حين آمن الضباط الأحرار قبل الثورة، لم يحسبوا شيئا من مصالح القوة والمادة، ولم يعيروا حسابات الربح والخسارة شيئا، واستعدوا للموت في سبيل الكرامة والحرية، في سبيل الحق والعدل، في سبيل اليمن.
من هذا الإيمان انطلقوا، وأنتجوا الأدوات والآليات، وفجروا البعثة اليمنية يوم السادس والعشرين من سبتمبر 1962م.
ما نراه اليوم بعد هزيمة الجمهورية في صنعاء، واندلاع المقاومة الشعبية، هو جندي يحمل روح سبتمبر، يشعل النار في وجه الإمامة ويدك متاريسها ويقدم روحه ثمنا لحريته، لكن الجندي المقاوم في وجه الإمامة الحوثية الذي يقاتل بسلاح تنقصه الذخيرة، ويقتحم حقول الألغام، ويقدم روحه رخيصة من أجل الجمهورية اليمنية، ليس هو القائد كما كان ثورة سبتمبر، ولذا تذهب التضحيات هدرا، ونرى الإمامة تتوسع ولا تتقلص.
السبب في ذلك أن الجندي المقاوم في الميدان ضد الطغيان الإمامي، لا يقاوم القيادات الفاسدة، التي لا تراه إلا جنديا يخدمها بدون مقابل، لا تراه إلا مشروعا تتاجر به؛ سواء براتبه أو بذخيرته وغذائه، وأحيانا تتاجر بجراحاته.
آلاف الجنود جرحى، وآلاف مثلهم في الجبهات على خط النار، بلا مرتبات، وخلفهم قادة يدوسون الجمهورية اليمنية باسمها، ويخدمون مشروع الإمامة ويعادون سبتمبر باسمه. قادة لا نراهم في ميادين العمل ولا الجبهات ولا التدريب، نراهم في العواصم والحفلات وقد توردت خدودهم وكبرت كروشهم.
الخطأ يقع على عاتق الجندي الذي لا يرى خدام الإمامة بجانبه، والعجب أن يرى الجندي زميله جريحا ويتركه ينزف دون أن يفعل شيئا كأنه لا يعرف الحق والقانون، وفي المقابل نرى القادة لو أصيبوا بكحة وسعال يذهبون إلى الخارج للعلاج.
إن الجمهورية لن يعيدها إلا جنود مخلصون مؤمنون شجعان يدكون الفساد في أوكارهم ويحرقون النار في عناصر الحوثيين، أي في مواجهة الاثنين معا.
إن أسخف شيء في الحروب هو الاستسلام والخذلان والهوان بمبررات فقدان الأسلحة، والركون إلى التحالف لتحرير اليمن.
إن لم يقض الجند على قادة الفساد فلن تقوم لليمن قائمة، ولن تكون للتضحيات معنى، ولن ترى الجمهورية النور وستنتصر الكربلائيات والإمامة على سبتمبر.
اقراء أيضاً
كيف يهزم العصيان المدني الحوثيين؟
تهديد الحوثي ككلب بلا أنياب
كي لا يخطف الحوثي المبعوث الأممي