كما تهب عاصفة فجأة، يأتي الموت في الريح والكلمات، مختبئاً كصياد.. فرائسه في بريّة أحلامها وآلامها، وبراءة قلوبها ومحبتها، هو ذلك الصيرفي الذي يختار جياد الجواهر، كما لخّص شاعر قديم.
هكذا تستيقظ على خبر رحيل عبد العزيز المقالح، تتقطر أعوام صنعاء الستة عشر وما قبلها جواره وقربه حتى في أعوام الاغتراب الأخيرة، صوته عبر الهاتف بالهدوء ذاته والحميمية واللهفة التي تعرف.. الصديق والزميل والمعلم والمبدع.. في مجلسه الأسبوعي وفي لقاءاته اليومية.
تلك البساطة التي تبهر مَن يعرفه أو يلتقيه قلب متسع للجميع محبة نادرة في زمن صعب اللحظات والوقائع، أول شاعر أقرأ له ديواناً كاملاً عن أصدقائه، درسٌ في الوفاء والتواضع، قيم تتلخص في سيرته، وقلَّ أن يُجمع الناس على مثله، الكلمات لا تفيه حقه، ولا تحمل ثقل الحزن الذي اخترق القلب.
صار للموت طقس نعيشه ونعبره، ويعيش معنا، لكن فقْد المقالح مما لا يحتمله قلب وهو في وهن دائم.
ستفتقدك شمس صنعاء وهي تطلع صباح غد، فلا ترى وجهك الذي أحب تراب مدينته وناسها، واستوعب قلبه كل تلك الطيبة والمحبة، سيكون ظلام شاسع بدونك.
وسنفتقد معك الكثير مما كنت تمنح الصداقة بإنسانيتك المتأصلة، لكن لنا في ما تركت من كلمات وأفعال ما يؤنس وحشتنا قليلاً، ويجعل وجودك بيننا دائما..
نم واسترح.. فقد نالت منك الأزمنة ما لا يطيقه مرهف وشاعر وإنسان مثلك.
* من صفحة الكاتب على فيسبوك "العنوان اجتهاد المحرر"
اقراء أيضاً
ما يبقى من البياتي: المسكوت عنه في القراءة النقدية