي تنزعها مليشيا الحوثي قسرا، من التجار والشعب، سيؤدي إلى ضربة قاتلة تتلقاها المليشيا الحوثية المجرمة.
على مدى الأشهر الماضية، خرجت بعض التسريبات الخطيرة التي تتهم الحوثيين بشتى أنواع الجرائم، لكن تأثيرها لم يتحول إلى قضية رأي عام، لأسباب عدة، أهمها، محدودية المستهدفين بالتسريبات.
إن وجود تسريبات عن ملايين الجبايات التي تصل إلى ترليونات الريالات سنويا، من التجار، مقابل امتناع تام لمليشيا الحوثي عن تقديم أي خدمة مقابل هذه الجبايات، سيضع العلاقة بين الشعب ومليشيا اللصوص الحوثية في أنصع صورة.
ويتفق غالبية الشعب اليمني على لصوصية الحوثيين في كل شيء، إلا أن إظهار معلومات دقيقة وموثقة على شاكلة تسريب كشوف الحوالات، ستكون له تداعيات مهمة، في مواجهة الإرهاب الحوثي.
وبما أن العليمي قد بدأ يشق غبار المقاومة الفردية بهذه الطريقة، فإن من المتوقع استمرار التسريبات، ولكن هذه المرة، نأمل أن تستهدف المؤسسات الإيرادية الحوثية التي تنهبها من الشعب وتعيدها إليه على هيئة دمار وفقر ومرض وطغيان، وكروش تتجسد في جثث القيادات الحوثية.
اقراء أيضاً
كيف يهزم العصيان المدني الحوثيين؟
تهديد الحوثي ككلب بلا أنياب
كي لا يخطف الحوثي المبعوث الأممي