عاشت تعز وأبناؤها مراحل تحد طويلة وعريضة وخاضت مع مستنقعات الموت وكمائن العدم ملاحم كبيرة فلاهي اندثرت وطويت ولا ملت منها مخالب الموت التي لم تنس يوما صقل شفراتها المتعددة. ولم تترك لتعز لحظة سكون لتستريح من ويلات المواجهة الدائمة لإعادة تأهيل أحلامها وجلي آلامها. فتعز في ترميم مستمر لذاكرة آمالها وتضميد جراحاتها. هكذا هو قدرها وسيرتها المربكة.
ضلت تعز هدفا وغاية مرة لأعدائها القدامى الجدد ضباع الحوثية الإمامية المتخلفة وإرهاب السلالة البليدة فتستبدبها قتلا وتشريدا وحصارا وسجون تعذيب وترويع !
تبقى تعز في الوقت نفسه حلبة صراع للتيه والبطر والصبيانية والأيدلوجيات الماضوية المهترئة وكل ما يدير ويسيطر على ذهنيات بعض أبنائها العصاة ممن حملوا رايتها وادعوا عشقها وحمايتها كنقطة انطلاق نحو آفاق اليمن الكبير الفدرالي، ثم في لحظة فارقة سوداء تتقزم الجمهورية ويضيق أفق الوطن حتى يصير مجرد قرار تعيين أو نقطة تحصيل وحينا يختزل الوطن بقرية أو بعائلة أو بشخص أو بجنرال !
هكذا يغدر بالوطن ويغتال أكثر من مرة وتنتهك قدسية الجمهورية وحصنها الخالد برصاص البعيد وبخناجر القريب ذات الدفع المسبق في أسواق البيع المفتوح بلا شروط وبأيدي اللصوص الطويلة والمعمرة التي لم تشبع من نهب موارده، ولم تتخل عن الاستئثار بكنوزه وهدايا أرضه وكرم غيماته وثمار آياته، ثم لم يستطع هؤلاء اللصوص أن يستروا عوراتهم وأن يكفروا عن ذنوبهم بتقديم شارعين نظيفين جميلين للناس في هذه المدينة فضلا عن أمور أخرى أكثر أهمية.ويصير حاضر الوطن بهذه الصورة قريبا من النعش دون موت أو حياة ولا مكان ولا أمل للتفكير بمستقبله ..
إن قضايانا المصيرية وخصوصا في تعز صارت مائدة للاسترزاق ونافذة للخيانة والكسب والتسول المخزي والبيع الرخيص الذي وصل حد التفكير بمحو جزء كبير من خارطتها الجغرافية والسياسية مقابل الخبز وإشباعا لشهوة الحقد واطفاء لجحيم الانتقام وحينا ردة فعل فشل متراكم لدى أشخاص وجماعات لا أثر لها في التاريخ القديم ولا الجديد.
هكذا هو حال تعز الأمس واليوم تضيع بين ضباع الغول والمغول إلا أن الضباع تناسلت وتكاثرت وكبرت مخالبها واتسعت أمعاؤها اليوم فلا تشبع من دم ولا ترق لآهة وعبرة ولا ترتوي من نهب ولا تتوب من غدر وبيع.وكما علمنا التاريخ أن بكتيريا الداخل تتحول إلى جراح ثم ورم خبيث ثم يكون الجسد كله رهن الموت ينتظر ساعة الصفر فلا حلول معجزة ساعة إذ سوى العزم على تشكيل جبهة داخلية تعمل كمنظومة دفاعية توقف قذائف لصوص الموارد والاعتمادات والمنظمات وتقطع أيدي الغدر والاسترزاق بصورة عاجلة دون تأخير أو تسويف شأنها شأن جبهات الردع الوطنية التي تصد زحف المليشيات الحوثية.
الجمهورية مهددة من قبل عصابتين لهما تاريخ طويل سيء عصابة داخلية قريبة من تفاصيلنا تلبس رداء الوطنية وتتشدق بالمدنية وتستهلك الموارد وتنهب خيرات المدينة وتغدر بالأرض والإنسان وعصابة فاشية بعيدة عن أحلامنا وأفكارنا نهجها الموت وعقيدتها العدم وكلاهما سلاح تدمير لاستئصال جمهوريتنا ووأد أحلامنا وتضحياتنا الجليلة عبر التاريخ فهل من مدكر..؟!
اقراء أيضاً
الموت المتفشي بالمجان منتج "حوثي"