خلال الأسابيع والأيام الماضية صرح محافظ البنك المركزي محمد زمام عن تجميد البنك المركزي البريطاني لحساب البنك المركزي اليمني وأمواله وقدم أسئلة واشتراطات تفقد البنك اليمني استقلاله وتنتهك قوانينه. وقدم المبعوث البريطاني غريفيث ورقة لقيادة البنك المركزي اليمني فيها مطالب غير قانونية وتتجاوز عمله كمبعوث أممي.
وفي الرياض التقى وزير الخارجية البريطاني جيمي هينت قادة السعودية كما التقى قادة الإمارات في أبو ظبي لاحقا توجه إلى طهران، بينما تقدم بريطانيا مشروعا لمجلس الأمن يقضي بوقف الحرب في اليمن، بناء على نتائجها الميدانية الحالية (أي وقف العمليات العسكرية للتحالف العربي وليس الحرب الأهلية وإنهاء الانقلاب).
لفهم الموقف البريطاني ينبغي تذكر الدور البريطاني في تأسيس الدولة الوطنية العربية وما ترتب عليها من نتائج ومشكلات. وهي المشاكل التي نتجت عن اتفاقية سايكس بيكو البريطانية الفرنسية وهي من أنشأت الدولة الوطنية القُطرية العربية وهندست حدودها بالشكل الذي يؤدي إلى صراعات مستمرة في معظم بلدان العالم العربي، وهاهي اليوم تعود بقوة إلى هندسة الدولة القُطرية وتفكيكها بعد فشل الأنظمة التي أقامتها في احتواء النزاعات المحلية وبناء الدولة الوطنية الديمقراطية، وتجلى ذلك بشكل واضح بعد الربيع العربي.
الأخطر في الموقف البريطاني -المتماهي كليا مع المشروع الأمريكي- هذه المرة أن خصمها التاريخي فرنسا وألمانيا لا ينازعانها سيادة المشرق العربي، وهي تتصرف بأريحية كاملة، مع وجود العدو الإسرائيلي في قلب الأمة العربية ، وفي مشرقها يوجد المشروع الشيعي الإيراني.
ولم يكن من الصدفة أن جماعة الحوثي السلالية المسلحة خاضت أولى معاركها العسكرية في صعدة2004 بعد عام واحد من سقوط البوابة الشرقية العربية في العراق2003، بل من صميم الإستراتيجية الغربية والتي تشكل بريطانيا أحد أهم مهندسيها، وعلى هذا الأساس نفهم الدور البريطاني، على أنه يعتمد على الشيعة بشكل عام وعلى الإيرانيين بشكل خاص، بينما يعتمد الهلال الشيعي الإيراني على السيطرة على النفط العربي، وفقا لنظريات الحرس الثوري باعتباره يقع في مناطق الشيعة ،فيما تعتمد إيران على مليشيات عقائدية شيعية متحللة من أي التزامات تجاه رعاياها، وليس لها من نصيب من ثرواتها سوى رواتب زهيدة لعناصر المليشيات المسلحة أما الفائدة العظمى لإيران فتكون بالشراكة مع المصالح البريطانية وهي هيمنة إيران الإقليمية على المشرق العربي، فيما تكون المصالح البريطانية الهيمنة الكبرى في المنطقة العربية وانتزاع ما لم تنتزعه إيران، ومن ثم البدء في إعادة هندسة المنطقة العربية بشكل عرقي وطائفي وإثني وتهديد مكة والمدينة وربما وضعها تحت تصرف دولي أو هيئة تشبه الفاتيكان في روما.
وقد كان الشهيد القردعي -رحمه الله- قد لخص الدور البريطاني في اليمن مع الإمامة ببيت شعري يقول فيها:
قدهم على شور من صنعاء إلى لنـدن
متجاوبـة كلهـم سـيـد ونصـرانـي.
اقراء أيضاً
كيف يهزم العصيان المدني الحوثيين؟
تهديد الحوثي ككلب بلا أنياب
كي لا يخطف الحوثي المبعوث الأممي