إجبار كتائب أبي العباس على الخروج المدرع والمقنع ليلة 27 من إبريل 2019 م من مدينة تعز القديمة إلى الكدحة لها حكاية لا يمكن تجاهلها كي ينساها الحدث الساخن الذي تديره اللجنة الأمنية كجزء من مهمة أمنية رسمية لأن للكتائب وجهة نظر أخرى لتقدير الموقف، فهي ربما وافقت تخت ضغط عال مسنود بقوة الحملة الأمنية والتي تستمد قوتها رسميا وتجهيزا وشعبيا لاعتبارها الموضوعي أشبه بمجلس تعز العسكري في ظل غياب المحافظ النبيل شمسان، وهو ما دفع بالكتائب لارتكاب حماقات كانت نتاجها الطبيعي "أووووووت من تعز".
وهو ما حصل فعلا حيث بات من المهم أن يغادر الحمقى ليسلم الأبرياء من حماقتهم، بل من استهتارهم بالمؤسسات الرسمية وخروجهم عن القانون الذي هو بالأساس مكن لهم وأعطاهم حق التموضع في كل شبر من "المدينة القديمة" على اعتبارهم جزء من أجزاء المقاومة الشرعية ضد مليشيا الانقلاب الحوثي ومخلفاته.
احتاجت "الكتائب" في لحظة ما لتمثيل نفسها ودورها في مسرح عملياتها القتالي "كمقاومة شرعية" بعيدا كل البعد عن أي تأثيرات لوجستية تدار من خلف ستار الوهم العابث بالجميع بما فيه "الكتائب" نفسها فهي اعتقدت أن ترتيبات الضابط الأجنبي وتوجيهاته إضافة للمليشيات المفسبكة بصورة تحريضية جدا ستشكل لها قوة ضاغطة أو ضاربة بقدر ما قدمتها للرأي العام عموما كقوى انكشارية "حمقى" وهي الصورة التي لا تختلف عن تقييم اللجنة الأمنية أنها كذلك وثالثة الأثافي رعايتها وحمايتها واحتضانها لأغلب المطلوبين أمنيا وزد عليه رفضها التعامل مع جهات الضبط الرسمية المتمثلة "بالحملة الأمنية" وخروجها دون وعي عن القانون وهذا لا يختلف عليه اثنان أو ثلاثة أو عشرة.
أن تغادر هذه "الكتائب" المشهد إلى "الكدحة" ربما سيشكل فارقا لفرض هيبة الدولة في كل مربعات مدينة تعز، لكن سيبقى ما وراء الكدحة ما وراءها في أي لحظة وهذا غالب الظن فهي قد هدأت قرابة نصف شهر لتفجر الموقف في ساعة غدر ضد الحملة الأمنية التي لم تكن عاجزة تماما عن استيعاب الموقف ذاته بعد أن تفهمت تصلب "الكتائب" ورفضها تنفيذ مقررات السلطة المحلية واللجنة الأمنية ولجان التفاوض ومختلف الوساطات.
وهو الأمر ذاته سيتكرر ربما بعد حين ولحظة سهو أمني لتغير على كل شيء آمن في تعز كردة فعل هي الأكثر غباء في تاريخ هذه العصابات التي تربت على الانتقام كنوع من إثبات الوجود طالما هي تكفر بالعمل المدني وتبطن رفضها للتعايش وقبول الآخر وتقبل فكرة سيادته لأنها لا تزال تعيش أزمة الأمير فقيه الحرب والمحراب وحرب العصابات وتصفية خصومها وفق مقررات أصولية تتحكم بها قناعات ومزاجات شخصية لم تر النور يوما وإن لمعتها ثمة مكونات سياسية فقط لتوظف وجودها المتعنت وتستثمر قوتها المتحفظة لأغراض هي الأكثر دناءة في الواقع.
للعودة لأبي بصير وهو الشاهد بعد صلح الحديبية كقصة معروفة بالتاريخ الإسلامي والذي شكل له عصابة انكشارية من مجاميع الهاربين من قريش إلى الإسلام لكن نصت مادة في صلح الحديبية بعدم استقبال أي فار قرشي في مدينة المهاجرين والأنصار ما اضطره إلى تقوية نفوذه في طريق قوافل قريش وقيامه بالتقطع لها الأمر الذي زعزع الكيان القرشي واعتباره خطرا لا يقل عن اجتياح جيش المسلمين حاضرة القرشيين مكة.
وهذا مشروع لا شك أن أمير كتائب الملثمين "عادل عبده فارع" يهيئ لهكذا نفوذ من "الكدحة" التي ضاقت به وكتائبه ذرعا منذ سنوات لأنه أوقف الحرب فيها جملة وتفصيلا برغم أن ما بينه وبين الحوثيين أقل من المتوقع ولا يكادون يبينون لقلتهم حد الهزيمة، ولكن شاءت "الكتائب" إلا تجميد الجبهة لغرض في نفس الأمير المدلل لضباط الإمارات تحديدا لاعتباره رأس حربتهم في تعز مدينة ومحافظة.
اقراء أيضاً
حين تنتحر أمجاد الحروب
زملاء في قبضة الإرهاب