قبل أسبوع، طرح مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية مكتب اليمن خطة استجابة عاجلة (طارئة) لإيواء وإغاثة 1.1 مليون نازح جديد متوقع وفق "أسوأ سيناريو" محتمل كنتيجة للتصعيد السياسي والعسكري في الساحل الغربي لليمن. تشير خطة الأمم المتحدة ف المسبقة بأنها أُعلمت مسبقا من قبل التحالف باتخاذ الاجراءات والخطوات من أجل الاستجابة الطارئة والإغاثة اللازمة والمتزامنة مع التصعيد العسكري الذي أعلن فجر اليوم باسم 'النصر الذهبي' لتحرير مدينة الحديدة وميناءها البحري.
تأتي أهمية الحديدة بأنها أولا، تملك المحافظة اليمنية ذات الشاطئ الأطول على البحر الأحمر. ثانيا، بأن اليمن تعتمد على 90% من الواردات الخارجية لتغطية الاحتياجات الأساسية، ويعد ميناء الحديدة الشريان الرئيسي لإنزال شحنات البضائع والسلع الرئيسية والاساسية لليمن، حيث تصل 80% من السلع عبر هذا الميناء الواقع على البحر الأحمر. لذلك ولأسباب أخرى لا يخفى السياسي منها من الإنساني؛ ظل الضغط قويا من قبل الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والمجتمع الدولي على التحالف والحكومة الشرعية بعدم التقدم نحو مدينة الحديدة طول العامين الماضيين، بدعوى أن هذا الأمر سيؤدي إلى إغلاق هذا الميناء مما سيعني تفاقم الأزمة الإنسانية ونقص حاد في الواردات من السلع الأساسية وارتفاع الأسعار المرتفعة أساسا.
ظل الوضع كما هو بين شد وجذب بين التحالف والشرعية من جهة والأمم المتحدة والمجتمع الدولي من جهة أخرى، رغم دخول الميناء في حالة توقف أكثر من مناسبة ولفترة تصل لأسابيع من قبل التحالف الذي يتهم مليشيات الحوثي باستخدام الميناء لتهريب الأسلحة الإيرانية ويتهم الأمم المتحدة في التقصير كونها تعرقل أي تدخل لتحرير المدينة ومن ثم الميناء. رغم أن هذا الحظر الذي تعرض له الميناء لم يتزامن مع تصعيد عسكري نحو مدينة الحديدة إلا إنه أدى إلى ارتفاع جنوني في الأسعار وصل إلى 20% للمواد الغذائية في آخر إغلاق تعرض له قبل عدة أشهر. وأضطر التحالف لفك الحصار على الميناء بعد عدة أسابيع تحت الضغط الشديد من قبل المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية.
غير أن ما يزيد المعاناة لليمنيين هو بقاء الوضع الحالي كما هو دون تغيير وانتهاء الحرب بالحسم العسكري بعد أن وصلت الجهود السياسية إلى طريق مسدود وانسداد أفق الحل السياسي. تفاقم الوضع الإنساني ليس مرتبط بإيقاف مؤقت لميناء الحديدة نتيجة معارك عسكرية تنتهي بسيطرة قوات الشرعية بل باستمرار اللامبارحة للوضع في اليمن. كل يوم يمر دون حسم الصراع يعني ازدياد أعداد الفقراء والمحتاجين وانتشار الأمراض والجوائح.
لا يمكن أن يظل الشعب اليمني معتمدا على الإغاثة والمساعدات الإنسانية إلى الأبد، خاصة أن الاحتياج في ارتفاع، حيث زاد عدد المحتاجين حوالي 15% في 2018 عن العام السابق 2017. كما أن جهود الأمم المتحدة والمنظمات الإغاثية مهما عظمت لا يمكن أن تغطي احتياج الملايين من الناس في كافة المجالات. مع العلم أن هذه المنظمات تعاني فجوة كبيرة في تمويل أنشطتها كما تعلن مرارا.
لذلك يفترض ألا يغدو مقبولا أن يصبح انتهاء هذه الحرب مرتبطا بعمل المنظمات التي أصبحت تهتم باستمرار عملها في الإغاثة وليس بإنهاء جذر المعاناة المتمثل باستمرار الوضع الحالي وتغيب الدولة في اليمن.
ينبغي أن ينتقل التفكير من الإغاثة والمساعدات إلى حلول دائمة تعمل على إنهاء المعاناة من جذورها وهذا الأمر لن يتم إلا بعودة الدولة لتسيير مصالح الناس والعمل على الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي. تحول الحديث عن الأزمة الإنسانية في اليمن من الحل الجذري بعودة الدولة إلى الحديث -فقط- عن العمل على وصول المساعدات جعل اليمن كأنها مجرد سوق للمنظمات الدولية التي تهتم فقط باستمرار نشاطها أكثر من اهتمامها بانتهاء معاناة الملايين من اليمنيين.
المقال خاص بـ "يمن شباب نت"
اقراء أيضاً
منحدر المجاعة في اليمن
جندرة الحرب اليمنية
بين الكنيسة الأوروبية و القبيلة اليمنية