المثل الشعبي مشهور طبعا عن الثعلب (يسمى في كثير من المناطق عسيق) أنه يعمل ما يريد ويتخذ من نفسه شاهدا على صحة أفعاله وأقواله. ومع أن قصة العسيق كانت رمزية إلا أنها صارت حاليا واقعا تجسده شركات الصرافة.
استند بنك الكريمي أحد أكبر البنوك العاملة في اليمن بمجال الصرافة إلى فتوى موظفيه بأن دفع الفارق بين قيمتي العملة القديمة والجديدة في حال التحويل من مناطق سيطرة الحوثي إلى مناطق الحكومة ربا محرمة شرعا، لكنه أباح لنفسه خصم ذات المبلغ في حال المبلغ من عدن إلى صنعاء.
وبغض النظر عن مضمون الفتوى ومدى حجيتها وصحتها وطريقة نشاطها من هيئة موظفة عاملة لدى البنك تهتم بمرتباتها قبل فتاويها فإن البنك ارتكب سلسلة من المخالفات القانونية الخطيرة وكذب بشأن أخرى.
نذكر على سبيل المثال أنه في الأشهر الأخيرة الماضية خصم نسبة 30% من خدمات تسديد الاتصالات والانترنت، وتحجج بأن الاتصالات والانترنت (مقرها صنعاء) لا تريد إلا أموالا جديدة، واستمر عدة أشهر، لكن وزارة الاتصالات هناك كذبت الكريمي ونفت صحة تصرفاته، الأمر الذي جعل الكريمي يتراجع عن هذا الإجراء خلال الأيام القليلة الماضية وفقا لمتعاملين مع تطبيق الكريمي جوال.
وعلى أي حال، فإن البنك الذي يسمى نفسه "الإسلامي" ارتكب سلسلة من المخالفات تؤدي وفقا لقانون البنوك اليمنية إلى مصادرته وإيقاف عمله استنادا إلى سلسلة من المخالفات التي ارتكبها وقانون البنوك.
حيث ينص قانون البنوك اليمني في باب التصفية ووضع اليد وإعادة التنظيم بالمادة (37): بند 1- فقرة د - إذا تكررت مخالفاته لأحكام هذا القانون بشكل يهدد مصالح المودعين. والنص هنا واضح فآلاف وربما عشرات آلاف المودعين تضررت ودائعهم عند أي عملية تحويل ونقص من أموال ما يزيد عن 30% من قيمة التحويلات.
وعودا إلى فتوى موظفي الكريمي فإن الفتوى أقرت بأن قيمة العملة واحدة، سواء كانت طبعة جديدة أو قديمة، وهو اعتراف يدين إجراءات الكريمي التي تنهب أرزاق الناس وأموالهم، وبأنها تفتقد لأي أساس قانوني.
الأمر الآخر؛ أن ما ينظم عمل الكريمي والبنوك والصرافة هو القانون وليس موظفي البنوك، مهما كانت صفتهم الوظيفية، ولا يحق للبنك إضفاء المسحة الدينية على إجراءاته فالقانون اليمني وفقا للدستور مستمد من الدين نفسه، ولذا هذه المغالطة عليه أن يدفع ثمنها بعدم احترام قانون الدولة.
وقد حدد قانون البنوك بشكل واضح حالة أخرى لسنة 90 و95 والتعديلات اللاحقة عليه المخالفات التي يتوجب على البنك المركزي اتخاذ الإجراءات العقابية بحق البنوك مثل:
مادة (43): يحق للبنك المركزي وبموافقة مجلس إدارته أن يضع يده على أي بنك عامل في الجمهورية وذلك في الحالات التالية:
أ - إذا عجز عن التقيد بأوامر وتعليمات مجلس إدارة البنك المركزي وسياساته.
هـ - أن يكون البنك قد خالف أياً من أحكام هذا القانون أو أنظمة البنك المركزي.
وبلا شك فإن بنك الكريمي قد ارتكب عدة مخالفات أبرزها خصم أكثر من 30% من قيمة الحوالات، ورفض التعامل بعملة وطنية صدرت عن الدولة، وكان الأحرى به أن يمتنع عن العمل عند منع تداول العملة الجديدة، واستناده إلى قوة الحوثي في صنعاء يجعل منه شريكا في الانقلاب على الدولة وشريكا في ضرب اقتصاد البلد وتدمير أسس الدولة ونظامها المالي ومرتكزاتها الأساسية.
وحتى قبل هذه المخالفات ثبت في تقرير فريق خبراء لجنة العقوبات الدولية اشتراك الكريمي في عدة عمليات مصرفية نتج عنها أرباح بالمليارات تعامل بها مع موظفين في البنك المركزي وربح من خلالها مليارات الريالات في غضون 4 أيام فقط في شهر نوفمبر 2018م.
ثم إن الكريمي خالف عقده مع المودعين لديه بإلغائه من جانب واحد ميزات اتفق عليها مع العملاء والشركات ثم بدا له أن السوق فوضى ولا دولة لأحد عليه، ومع سيطرة المليشيات وأمراء الحرب على السوق اندمج معهم وكل في فلكه يسبح.
اقراء أيضاً
كيف يهزم العصيان المدني الحوثيين؟
تهديد الحوثي ككلب بلا أنياب
كي لا يخطف الحوثي المبعوث الأممي