في كتب التاريخ اليمني، تبرز دول سبأ ومعين وحضرموت وقتبان وأوسان، وحتى حمير في عز قوتها، كانت تلك الدول اليمنية شرقية، تأسست معين في الجوف في خب والشعف ورملة السبعتين، وبراقش، وكانت سبأ في صرواح ومأرب، وقتبان وحضرموت في شبوة وتمنع وهجر، وكذلك أوسان، كان الماضي اليمني شرقي النشأة ويتوسع إلى كل اليمن حتى أقصى نقاط الغرب والشمال.
كان ذلك تاريخا يمكن الاعتماد عليه وبمجرد استشعار الهوية اليمنية خطر المحو والوجود الذي جاءت به الإمامة الهاشمية، استُفِزت الهوية اليمنية والكرامة، وهب أحفاد التبابعة والمكاربة إلى إعادة الحق إلى نصابه.
صدوا الحملات الحوثية الإمامية في 2015 حين سقط اليمن الغربي كاملا من أقصى نقطة في الشمال إلى أبعد نقطة في الجنوب في جزيرة ميون، حافظوا على جمهوريتهم وأرسوا مداميك الدولة وهي في أوهن مرحلة من الضعف. لكنهم قاموا وقاموا وأعادوها رغم أن من يرأس الحكومة اليمنية أضعف حاكم يمني على الإطلاق في العصر الحديث.
عادت الإمامة مرة أخرى في 2020 وحاولت كما في المرة الأولى الذهاب إلى الشرق، حيث تعرف أن هناك من يكسر أسطورتها، ويحطم دولتها ويقطع شرايينها، عاد الجيش الذي وصف بكل صفات الضعف، والمخذول بكل أنواع الخذلان، عاد بعد هزيمة لم تستمر عدة أشهر، هاهو الجيش من الشرق يطرق أبواب الحزم، لم تتجاوز فترة الهزيمة ستة أشهر، كما حدث تماما في السقوط الأول حين سقطت الحزم في مايو وعادت في يناير، هاهي الآن تعود في أكتوبر بعد أن سقطت في مارس.
بتكتيك عال واحترافية مشرفة وإيمان صادق وتضحيات جسيمة يطوق الجيش أبواب الحزم ومعها سيحرر مفرق الجوف ويزيل الأخطار عن مأرب من الجهة الشمالية والغربية، وسيحرر كل ما دنس برجس السلالة والإمامة.
ثمة شيء آخر يمكن أن نقول عنه بثقة، سقطت صنعاء وعدن وتعز أبرز الحواضر اليمنية في العصور المتأخرة حتى اليوم، أو هكذا كان ينظر إليها في أعين الشعب والتاريخ الحديث، لكن الحقيقة التي تجلت مؤخرا أن الكرامة والذات اليمنية التي لم تدنسها صراعات الإمامة سابقا والحكم الملكي بغطاء الجمهورية وخصومات الأحزاب والفساد والإفساد والولاءات الخارجية في شبوة ومأرب والجوف وشرق اليمن عموما، نصرت الجمهورية وأعادت الاعتبار للشعب والجيش والمقاومة.
بينما استسلمت صنعاء وتعز وعدن لنخبها التي تركتها فريسة سهلة للصراعات العبثية، ومشاريع النخب الانتهازية. لكن الأمل يتخلق من جديد بإلهام من تاريخ اليمن العريق لأن تلحق هذه المدن باليمن الكبير، وما ثورتي سبتمبر وأكتوبر عنا ببعيد.
اقراء أيضاً
كيف يهزم العصيان المدني الحوثيين؟
تهديد الحوثي ككلب بلا أنياب
كي لا يخطف الحوثي المبعوث الأممي