ساعات قليلة فصلت بين قرار الرئيس هادي تعيين معين عبدالملك رئيسا للحكومة ونشْر موقع بزفيد الأمريكي تحقيقا استقصائيا عن الاغتيالات في عدن.
التحقيق كشف جزءا من بداية حكم الرعب في عدن على يد الإمارات، حيث استند الموقع إلى شهادات لمرتزقة أمريكيين يقودهم مرتزق يدعى أبراهام جولان عبر شركته المسمى "الرمح".
على مدى سنوات مضت لم تتطرق الحكومة أبدا إلى عمليات الاغتيالات سوى في بيانات هزيلة ولم تشرع فعلا في أي تحقيقات تمكنها من الوصول إلى حل أي قضية من قضايا الاغتيالات.
جاء في ديباجة قرار إقالة بن دغر أنها فشلت في وقف التدهور الأمني والاقتصادي، ومن المهم جدا للحكومة أن تستند على هذه الحيثيات للشروع فورا في فتح تحقيق جاد عما ورد في تقرير بيزفيد نيوز الأمريكي والاستناد إلى تلك المعلومات والشهادات لبدء التحقيق.
أبجديات التنمية والنهضة والاستقرار تقتضي تحقيق أمن يضمن للناس سلامتهم مهما كانت توجهاتهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. تثبيت الأمن يعني أن الخلايا الإجرامية ستصلها يد العدالة وستردعها وفقا للقانون النافذ.
فرض الأمن لا يأتي بكثرة الجنود في الشارع، كما هو حال عدن الآن التي تكتظ بقرابة خمسين ألف مجند وتشهد عمليات اغتيالات مستمرة، بل بفرض هيبة الدولة والهيبة تأتي بتصميم الدولة وأجهزتها الأمنية والقضائية على الوصول للجناة والمجرمين مهما كانت قوتهم، حتى لو عجزت عن القبض عليهم فيكفي مؤقتا ومرحليا أن تشير إليهم كمجرمين. والتحقيق الأمريكي فرصة مناسبة لفرض هيبة الدولة.
وعليه سيكون الاختبار الحقيقي أمام رئيس الحكومة وأمام هادي نفسه هو تشكيل لجنة تحقيق على أعلى المستويات تبدأ في التحقيقات بقضايا الاغتيالات التي ذهب ضحيتها عشرات القادة السياسيين والضباط وأئمة المساجد انطلاقا من قضية عملية اغتيال إنصاف مايو الفاشلة.
إن مطالبة القوة الإماراتية في عدن الإدلاء بشهاداتها ليس أمرا مستحيلا، فتلك القوة جاءت بغطاء شرعي، ويمكن نزع الغطاء الشرعي عنها إذا رفضت ذلك كما يقول تقرير لجنة العقوبات الدولية. والقوة الإماراتية إذا كانت بريئة عن تلك الجرائم فستقدم شهادتها دون خوف ودون أن يكون ذلك انتقاص من كرامتها أو إهانة لها فالبراءة قوة، والجناية ذنب وخزي وذل وتهرب.
إن خطورة التحقيق الذي نشره الموقع الأمريكي بيزفيد نيوز هو أن بعض المستهدفين لم يكونوا محظوظين بحب محمد بن زايد ولي عهد أبو ظبي كما جاء على لسان المرتزقة الذين قالوا إنهم بعد مراقبة المطلوب قتله لمدة أسبوع أو أسبوعين يستطيعون من خلال تحركاته وتنقلاته الوصول إلى قناعة أن هذا الشخص ليس مجرما أو إرهابيا ولا يشكل أي خطورة ويتم قتلهم فقط بموقعهم غير الجيد في قلب محمد بن زايد. وهذا يعني أن عشرات القيادات السياسية والحزبية والمدنية والعسكرية هي في دائرة الاستهداف، فعلاقة محمد بن زايد محصورة بقيادات تنفذ أوامره وتشكل له المليشيات وتبرر توجهاته في اليمن. وهو ما يجعل الحكومة في حالة تأهب ونشاط مستمر لمنع اغتيالات جديدة وذلك لن يكون إلا بنبش القضايا الماضية التي للإمارات أو لغيرها دور فيها.
تحدي الاغتيالات ليس أخلاقيا فقط أمام هادي ونائبه ورئيس حكومته، بل واجبه الدستوري والقانوني أمام الشعب، ويمكن رفع قضايا ضدهم من الضحايا إذا لم يفرضوا الأمن ويردعوا مرتزقة القتل والاغتيالات، والتي تستهدف بدرجة رئيسية حزب الإصلاح، وقادة المقاومة والضباط وأئمة المساجد والمعلمين.
خلاصة القول إن موقف الشارع من هادي لم يعد محصورا برمزيته لشرعية الدولة، فهناك كثير من الشرعيات التي تسقط بفشلها في الحفاظ على مشروعيتها وشرعيتها، كما هو حال هادي وحكومته التي تتآكل شرعيتها يوما بعد آخر بسرعة رهيبة. والشارع الآن يئن تحت وطأة الاغتيالات وانفلات الأمن وسيطرة الفوضى، وهذا هو السبب الرئيسي في الأزمة الاقتصادية وكف يد الدولة عن بسط سلطتها في المناطق المحررة.
اقراء أيضاً
كيف يهزم العصيان المدني الحوثيين؟
تهديد الحوثي ككلب بلا أنياب
كي لا يخطف الحوثي المبعوث الأممي