تكاد الهدنة التي رعتها الأمم المتحدة بين الحكومة وميليشيا الحوثي تشارف على الانتهاء، بعد مرور أكثر من 40 يوما على بدء سريانها وبقاء 20 يوما فقط من المدة الأصلية لها إذا لم يتم تمديدها دون أي تقدم جوهري في بنودها.
ويقرأ المتابع لتصريحات القادة الحوثيين في سلطنة عمان وفي صنعاء وصعدة، أن التعامل الحوثي مع الهدنة الحالية يقتصر فقط، على تهدئة العمليات العسكرية ضد السعودية والتحالف، سواء في العمليات الجوية أو البحرية أو العابرة للحدود، عكس تعامله مع الحكومة والقوى المناهضة له في إطارها.
ويفسر مراقبون ومسؤولون يمنيون السلوك الحوثي بأن الهدنة قبل بها الحوثي مرغما وفقا لأوامر إيرانية بحتة تخص مصالح طهران في الملف النووي، ونفوذها الاقليمي ورؤيتها لمستقبل مصالحها.
وأيا كان ما يقوله الحوثي وقادته مثل محمد عبد السلام تاجر النفط الأكبر بالقوة، وعبد الملك العجري، وحسين العزي، ويوسف الفيشي، وحتى عبد الملك الحوثي نفسه، فإن الجماعة الإيرانية تعمل بجد على مسارين: الأول تثبيت الهدنة مع التحالف بما يؤدي إلى تحييد طيران التحالف العربي وإبعاده عن ساحة المعركة في اليمن ضد إيران سياسيا وعسكريا واقتصاديا، باستمرار التزام المليشيا أو امتناعها عن تنظيم هجمات ضد التحالف برا وبحرا وجوا.
بينما تنتهج مسارا ثانيا ضد القوى اليمنية في إطار الحكومة يقوم على استئناف العمل العسكري والهجوم بقوة هائلة ضد مراكز الثقل العسكري للمقاومة في مأرب وتعز وشبوة.
يشير تعطيل مليشيا الحوثي للبنود المتعلقة بمطار صنعاء الدولي، في الهدنة الأممية، وامتناعها عن رفع حصارها المفروض على تعز والمحافظات الأخرى، إلى تحويل الهدنة الأممية إلى نقطة لعزل التحالف عن ساحة المعركة، مع تحميل الحكومة والتحالف معا مسؤولية انهيارها على مستوى الجبهات الداخلية.
غير أن المليشيا تواجه عقبات كثيرة هذه المرة في خطتها العسكرية للهجوم العسكري على معاقل المجلس الرئاسي، أهمها العامل الإيراني الذي خاض جولة خامسة مع السعودية في بغداد، بالإضافة إلى تنامي الغضب الشعبي في صنعاء والمحافظات الأخرى التي تحتلها إيران ضد الحوثة، الرافضة للتعامل الحوثي مع الهدنة على مستوى الداخل، والمحتجة على ارتفاع الأسعار، وانكشاف الحرص الحوثي فقط على مسألة الوقود دون غيره، والصراعات الداخلية بين فرقاء الجماعة المتنازعين بسبب الهدنة.
بالإضافة إلى ذلك، فإن العامل العسكري في موقف الحكومة ما زال متماسكا ميدانيا كما كان قبل الهدنة، وتأثير فشل ثلاث سنوات من الهجوم الكبير على مأرب، والهزيمة الساحقة في شبوة، وتشكيل المجلس الرئاسي في عدن، يعملون معا على تأخير النقض الحوثي الصريح للهدنة أو عدم تمديدها، والأهم من ذلك كله أن بند سفن الوقود التابعة لقيادة الجماعة نفذ تماما كما هو مخطط له، ودخلت السفن الحوثية إلى السوق السوداء المحلية بجرع إضافية كما هو في مسودة اتفاق الهدنة.
اقراء أيضاً
كيف يهزم العصيان المدني الحوثيين؟
تهديد الحوثي ككلب بلا أنياب
كي لا يخطف الحوثي المبعوث الأممي